الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بضرورة عدة طائرات كما قد أقنعه بلزوم شراء مكنات لحفر الآبار وغيرها من الأمور التي تعود بكثير من الفوائد على الجزيرة وسكانها، ولضرورة الحكومة إلى المصالح اشترى صاحب الجلالة فعلاً بعض الطيارات في هذه السنة، كما أخذ ينتفع بكثير من المخترعات الغربية، ثم إنه أرسل ابن سعود بعد رجوع نجله فيصل بعض الشباب النجديين إلى لندن لدرس كيفية استعمال الراديو والتلفون اللاسلكي وغيرها، كما أنه أخذ يستعمل السيارات في قمع الثورات والقبض على اللصوص والمجرمين، مما زاد في استتباب "السلام في الجزيرة واطمأن الناس فيها على أنفسهم كل الاطمئنان، وهو شيء جديد لم تره الجزيرة قبل أيام ابن سعود، بل ولا في سالف الأعوام، وجعل في مكة محطة راديو للإذاعة بقوة ستة كيلوات، وهناك مثلها في الرياض، ولدى جلالة الملك عدة سيارات كبيرة تحمل التلغراف اللاسلكي، وكل هذه المكائن والمخترعات أصبح يديرها شباب من سكان الحجاز ونجد ومن الذين أرسلتهم الحكومة النجدية الحجازية إلى لندن فتعلموا استعمال هذه المخترعات وعادوا إلى بلادهم كموظفين لدى الحكومة وبواسطة هذا يستطيع ابن سعود أن يكون في كل مكان وأن يقمع الثورة عند ظهورها.
ذكر تأسيس دار الكسوة
لما كان في شهر محرم من هذه السنة، بل في مستهلها شرعت الحكومة السعودية في تأسيس دار الكسوة للكعبة المعظمة، وكان ذلك خشية من مضايقة الوقت بأن تكون الحكومة ساهرة عينها خشيةً من طوارئ الحكومة المصرية في منع الكسوة كما سلف منها، فصدرت الأوامر السعودية بإنشاء هذه الدار الخصوصية لعمل الكسوة، فقام وزير المالية مبادراً لتنفيذ هذا العمل مبادراً واختط لها موضع بحارة جياد، أمام دار وزارة المالية العمومية، فكانت مساحة الأرض التي أنشئت عليها تلك الدار نحو من 1500 متر مربع، وأخذ العمال يعملون بغاية السرعة، فتمت عمارتها في نحو ستة أشهر على دور واحد وعلى حسب المقتضى لعمل الكسوة
بغاية الإبداع والحسن، فكانت هذه الدار أول دار أسست خصيصاً لحياكة كسوة الكعبة المعظمة بمكة المكرمة في عصر جلالة الملك عبد العزيز، ثم صدرت إرادة الملك عبد العزيز المعظم بإحضار العمال اللازمين لحياكة الكسوة المشار إليها وعمل التطريز اللازم للحزام وستارة الباب وما يقتضي عمله للكسوة وتوابعها من بلاد الهند، فوصل العمال والأنوال من الهند في ابتداء شهر رجب من هذه السنة إلى مكة المكرمة بواسطة إسماعيل الغزنوي أحد علماء الهند ووجهائها وفضلائها مع الحرير والصباغ وكل ما يلزم لعمل الكسوة المذكورة، ثم صدر أمر صاحب السمو الملكي النائب العام لجلالة الملك المعظم، الأمير فيصل بن عبد العزيز بإسناد إدارة معمل الكسوة الشريفة إلى الشهم عبد الرحمن مظهر المترجم بوزارة الخارجية السعودية في ذلك الوقت ورئيس مطوفي الهنود حالاً، فقام المذكور بمساعدة وزير المالية عبد الله بن سليمان بإتمام بناء دار الكسوة، ولما تم البناء قام بترتيب رؤساء العمال الواردين لعمل الكسوة كلاً بحسب وظيفته، وكان عددهم عشرين من الخدم وأربعين معلماً، فمجموعهم يكون ستين شخصاً، ولما أن كان في نهاية شهر ذي القعدة من هذه السنة تم عمل الكسوة الشريفة على غاية ما يرام من حسن الحياكة وإتقان الصنعة، وكتب على الحزام الذي في أعلاها ما نصه:
هذه الكسوة صنعت في مكة المباركة العظيمة بأمر خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة العربية السعودية أيده الله تعالى بنصره سنة 1346 هجرية على صاحبها أفضل التحية وأتم التسليم، فلما كان يوم النحو وهو اليوم الذي تلبس به الكعبة ثوبها الجديد كسيت بها الكعبة المعظمة لا زالت تكسى عاماً بعد عام معظمةً بعز الإسلام، وظهرت عليها في غاية الحسن والجمال، وكانت محل إعجاب العموم ومفخرة خالدة لجلالة ملك المملكة العربية السعودية أدام الله رفعته وأعلى منزلته، وكان هذا بتوفيق الله له بحيث أنه صنعت بمكة المكرمة ولم يصنع قبلها في أم القرى منذ خلق الله الكعبة إلى ذلك اليوم، وقد حاز مدير معمل دار الكسوة عبد الرحمن مظهر جائزة سنية من الحكومة السعودية وشهادة تقدير على عمله ذلك.