الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستطاع عمل الكسوة في عشرة أيام حتى ولا في معامل أوربا وإنما هذا عمل مدبر وكانت هذه الكسوة من الحرير الأخضر قد صنعت بالأستانة في زمن خروج الأتراك من مكة وجعلوها بالمدينة المنورة إنتظارًا للفرصة صنعتها يوم كان عزمها لفتح مكة بمناسبة تأليف جيش الصاعقة الذي كان يأمل فتح ما سقط من الأراضي الحجازية وقد نشر الشريف حيدر الذي كان ابن عمه ينتظر فتح مكة المشرفة منشورًا طويلًا وكان قد منته نفسه بغرور من الأتراك أن يسترد إمارة مكة سنة 1336، وقد أخطأت الحكومة المصرية في استرجاع الكسوة والصدقات والأوقاف التي ليس لها تعلق بالحكومة ولا بالرضى والسخط كما قد أخطأت في استرجاع رجال المحمل بعد ما أحرموا ووالله لمما يذيب القلب حزنًا وأسفًا اتخاذ أعمال الحج ألعوبة كألاعيب الصبيان يلعب بها كل من أراد ذلك وإذا كان هناك سوء تفاهم ولم يوفق المقام لحل فلا ينبغي أن تحرم الكعبة ثوبها ولا فقراء الحرمين ما أعطاهم الله صدقة من الأجواد التي جعلت تصرف مصرفها فيا للجهالة العميا استرجاع ما ذكر لأجل التشفي من أمير مكة.
ثم دخلت سنة 1342 ه
ـ
في هذه السنة عمل الشريف حسين بن علي كسوة للكعبة من القيلان نسجت بالعراق وهذا إنما فعله احتياطا لما عساه أن جاء وقت كسوة الكعبة يوم عيد الأضحى ولم يحل الخلاف الواقع بينه وبين الحكومة المصرية وامتنعت من إرسال الكسوة أن يكسوها بها لكنها جاءت الكسوة في هذه السنة وبقيت كسوة القيلان محفوظة.
وفي هذه السنة خلطت المؤتمرات وحصلت المفاوضات في شأن السلطان بن سعود والشريف الحسين وذلك لما كان يرسل صرر الذهب من الأموال لديه لمساعدة رجال ثورته وبعث إلى جلالة الملك عبد العزيز بصرر منها وبعد ما فهم ابن سعود قصده وما يبيته له من الكيد وخاب كل تدبير يدبره له الحسين ولم تفلح حملاته عليه لجأ إلى الدسائس في استفزاز ابن رشيد واستنهاض آل عائض ثم أوعز إلى إبنيه في العراق وشرقي الأردن الرقيم أن يحرضا عليه القبائل الموالية لهما ويشن الغارات
على البلاد النجدية، فأقلق راحة ابن سعود من كل الجهات ولم يترك وسيلة إلا لجأ إليها هذا، وابن سعود يقابل أعماله بالسكوت والمجاملات الودية ولا تقابل مجاملات ابن سعود إلا بالرد الشنيع الازدراء فضلًا عن اضطهاد الشريف لكل من هو نجدي في بلاد الحجاز ومن يتحدث عن نجد وعن الإخوان عنده أو ذكر اسمهم فإنه يمقته أشد المقت مع نشره مسبتهم في جريدة القبلة، ولم يكتف حتى منع أهل نجد عن الحج وصدهم عن البيت الحرام الذي جعله الله للناس سواء العاكف فيه والباد، كأنه ملك له ولأبيه يفتحه لمن يشاء ويصد عنه من شاء، فأين الجلالة الهاشمية وما يدعيه ما بالها لا تعمل بالكتاب والسنة.
فلما أن ضاق نطاق أهل نجد عما يقاسونه من الأذى وكلت كواهلهم من حمل ما يكابدونه من الشقاء فزعوا إلى صاحب الجلالة السعودية وأبدوا بما عندهم قائلين يا الإمام ما على هذا من صبر فأذن لنا في الشريف لنغزوه في عقر داره، فجعل السلطان عبد العزيز يسكنهم ويعدهم بحسم الأمور بالوسائل السلمية قبل الالتجاء إلى امتشاق الحسام.
ولما كان في تلك الأيام ذهب جلالة الملك الحسين بن علي الشريف إلى فلسطين وشرقي الأردن وعمان ليشرف على جميع البلاد المقدسة ويزور الأماكن التي فيها مراكز للحكومة ويوطد السيادة العربية في الشرق العربي، هذا ما زعم برأيه وحدثته أمنيته به، وهناك ألزم أنصاره أن يبايعوه بالخلافة العظمى ليجعلها حجة في إخضاع ابن سعود وغيره من أمراء العرب، ولكنه بذلك جني على نفسه فأغضب العالم الإسلامي أجمع وعجل في القضا على مملكته وعلى نفسها تجني براقش، فلما رأى ابن سعود ما صدر من الشريف لم ير أن يقدم على إعلان الحرب عليه حتى يرى العالم كافة موقف الحسين السلبي نحوه فعقد مؤتمر الكويت في هذه السنة الذي كان يشبه مؤتمر صلح الحديبية وما أشبهه به إذا كان بين الفتحين ثلاثة عشر قرنًا وثلث وتذكره وإن كان قد اعترض لقصة الشريف.