الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جدة 16 نوفمبر سنة 1924 م، إني أحترم شخصكم احتراما عظيما ولكن معاملة والدكم لأهل نجد وسائر المسلمين هي التي جعلتنا نقف هذا الموقف، فإذا كنتم تحبون السلام وحقن الدماء، فاخلوا الحجاز وانتظروا حكم العالم الإسلامي، فإن اختاركم أو اختار غيركم فنحن نقبل حكمه بكل ارتياح، أما إذا بقيتم في أرض الحجاز فإن مسؤولية ما يقع من الحوادث تقع على عاتق غيرنا -عبد العزيز.
وقد بذلت حكومة علي جهودا جبارة لإطالة أمد الحرب استجلابا للأمداد، ولعل الحكومات الأخرى تحل هذا النزاع، واستعدت للقتال وقامت تعمل بجد في تنظيم خط دفاعها والمحافظة على كيانها بكل ما تملك، فنصبت الأسلاك الشائكة خارج جدة وبثت الألغام من حولها، وأخذت تنفق في هذا السبيل من جيوب أعضاء الحزب المؤسسين، ودأب محمد الطويل في هذا السبيل، فكان أعظم مساهمة حيث بذل كل ما لديه وما ادخره من مال في عهد الحسين، وبذل الملك علي كل ما لديه حتى باع حلي أهله وباع أطيانه وأطيان عمته في مصر لسد حاجة الدولة، وحاولت الحكومة أن تحصل على قرض من بعض الدول والشركات الأجنبية، فلم تفلح لعدم وجود الضمانة الكافية لديها.
ذكر سفر صاحب الجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى الحجاز
لما كان في العشر الأول من ربيع الثاني، تأهب الملك عبد العزيز بن سعود للسفر إلى الحجاز هذا وكل من في جدة يجهل مقر السلطان ومقاصده الحربية أو السلمية، وقد انتظروا ماذا يبدوا من هذا العاهل العظيم، ثم أنه أم العاصمة الرياض رؤساء القبائل والأعيان ليدعوه.
فخطب فيهم خطبة بليغة تجذب القلوب وتسحر العقول، قال فيها إني مسافر إلى مكة لا للتسلط عليها، بل لرفع المظالم التي أرهقت كل العباد، إني مسافر إلى مهبط الوحي لبسط أحكام الشريعة وتأييدها، إن مكة للمسلمين كافة، وسنجتمع هناك بوفود العالم الإسلامي فنتبادل وإياهم الرأي في الوسائل التي تجعل بيت الله بعيدا عن الشهوات السياسية، وسيكون الحجاز مفتوحًا لكل من يريد عمل الخير
من الأفراد والجماعات، ثم أرسل إلى الإمام يحيى وغيره من أمراء الإسلام المستقلين هذا الكتاب:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أما بعد، فقد استقبلت الطريق إلى مكة غير باغ ولا آثم، فليتفضل الأخ العظيم بإرسال من يمثله في مؤتمر مكة حبًا لنشر السلام بين الأمم الإسلامية.
سلطان نجد/ عبد العزيز
هذا فيما يختص بشؤون البلاد الخارجية فكان لكلامه أبلغ الأثر في قلوب العالم الإسلامي، حتى أن جريدة البلاغ التي تصدر في الإسكندرية علقت على كلمة ابن سعود البليغة قائلة بهذا المنهج، يذهب سلطان نجد إلى أم القرى مشهدًا لله والناس على أنه لا يتردد في تنفيذ ما صحت نيته على تنفيذه وما انتوى عمله، فما أسمى الغاية التي ينشدها، وما أحراه بتأييد العالم الإسلامي قاطبة له في تلك المهمة الشاقة التي عهدت الظروف أدائها، وأن لهجة السلطان لتذكرنا بلهجة السلف الصالح، ثم أطال بإبلاغ وإفصاح في مدح ابن سعود، وأنهم يثقون بأقواله ويؤمنون بإخلاصه وصدق طويته.
أما شؤون البلاد الداخلية فإنه جعل على حدود العراق ابن عمه عبد الله بن جلوي، لرد عاديته إن جاء منه شر، وناهيك به من رجل باقعه صلب العود شديد البطش، يستطيع أن يوقف كل معتد عند حده، وجعل على حدود سوريا الأمير الخطير وما أدراك ما هو إنه عبد العزيز بن مساعد، اليقظ الحزم القدير يراقب أعمال الأمير عبد الله بن حسين، ويمنع مساعداته إذا وردت لأخيه علي، وجعل ابنه سعود على العارض يدبر شؤونه، وأقام والده عبد الرحمن مرجعها إلى علي، وضبط شؤون بلاده لئلا ينتهز باغ فرصة غيابه عنها فأمر خيرة رجاله وأعظمهم حنكة وشجاعة وسياسة في مواقع الخطر، فإليك أيها الغر عن الوقوع في المهالك فإن في الحياض من يزود عنها، كلا والله إن الليث مفترش على برائنه للوثوب على من يقرب من الحمى وقاطنه.