الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجلالة في هذا المشروع الخيري، وقد امتد طبعه إلى تمام عشر سنوات ولم يكمل منه سوى أربع عشرة مجلدة.
وفي هذه السنة ارتفعت منزلة الوزير عبد الله بن سلمان بن حمدان لدى جلالة الملك عبد العزيز وذلك لقيامه بكل طلب يأتي من الملك لنفقات الحروب.
ذكر التقاء الملكين 1348 ه
ـ
لما كان ابن سعود قرب الحدود العراقية رغبت حكومة بغداد أن تنتهز الفرصة فتعمل على تأكيد الصلات بين نجد والعراق، فوسطت المندوب السامي لذلك، فكتب هذا إلى ابن سعود في 9 شعبان من هذه السنة يخبره عن رغبة الحكومة العراقية التي تؤيدها الحكومة البريطانية في عقد مؤتمر يجمع بين عاهلي العراق والمملكة العربية السعودية، ورجال الحكومتين والمندوب السامي نفسه في مكان محايد أو على الحدود ويخبره أن العراق مستعدة لأن يكون عقد المؤتمر في 20 رمضان سنة 1348 هـ، فوافق صاحب الجلالة السعودية ثم تلقى من المندوب السامي خطابًا يخبره فيه بأنه يقترح أن يكون الاجتماع في "الرضمية" المنطقة المحايدة بين العراق ونجد، فاعتذر ابن سعود ببعد المسافة بين المكان الذي هو فيه وبين المكان الذي اقترح فيه الاجتماع، كما اعتذر بقلة الماء في الطريق، ورأى أن يكون الاجتماع في الوفرة، المنطقة المحايدة بين الكويت ونجد، ومن السهل على الملك فيصل الوصول إليها بدون مشقة لأنه يستقل طائرة في رحلته تلك، فبعث فيصل إلى جلالة الملك عبد العزيز يدعوه أن يكون في ضيافته "بالرضمية" فاعتذر بلطف بمما اعتذر به من قبل، وقد كان كلا الملكين حريصًا على هذا الاجتماع الذي يستثمر منه الصلات وحسن الجوار ويمحق ما بالقلوب من ذكرى الحوادث القديمة، ثم لما كان في 25 من شعبان ورد ابن سعود كتاب من رئيس المعتمدين بالخليج العربي يقترح فيه أن يكون الاجتماع في البحر على باخرة بريطانية خارج المياه النجدية والعراقية، فأجاب إلى ذلك لسهولة الطريق وقرب المسافة، وتقرر أن يكون
الاجتماع في 20 من رمضان، وأخذ الملكان والمندوب السامي يستعدون لليوم الموعود بفارغ الصبر، لكن ابن سعود اقترح أن يعقد مؤتمر لتمهيد جو صالح للاجتماع والبحث في المسائل، فانتخب العراق وفدًا برئاسة "ناجي بك آل شوكت"" وزير الداخلية، وانتدب ابن سعود ثلاثة من خيرة رجاله وهم: حافظ وهبة، ويوسف ياسين، وابراهيم بن معمر، للمفاوضة والبحث، فاجتمع المندوبون في الكويت في 11 رمضان، إلا أن وفد العراق لم يفوض التفويض التام في البت في القضايا، فلم يكن الحل مستطاعًا، فعاد الوفد النجدي في 16 رمضان لمرافقة جلالة الملك ابن السعود وبقي ابن معمر في الكويت للنظر في المتخلفين من أتباع العصاة وتقرير ما يجب بشأنهم، وأمر ابن سعود بأن تقف الباخرة التي أعدتها بريطانيا لنقله إلى مكان الاجتماع في البحرين ليزودهم وكلائه آل القصيي كما تحتاج إليه من فرش وأثاث وأمتعة ومأكل ومشرب، فلما كان في الساعة الرابعة من 21 من شهر رمضان، ركب ابن سعود وحاشيته زورقًا بخاريًا من الجبيل إلى رأس تنورة انتظارًا للباخرة، وفي الساعة 8 قدمت الباخرة البريطانية "بتريك ستيورات" فاستقلها ابن سعود بحاشيته واستقبله قوادها استقبالًا حماسيًا رائعًا، وأطلقت المدافع تحية للملك العظيم وسارت على اسم الله إلى المكان المعد للاجتماع، وكان من المقرر وصول الباخرتين إلى الموعد في وقت واحد إلا أن أمرًا غير عادي آخر "بتريك" التي أقلت ابن سعود قليلًا، فوصلت في فجر اليوم 23 من رمضان وكانت الباخرة "نرجس" المقلة للملك فيصل "ولوبن" المقلة للمندوب السامي قد أخذتا مكانهما، وقد تسلم ابن سعود وهو بالباخرة برقية من المندوب السامي يدعوه فيها إلى تناول طعام الغداء على مائدته مع الملك فيصل بباخرته لوبن، فأبرق إليه بقبول الدعوة ودعاه إلى مأدبة العشاء التي سيقيمها لعاهل العراق، وفي الوقت المحدد للاجتماع ركب ابن سعود زورته ومعه يوسف ياسين، وحافظ وهبة، وفؤاد حمزة، وعبد العزيز القصيبي، ومدحت شيخ الأرض، وعبد الرحمن الطبيشي، حتى إذا دنا الزورق من لوبن رفع عليها علم المملكة العربية السعودية، وأطلقت منها المدافع تحيةً لعاهلها، فاستقبله
على سلم الباخرة المندوب السامي وقائد الباخرة ومن معهما استقبالًا حماسيًا، وإذ ملك العراق مقبل بزورته فرفع علم العراق العربي وأطلقت المدافع تحية له، واستقبل استقبالًا فخمًا ثم سعى كل من الملكين إلى الأخر وتصافحا وتعانقا ثم تبادلا ألفاظ التحية والمودة، وقدم الملك فيصل إلى الملك عبد العزيز رجاله وهم: ناجي باشا السويدي رئيس وزراء العراق، ومحمد رستم بك صدر رئيس ديوان الملك فيصل، والكولونيل "كورنوليس" مستشار وزير الداخلية، وتحسين بك قدري مرافق الملك، وقدم الملك ابن السعود رجاله المتقدم ذكرهم، ثم دخل الملكان البهو المعد للجلوس، معهما المندوب السامي ورجال الحاشيتين، وتكلم فيصل كلمة موجزة بليغة معربة عن شكر الحكومة البريطانية وفخامة المندوب السامي على هذا السعي النبيل، حتى كان هذا الاجتماع المبارك الذي يبشر بالتآخي بين الأمم العربية، ثم تكلم صاحب الجلالة عبد العزيز شاكرًا الحكومة البريطانية والمندوب السامي وقال:
إن الواجب على العرب وأمرائهم أن يسعوا سعيًا متواصلًا للإتحاد والاتفاق، ثم انبرى المندوب السامي للكلام وأعرب عن سروره وسرور الحكومة البريطانية بعقد هذا الاجتماع المنتظر من روائه كل خير للبلاد العربية، ثم رأى الجميع إخلاء المكان للملكين ليبث كل منهما ذات نفسه للآخر، فكان الوقت رائقًا ذهبت فيه آمال الملكين تمرح طربًا وابتهاجًا لكل منهما ابتسامة يعجب لها على ظهر الباخرة لوبن، ثم استدعيا السويدي، وكور نوليس، ورستم وحافظ ويوسف وفؤاد، واستطاع الطرفان في هذا الاجتماع بت المسائل المعلقة وإرجاء ما بقي إلى مندوبي البلدين، وبعد تناول المآدب التي كانت فيها الحفلات الأنيقة الجميلة لدى المندوب، ثم لدى جلالة الملك عبد العزيز، ثم لدى الملك فيصل، توادع الملكان وداعًا حارًا وافترقا، وفي نفس كل منهما شوق إلى الآخر وإكبار له واعجاب به، وبقي وفد نجد ووفد العراق حتى صلاة العشاء الأخيرة يتناقشان في المسائل الهامة ثم افترقا، إلا أن الوفد السعودي كان مسرورًا بموقف رئيس وزراء العراق ناجي باشا السويدي