المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بالمخترعات الجديدة وعقد المعاهدات مع الأوربيين وغير الأوربيين لأنهم بزعمه - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٣

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة 1340 ه

- ‌ذكر همة عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل

- ‌ذكر آل عائض وما جرى منهم

- ‌ذكر التعريف بعسير وجباله

- ‌ذكر هزيمة آل عائض

- ‌ثم دخلت سنة 1341 ه

- ‌ذكر مؤتمر العقير

- ‌ذكر ما جرى من أهل العراق ومن التجأ إليهم من العشائر

- ‌ثم دخلت سنة 1342 ه

- ‌ذكر مؤتمر الكويت

- ‌ذكر الخلافة وما استقبل به الحسين في عمان من الاحتفال

- ‌سنة الغرق في القصيم

- ‌ثم دخلت سنة 1343 ه

- ‌ذكر غزوة البلقا وما جرى للإخوان حين وصلوا أبواب عمان

- ‌ذكر فتح الطائف سنة 1343 ه

- ‌ذكر أعيان المقتولين في هذه الحرب العمياء

- ‌ذكر واقعة الهدى

- ‌ذكر خلع الحسين بن علي

- ‌أعمال الحزب الوطني وتدابيره

- ‌ذكر فتح مكة الرعب الذي ألقى الله في قلوب أهلها

- ‌الإشارة إلى الكتب المتبادلة بين الفريقين وجهود ضائعة

- ‌سفر الحسين إلى العقبة

- ‌ذكر سفر صاحب الجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى الحجاز

- ‌كيفية ذلك السفر الميمون

- ‌ذكر قدوم ابن سعود إلى مكة

- ‌ذكر الإشاعات المكذوبة على الإخوان قبل ذلك

- ‌أعمال ابن سعود لتموين مكة

- ‌ذكر المفاوضات بين ابن سعود ووسطاء الصلح

- ‌ذكر حرب جدة

- ‌الحكومة السعودية وإجراء تدابيرها للحرب

- ‌ذكر قوى الفريقين

- ‌ذكر وقعة المصفحات

- ‌ذكر الحرب والحصار للسواحل الحجازية

- ‌ذكر نقل الحسين بن علي من العقبة

- ‌ثم دخلت سنة 1344 ه

- ‌ أجابه ابن سعود بما نصه

- ‌ذكر عقد الاتفاقيتين وإبرام المعاهدتين

- ‌وهذه اتفاقية حداء وهي بين نجد وشرقي الأردن

- ‌المادة الأولى:

- ‌المادة الثانية:

- ‌المادة الثالثة:

- ‌المادة الرابعة:

- ‌المادة الخامسة:

- ‌المادة السادسة:

- ‌المادة السابعة:

- ‌المادة الثامنة:

- ‌المادة التاسعة:

- ‌المادة العاشرة:

- ‌المادة الحادية عشرة:

- ‌المادة الثانية عشرة:

- ‌المادة الثالثة عشرة:

- ‌المادة الرابعة عشرة:

- ‌المادة الخامسة عشرة:

- ‌المادة السادسة عشرة:

- ‌ذكر تسليم المدينة المنورة

- ‌ذكر ما جرى على أهل جدة من الضيق وانحلال الحكومة الهاشمية

- ‌ذكر ما جرى من التدابير بعد فتح جدة

- ‌ بلاغ عام

- ‌ذكر البيعة والنداء لابن سعود في العالم بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها

- ‌ثم دخلت سنة 1345 ه

- ‌ قد اتفق صاحب الجلالة ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود، وصاحب السيادة إمام عسير السيد الحسن بن علي الإدريسي على عقد المعاهدة الآتية:

- ‌المادة الأولى:

- ‌المادة الثانية:

- ‌المادة الثالثة:

- ‌المادة الرابعة:

- ‌المادة الخامسة:

- ‌المادة السادسة:

- ‌المادة السابعة:

- ‌المادة الثامنة:

- ‌المادة التاسعة:

- ‌المادة العاشرة:

- ‌المادة الحادية عشرة:

- ‌ اتفق حضرة الأمير "فيصل بن عبد العزيز" وحضرة "السر جلبرت كلايتون" على المواد التالية:

- ‌المادة الأولى:

- ‌المادة الثانية:

- ‌المادة الثالثة:

- ‌المادة الرابعة:

- ‌المادة الخامسة:

- ‌المادة السادسة:

- ‌المادة السابعة:

- ‌المادة الثامنة:

- ‌المادة التاسعة:

- ‌المادة العاشرة:

- ‌المادة الحادية عشرة:

- ‌ثم دخلت سنة 1346 ه

- ‌ذكر تأسيس دار الكسوة

- ‌ذكر ثورة الدويش وأتباعه من البدو المغترين

- ‌التعريف بالدويش

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌وفاة الأمير عبد الرحمن الفيصل

- ‌ذكر مؤلفاته

- ‌ثم دخلت سنة 1347 ه

- ‌ذكر تصميم صاحب الجلالة على القتال

- ‌ذكر وقعة السبلة سنة 1347 ه

- ‌ذكر انتفاض الدويش، عياذًا بالله

- ‌إضاءة المسجد الحرام بالكهرباء

- ‌ثم دخلت سنة 1348 ه

- ‌تنبيه

- ‌ذكر التجاء الدويش إلى الكفار وتشديد ابن سعود في طلبه

- ‌ذكر تحقيق الطلب والأتيان بالدويش وصاحبيه بالرغم من كل واحد

- ‌ذكر أشياء عجيبة وأمور غريبة في عدم قبول المخترعات الحديثة

- ‌وفاة أمير بريدة

- ‌ذكر التقاء الملكين 1348 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1349 ه

- ‌وفيها وفاة الشيخ سعد بن عتيق قدس الله روحه

- ‌ذكر مشايخه الذين أخذ عنهم

- ‌ذكر الذين أخذوا عنه من العلماء والأحبار

- ‌وممن توفى فيها من الأعيان الشيخ سليمان بن سحمان صاحب الردود والشعر الحسن رحمة الله عليه

- ‌ذكر ما جري عليه من الامتحان وثقته بالله الواحد الديان

- ‌ذكر مؤلفاته رحمه الله

- ‌ذكر تلامذته ووفاته

- ‌ثم دخلت سنة 1350 ه

- ‌ذكر ثورة الأدارسة وابن رفادة

- ‌ثم دخلت سنة 1351 ه

- ‌ذكرى القضاء على هذه الثورة وإخمادها

- ‌ذكرى ما لقيه وفد ابن سعود من الإهانة

- ‌ذكر من توفى فيها من الأعيان ففيها وفاة الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم

- ‌صفته وأخلاقه

- ‌ذكر شيء من أجوبته وفوائده

- ‌ذكر ورعه وزهده

- ‌ذكر أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وحلمه وعفوه وسعة رأيه

- ‌المملكة العربية السعودية علي أثر حادثة ابن رفادة وما صنعه المغرضون

- ‌الاعتداء على الحجر الأسود

- ‌ثم دخلت سنة 1352 ه

الفصل: بالمخترعات الجديدة وعقد المعاهدات مع الأوربيين وغير الأوربيين لأنهم بزعمه

بالمخترعات الجديدة وعقد المعاهدات مع الأوربيين وغير الأوربيين لأنهم بزعمه كفار، وكل معاهدة معهم موالاة يحرمها الدين، ونقموا عليه منعهم من الحدود الشمالية والعراقية أن يقاتلوا أهلها لما مضى من المعاهدات المتقدمة، فهذان أمران.

وثالثهما: أنه أدخل الأجانب على المسلمين مثل فلبي وغيره.

ورابعاً: اتخاذه المكوس إلى غير ذلك، ودين الدويش لا يقبل ذلك، ولقد استطاع أن يصيد بأشراكه هذه، فأما من الإخوان فاستجاب له أمير الغطغط ومن أتبعهم من مطير وعتيبة، فأهم ذلك ابن سعود لما لهذين القائدين من الشجاعة والصرامة وأسف أن يخسرهما جيشه، وأنظم إليهما ابن لامي وابن حثلين، واستفحل الشر وتفتحت أبوابه، ولقد كان أولئك رجالاً أهل صدق في اللقاء، وثبات وجراءة، فلا ننسى ما لاقاه الشريف في وقعة تربة، والطائف، ومكة، وما جرى منهم في وقعة عمان والجهراء، حتى أرهبوا القاصي والداني فغرهم ما جرى على أيديهم، وأعجبوا بأنفسهم وأخذوا يطلبون الأغراض على ابن سعود، واعتدوا على اتفاقياته، وقد انضاف إلى الحمى آلام أخرى، وهي تحرك ملك العراق وأمير شرقي الأردن نجلي الشريف حسين، إذ كانا لا يستطيعان صبراً على الملك الذي فقده والدهما، فلما أحسا بمشاكل ابن سعود في نجد، وأحاطا علماً بثورة الإخوان عليه اغتنما الفرص وأثارا قبائل الحدود، فاشتعلت النار في الجزيرة من جديد.

‌التعريف بالدويش

كان هذا الرجل أحد قواد البدو الذين يحرزون النصر، ويسير تحت ظل راية ابن سعود، ويسارع في النجدات، غير أنه كان معجباً بنفسه ومعجباً به أتباعه من مطير، وقد يتجاوز الأمر الذي رسم له ويتعدى طوره لفرط غشمته ونكاية ضربته، نسأل الله العافية، وما أسرّ عبد سريرة إلا ألبسه الله ثوبها علانية، فيصل وما فيصل كان وربك يطلب الملك لنفسه سخر عمله لإدراك مطلوبه، فقد سأل مرة من يثق به هل كان في المتقدمين بدوي قد ملك.

ص: 185

ولما أن عمرت هجرة الأرطاوية التي هو أميرها بنى فيها مسجداً فرأى بعض الأخيار في منامه منادياً ينادي في ذلك المسجد لما وصل الحيعلة قال: "حي على الضلال" وكذلك يجري منه في بعض الأحيان أمور تدل على ضلاله، ويظهر فلتات لسانه وجراءته ما يبين على أنه مغموص بالغلضة، فقد يسخر بأحكام الشريعة، كما حكم الشيخ محمد بن عبد العزيز العجاجي على رجل من مطير شج رأس رجل من قبيلة حرب موضحة بخمس من الإبل، فجعل الدويش يغطرس ويستهزئ بقوله: إذاً فليشجه ثانيةً وثالثةً حتى يكون له ذود يا حرب، وكان لا يخاطب جلالة الملك عبد العزيز إلا باسمه، وينتقد سياسته، ولما أن جعله صاحب الجلالة محاصراً للمدينة المنورة، كان أهلها متحرجين منه كارهين له لما شاهدوه من ضغطه وبطشه وسفكه، حتى شاع أنه أطلق النار على قبة الرسول المعظم مما أثار العالم فاضطر صاحب الجلالة إلى إرساله إلى نجد تخلصاً من شره وتطميناً لسكان الحجاز وجعل مكانه نجله الأمير محمداً، ولما علم سكان المدينة بذهاب الدويش استسلموا للأمير محمد بن عبد العزيز، وكان الدويش لم يتورع في هذه الفترة عن إثارة كل عرب الحدود من الإخوان وسواهم وغزو الحدود العراقية غير مرة يقتل وينهب ويفعل ما يشاء، وأثخن من لاقاه بالقتل والضرب والنهب حتى قتل بعض الرجال السعوديين لما ذهبوا للتجارة نحو الكويت والعراق، ولما وصل الدويش برجاله إلى حوالي البصرة لم يترك في طريقه منزلاً إلا هده ولا نخيلاً إلا حرقه ولا قريةً إلا هدها، فضجت بريطانيا لذلك، وأصدر ملك العراق فيصل أوامره بإقامة الحصون على الحدود في منطقة كثيرة الآبار وفيرة الماء، وكان هذا باتفاق مع الإنكليز، وكان المهم في هذا الأمر الذي لا خطورة ظاهرة من حدوثه هو فيما إذا كانت هذه المنطقة من المناطق التي اتفق الفريقان على حيادها وتركها مرعى لمواشي القبائل وموطناً للاستسقاء من مائها الغزير.

ومن سوء الحظ أنه كان ابن لفيصل الدويش يرعى مع بعض أفراد قبيلته في هذه المنطقة، فلما رأى العملة الذين أرسلوا لإقامة الحصون فيها، بعث إلى والده

ص: 186

بالخبر، فزحف الدويش وسقط على العراقيين يمعن فيهم قتلاً وفتكاً، فلما هاجم بأتباعه مخفر البصية على الحدود العراقية، قامت السلطات البريطانية تنذرهم وتأمرهم بالابتعاد عنها والذهاب إلى نجد لأنهم رأوا مهاجمات الدويش هوجاء، وقامت بريطانيا تفاوض ابن سعود في مشكلاتهم ويواعدهم بكل خير وأنه عازم على الرحيل إلى نجد لحل المسائل المعلقة حلاً سلمياً وآخر ذلك بعثت بريطانيا سرباً من الطائرات وسيارات مصفحة لضرب الدويش وأصحابه ولكنها توقفت، وذلك بسبب الرمال والرياح القوية، ولأنه وأصحابه قد تعلموا الاختفاء من الطائرات حين يرونها فلا يستطيع منهم نيلاً ولا كيداً فساعة سمعوا رعودها بعثوا حادياً للإبل لتتبعها الطائرات ورصدوا لها في الطريق.

ولما أن مرت الطائرات من فوقهم تريد أشباح الإبل اعملوا عليه البنادق فتحطم بعضها في الجو سقطت ولم يسلم منها إلا القليل غير أنه تمكن بعض الطائرات من السير حتى وصلت الأرطاوية وألقت القنابل والقذائف على ما مرت عليه فرجع ابن سعود مسارعاً إلى الرياض لما بلغه خبر الاضطرابات وأن الطائرات البريطانية قد لحقت بالمعتدين، وحلقت فوق البلاد النجدية السعودية نفسها لتضرب الإخوان، فلما رأى الدويش الطائرات الإنكليزية فوق البلاد السعودية اغتنمها فرصة بقوله أن ابن سعود قد باع نفسه للإنكليز، وجعل ينال بالمسبه ويقول انظروا إلى هذا الكافر يمنع الناس من غزو المدن المجاورة وهؤلاء الإنكليز الذين يمنعنا عن مهاجمتهم لا يتورعون عن مهاجمة النجديين في عقر دارهم، وإذا كان ابن سعود لا يعلن الحرب حالاً على الإنكليز فمن الواجب خلعه، فعندها بعث ابن سعود نبأ برقياً إلى بريطانيا واعمل حيلته حتى تمكن من مراجعة البصرة وطلب إيقاف الطائرات ومنعها من الهجوم، وجعل يسعى في إيقاف القبائل الجائرة، ويمرس النوائب ويعركها وأحس بالخطر لكنه لا يمكنه الاجتماع بالدويش الذي كان بعيداً بل ثائراً، فطلب جلالة الملك من العلماء أن يبذلوا النصيحة ويرشدوا ويبينوا لهؤلاء العتاة الثائرين قبح مصير الإفساد ويخوفوهم من مغبة المعاصي

ص: 187

والتفرق والبغي وأن يكشفوا شبهتهم التي انتقدوه لأجلها وعابوا وخرجوا عليه، فقام العلماء وألفوا الرسائل وبذلوا النصائح وحذروهم من ارتكاب تلك الفضائح، وها نحن نذكر قليلاً من كثير ونشير إشارة وجيزة، فمنها هذا الكتاب الذي نذكره بحروفه:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد بن عبد اللطيف، وسعد بن حمد بن عتيق، وسليمان بن سحمان، وعبد الله بن عبد العزيز العنقري، وعمر بن سليم، وصالح بن عبد العزيز، وعبد العزيز بن عبد اللطيف، وعمر بن عبد اللطيف، وعبد الله بن حسن، وعبد الرحمن بن عبد اللطيف، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله، إلى من يراه من كافة الإخوان وفقهم الله لما يحب ويرضاه، وجعلنا وإياهم ممن اتبع هداه، آمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ذلك أشرفنا على بعض مكاتيب للإمام عبد العزيز وفقه الله وحفظه من بعض الإخوان، ورأينا فيها بعض الكلام في مسألة الأتيال اللاسلكي وأجناسها وكأنه مشكل عليكم توقفنا العام الماضي عن الجزم بالتحليل وظننتم أن عندنا أمراً قد كتمناه عنكم، وهذا الظن ما ينبغي منكم بنايا إخوانكم، لأن الواجب عليكم أن لا تظنوا أننا نتوقف عن شيء وقد ظهر لنا حكمه مراعاة لوجه أحد من الناس، فنعوذ بالله أن نكون كذلك، وإنما توقفنا اتباعاً لأمر الله وما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال سبحانه:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: 116]، ونحن ما نقول ولا نعمل إن شاء الله إلا بما ظهر لنا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف رضي الناس أم غضبوا، وعند العلماء قاعدة مشهورة وهي أن العلماء إذا توقفوا في شيء واختلفوا فيه فلا يعاب على فاعله ولا يعاب على تاركه إلا بدليل شرعي.

فأما مسألة الأتيال وأجناسها فلا والله ونبرأ إلى الله أن يكون قد ظهر لنا فيها أمر محرم من كتاب الله وسنة رسوله، ومن أقوال العلماء ومن أهل الخبرة ممن نثق به فنقول:

ص: 188

من تكلم في مسألة الأتيال بتحريم أو عاب على الإمام بسببها فقد أخطأ وارتكب معصية، وخالف أمر الشريعة، هذا الذي ندين الله به وهو الحق، ونبرأ إلى الله من غير ذلك هذا الذي عندنا ومن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، نرجوا أن الله سبحانه وتعالى يلهمنا وإياكم رشدنا ويعذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا والله على ما نقول وكيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم 1346 هـ، ثم وقع العلماء أسماءهم في أسفله وهم المذكورون بعاليه.

وكتب أيضاً الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رسالة مطولة إلى أهل الأرطاوية، والغطغط وغيرهم من عتيبة، ومطير، وقحطان وغيرهم من الإخوان، وآتى بالآيات والأحاديث الدالة على لزوم التمسك بالكتاب والسنة والجماعة والنهي عن التفرق وذكر فيها تحريم الإفتاء بدين الله بلا علم، إلى أن قال: ومما انتحله هؤلاء الجهلة المغرورون الاستخفاف بولاية المسلمين والتساهل بمخالفة إمام المسلمين والخروج على طاعته والإفتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد وحث على لزوم الجماعة وعدم الفرقة، وقال: لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، وقد وجدت الرسالة محررة في 30 ربيع الأول من هذه السنة.

وكتب أيضاً الشيخان الجليلان محمد بن عبد اللطيف والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري رسالة مفيدة ونصيحة سديدة في التحذير من نزغات الشيطان وأنه يأخذ العبد من طريق الشدة إن شم من قلبه صلابة وقوة حتى يخرجه عن الصراط المستقيم أو يأخذه من طريق الجفاء إن شم من قلبه تساهلاً وكسلاً وبينا فيها تحريم إساءة الظن بالعلماء وتحريم عدم الأخذ عنهم بحيث أن الإنسان يكون عمدته مجموعة التوحيد وهو جاهل بما وضع فيها، وتكلما بتحريم إساءة الظن بولي الأمر والخروج عليه وعدم السمع والطاعة له، وإن هذا من دين الجاهلية وأسهبا بالتعريف في حق الإمام الأعظم وأطالا، وقد رأيتها أيضاً محررة في هذه

ص: 189

السنة، ثم إنه عقد صاحب الجلالة مؤتمراً دعا إليه العلماء والأمراء والقواد والرؤساء وبعض الإخوان والشيوخ وغيرهم من كل ناقم عليه منتقد لسياسته، فحضر أولئك المدعوون في أحد أروقة القصر الملكي، وبلغ عدد الحاضرين ثمانمائة من الطبقات، فلم يتخلف أحد من الرؤساء غير هؤلاء الثلاثة: وهم الدويش، وسلطان بن بجاد، وابن حثلين، وهؤلاء هم رؤساء الفتنة، وهم أقوياء كبار لهم أثر في الجزيرة، فعدم حضورهم والحالة هذه يدل على أنهم ينكرون سياسته ولا يريدون الاتفاق معه ولا الرضا بسلطانه، فعند ذلك تجلى صاحب الجلالة عبد العزيز أمام المؤتمر وأظهر شفقته على وطنه ومحبته لبلاده ورعيته وعطفه على شعبه، فاستمرت المجادلات وطالت المناقشات، ولم يترك الحضور باباً إلا بحثوه، والإمام لا يترك انتقاداً دون ما جواب، ولا رأياً دون ما نقد ولا حجة لا يقرعها بحجة أقوى وأضخم وأخيراً وقف يخطب الحضور فقال:

إني لم أطلب منكم أن تجتمعوا اليوم في هذا المكان خشيةً منكم، فإني قد أسست هذه المملكة بقدرة الله وحده الذي عاضدني وساعدني والذي كتب لي الفوز وكتب لي التوفيق، وإن خوفي من الله وحده، هو الذي حدا بي لأن أجمع شملكم اليوم لنتباحث معاً، وقد فعلت ذلك حتى لا أقع في نقيصة الإعجاب بالنفس والكبرياء، فذابت قلوب النجديين أمام أقوال هذا الرجل العظيم الذي يهاب الله إلى هذا الحد ويخشاه إلى هذا المقدار، ولا شك بأن هذا الملك موفق في كلامه موفق في أقواله وفي أفعاله بحيث ضرب على الوتر الحساس الذي يطرب له البدوي الذي كان يريد من قائده أن يكون باسلاً كل البسالة، واثقاً بنفسه كل الثقة، ولكن البدوي يريده أن يكون خاشعاً أمام الله كل الخشوع ورعاً كل الورع، جعل يتكلم صاحب الجلالة فسحر بكلامه مسامعهم وأدهشهم بفصاحته حتى بهر السامعين، واقتنع الجاهلين، وسكب العبرات من عيون الحاضرين، ثم قال: أيها الإخوان تعلمون عظم المنة التي منَّ الله بها علينا بدين الإسلام، إذ جمعنا به بعد الفرقة، وأعزنا به بعد الذلة، واذكروا قوله تعالى:{فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ}

ص: 190

[التوبة: 105]، إن شفقتي عليكم وعلى ما من الله به علينا، وخوفي من تحذيره سبحانه وتعالى بقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، كل هذا دعاني لأن أجمعكم في هذا المكان لتذكروا:

أولاً: ما أنعم الله به علينا فنرى ما يجب عمله لشكران هذه النعمة.

وثانياً: لأمرٍ بدا في نفسي وهو أنني خشيت أن يكون في صدر أحد شيء يشكوه مني أو من أحد نوابي وأمرائي بإساءة كانت عليه أو بمنعه حقاً من حقوقه، فأردت أن أعرف ذلك منكم لأخرج أمام الله بمعذرةٍ من ذلك وأكون قد أديت ما علي من واجب.

وثالثاً: لأسألكم عما في خواطركم وما لديكم من الآراء، ومما ترونه يصلحكم في أمر دينكم ودنياكم.

أيها الإخوان: إن القوة لله جميعاً وكلكم يذكر أنني يوم خرجت عليكم كنتم فرقاً وأحزاباً يقتل بعضكم بعضاً، وينهب بعضكم بعضاً، وجميع من ولاه الله أمركم من عربي أو أجنبى كانوا يدسون لكم الدسائس لتفريق كلمتكم وإضعاف قوتكم لذهاب أمركم، ويوم خرجت كنت محل الضعف وليس لي من عضد وساعد إلى الله وحده، ولا أملك من القوة إلى أربعين رجلاً تعلمونهم ولا أريد أن أقص عليكم ما من الله به علي من فتوح ولا بما فعلت من أعمال معكم كانت لخيركم، إن تاريخ ذلك منقوش في صدر كل واحد منكم وأنتم تعلمون جميعاً وكما قيل:

"السيرة تبين السريرة" إنني لم أجمعكم اليوم في هذا المكان خوفاً أو رهباً من أحد منكم، فقد كنت وحدي من قبل وليس لي مساعد إلا الله فما باليت الجموع والله هو الذي نصرني وإنما جمعتكم كما قلت لكم خوفاً من ربي ومخافة من نفسي أن يصيبها زهو أو استكبار، جمعتكم هنا في هذا المكان لأمر واحد ولا أجيز لأحد أن يتكلم في غيره، ذلك هو النظر في أمر شخصي وحدي فيجب أن تجتنبوا في هذا المجلس الشذوذ عن هذا الموضوع أما الأشياء الخارجة عن هذا فسأعين لكم اجتماعات خاصة وعامة ننظر فيها، أريد منكم أن تنظروا أولاً فيمن يتولى أمركم

ص: 191

غيري وهؤلاء أفراد الأسرة أمامكم فاختاروا واحدًا منهم ومن اتفقتم عليه فأنا أقره وأساعده وكونوا على يقين بأنني لم أقل هذا القول استخبارًا لأنني ولله الحمد لا أرى لأحد منكم منةً علي في مقامي هذا، بل المنة لله وحده ولست في شيء من مواقف الضعف حتى أترك الأمر لمنازع بقوة ولا يحملني على هذا القول إلا أمران:

الأول: محبة راحتي في ديني ودنياي، والثاني إني أعوذ بالله من أن أتولى قومًا وهم لي كارهون، فإن أجبتموني إلى هذا فذلك مطلبي ولكم أمان الله فإن من يتكلم في هذا فهو آمن ولا أعاتبه لا آجلًا ولا عاجلًا فإن قبلتم طلبي هذا فالحمد لله، وإن كنتم لا تزالون مصرين على ما كلمتموني به على أثر دعوتي لكم فإني أبرأ إلى الله أن أخالف أمر الشرعي في اتباع ما تجمعون عليه مما يؤيد شرع الله، فصاح الحضور على نفس واحد وتعالت الأصوات لا نريد بك بدلًا يا عبد العزيز كلا لا نرضى بغيرك ملكًا ثم صمت ثم استمر في الخطبة، فإذا لم يحصل ذلك منكم فابحثوا في شخصي وأعمالي، من كان له علي أنا عبد العزيز شكوى أو حق أو انتقاد في أمر دين أو دنيا فليبينه ولكل من أراد الكلام عهد الله وميثاقه وأمانة إنه حر في كل نقد بينه ولا مسؤولية عليه، وإني لا أبيح لإنسان من العلماء ولا من غيرهم أن يكتم شيئًا من النقد في صورة، وكل من كان عنده شيء فليبينه ولكم علي أن كل نقد تذكرونه أسمعه، فما كان واقعًا أقررت به وبينت سببه وأحلت حكمه للشرع يحكم فيه، وما كان غير بين وهو عندكم من قبيل الظنون فلكم علي عهد الله وميثاقه أنني أبينه ولا أكتم عليكم منه شيئًا، وأما الذي تظنونه مما لم يقم فأنا أنقيه لكم وأحكم في كل ما تقدم شرع الله فما أثبته، وما نفاه نفيته.

أنتم أيها الإخوان: أبدوا ما بدا لكم وتكلموا بما سمعتموه وبما يقوله الناس من نقد ولي أمركم أو من نقد موظفيه المسؤول عنهم وأنتم أيها العلماء اذكروا أن الله سيوقفكم يوم العرض وستسألون عما سألتم عنه اليوم وعما أمنكم عليه المسلمون فأبدوا الحق في كل ما تسألون عنه ولا تبالوا بكبير ولا صغير وبينوا ما أوجب الله للرعية على الراعي وما أوجب للراعي علي الرعية في أمر الدين والدنيا

ص: 192

وما تجب فيه طاعة ولي الأمر، وما تجب فيه معصيته وإياكم وكتمان ما في صدوركم في أمر من الأمور التي تسألون عنها ولكل من تلكم بالحق عهد الله وميثاقه أنني لا أعاتبه أني أكون مسرورًا منه وإني أنفذ قوله الذي يجمع عليه العلماء والقول الذي يقع الخلاف بينكم فيه أيها العلماء فإني أعمل فيه عمل السلف الصالح إذ أقبل ما كان أقرب إلى الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو أقوال أحد العلماء الأعلام المعتمد عليهم عند أهل السنة والجماعة وإياكم أيها العلماء أن تكتموا شيئًا من الحق تبتغون بذلك مرضاة وجهي فمن كتم أمرًا يعتقد أنه يخالف الشرع فعليه من الله اللعنة، وأظهروا الحق وبينوه وتكلموا بما عندكم، فرد العلماء بأنهم يبرءون إلى الله من كتمان ما ظهر لهم من الحق ويعلنون أنهم ما نصحوه إلا انتصح ولو رأوا في عمله ما يخالف الشرع لما سكتوا عنه وهم ما رأوا منه إلا الحرص على إقامة شعائر الدين واتباع ما أمر الله ورسوله به، ثم نهض بعض الحضور وقال لا نعرف ما ينتقد إلا الأتيال "اللاسلكي" فيقال أنه سحر ولا يخفى حكم السحر والسحرة في الإسلام.

الثاني: القصور المخافر التي تبنيها حكومة العراق على الحدود وهذا ضرر على أرواحنا وأوطاننا، فأجابه صاحب الجلالة قائلًا: ليس في الشريعة ما يمنعنا من الانتفاع بطرق المواصلات الحديثة والتمشي مع التقدم العلمي ومع هذا فإني أترك هذه الأمور للعلماء والتفت إلى العلماء فأفتى العلماء بأنهم لم يجدوا في الكتاب ولا في السنة ولا أقوال العلماء العارفين دليلًا بالتحريم وإن من يقول بالتحريم يفتري على الله الكذب ونبرأ إلى الله منه، ثم أجاب ابن سعود، إن الحامل على بناء المخافر دعوى أنكم أنتم الذين بدأتم بالعدوان وذلك بقتل السرية التي أرسلها الدويش لأهل "بصية" ثم غزوات الدويش التي تبعتها في حين أني أنا يا ابن سعود ما قمت بذلك وأنتم يا أهل نجد ما حميتم ذمة والي أمركم وإنهم يزعمون أن الباعث على بنائها المخافة من خطركم فصاح الإخوان وضجوا: بأننا نبرء إلى الله من الدويش وقاطعناه هو ومن معه وإنا على استعداد لمهاجمته ومجازاته، يا

ص: 193

عبد العزيز إننا نبايعك على السمع والطاعة وأن نقاتل من تشاء عن يمينك وشمالك ولو دفعتنا إلى البحر لخضناه، إنا نبايعك على مقاتلة من ينازعك ومعاداة من عاداك ونقوم معك ما أقمت فينا الشريعة.

أولئك الإخوان الذين لما عرفوا حسن قصده وما يكنه ضميره من النصح لهم والشفقة عليهم قدموا نفوسهم أمام تنفيذ إرادته وعادت ثقة الناس به واطمأن إلى إخلاصه الإخوان فذهب كل جماعة إلى قبيلتهم دعاة لابن سعود وينشرون العداوة لعدوه، فانظر إلى مكارم أخلاق ابن سعود بما أبداه إلى شعبة وإن كان ليس بفقير إليهم فإن كلامه هذا استطاع به أن يجمع حوله الشعب كله ولقد كان عرضه التنازل عليهم سببًا في تقوية نفوذه وإعلاء مكانته واشتداد التعلق به فكان بإمكانه يومئذ أن يضرب خصومه الثلاثة الضربة القاضية ولكنه تركهم يبحثون عن حتفهم.

وقد رأت الحكومة الإنكليزية أن توفد "السير جلبرت كلايتون" إلى جدة في هذه السنة يحمل النيابة عن الإنكليز، وقد تمكن ابن سعود من ضبط تلك القبائل الجائرة وإيقافها عند حدها كما أنه طلب أيضًا من بريطانيا الاصطبار ريثما يتفق بالوفد لتسوية المسائل المختلف عليها، ولما أن اتفق به الوفد البريطاني وقد أحس أنه جاءه ناقمًا غاضبًا وأن لندن غاضبة ناقمة لم يترك لخصمه أن يبدأه بالكلام بل تكلم هو بالشكوى من خطأ السياسة الإنكليزية وكيف أنها أخذت تهاجم أرضه بطائراتها مع أنه تربطها معه معاهدة ولاء وصداقة وقد ساعدت الظروف السياسية ابن سعود كما أنه ساعده البترول وقرب منابعه من مواطن ابن سعود والوهابيين فتراجع كلايتون وانتهى الأمر بعد أخذ ورد بالاتفاق، وكان المندوب البريطاني يحمل تقريرًا عظيمًا في أول مجيئه وهذا معناه:

إلى صاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها بعد التحية لا يستقيم إتيان بدوان من رعيتكم تقتل أهل العراق، والكويت وتفعل تلك الأفاعيل الوحشية فلا بد من عرض أمور أربعة على حضرتكم:

ص: 194