الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاعتداء على الحجر الأسود
ففيها في آخر محرم جاء رجل فارسي من بلاد الأفغان فاقتلع قطعة من الحجر الأسود، وسرق أيضًا قطعة من ستارة الكعبة، وقطعة فضة من مدرج الكعبة الذي بين بئر زمزم وباب بني شيبة.
وصفة أخذه لقطعة الحجر، أنه لما أكب عليه ليقبله أخرج من جيبه بارية من المغناطيس فقطع به منه فشعر به حرس المسجد وألقوا القبض عليه، ثم قتل شر قتلة والعياذ بالله، ولما كان في 28 من ربيع الثاني حضر جلالة الملك عبد العزيز من مصيفه الطائف قبل توجهه إلى الرياض فدخل المسجد الحرام وحضر معه رئيس هيئة القضاء الشرعي عبد الله بن حسن، وحضر أيضًا عبد الله بن عبد القادر نيابةً عن أبيه قبل وفاته، وحضر بعض الأعيان، ثم أحضر مدير الشرطة العام مهدي بك تلك القطعة الذي اقتلعها ذلك الفارسي الخاسر، وأحضر المسك والعنبر مركبًا كيماويًا عمله الأخصائيون، فوضع ذلك المركب موضع القطعة ثم أخذها جلالة الملك عبد العزيز بن سعود بيده ووضعها في محلها تيمنًا وأثبتها الأخصائيون إثباتًا محكمًا.
وفيها في رمضان نزل غيث عظيم وهطلت أمطار غزيرة، فسالت الأودية منها سيلًا عظيمًا، ومن أعظمها سيلا وادي بني حنيفة فإنه جرى جريًا لم ير مثله في أزمتنا هذه ولا قريب منها بحيث فاض يمينًا وشمالًا حتى دخل بلد السلمية ليلًا لأربع عشر خلت من رمضان، فانزعج أهلها وهربوا خوفًا على أنفسهم، وتلف به أموال كثيرة ومواشٍ، وغرق به سبع نسوة وشيخ كبير.
وقد قال الشاب الشيخ محمد بن عبد العزيز آل هليل قصيدة في هذا الموضوع يرثي بها أولئك الغرقى الذين ذهبوا ضحيةً لذلك:
كلٌ يزول وكلٌ هالك فان
…
إلّا الإله وما لله من ثان
قضى وقدر تقديرًا فأتقنه
…
سبحانه هو ذو عزٍ وسلطان
أقول للركب لما سيروا نجبًا
…
عيسًا عتاقًا مراسيلًا كظلمان
حثوا الركائب كي تطوى لأحزان
…
نحو البلاد التي تسقى بفرزان
بعد الوصول قفوا نبكي بها زمنًا
…
نبكي بدمعٍ من العينين هتان
أين البلاد التي شيدت مساكنه
…
أين القصور التي قامت بعمران
تلك البلاد بأمر الله فرقها
…
وادي حنيفة جاء ليلًا بطوفان
والناس في غفلةٍ بالليل قد هجعوا
…
فصاح صائحهم بصوت يقظان
دعوا البلاد ولا تبقوا بها أحدًا
…
إن السيول أتت تجري بصوان (1)
فالكل قام وذاك الخطب أزعجهم
…
وسار أجمعهم شتى لكثبان
ومات من غرق ست وواحدةً
…
من النساء ومن يدعى ابن عمران
وأصبحت بمرور السيل قد خفيت
…
تلك البلاد وما أمست لسكان
كأنها قط لم تسكن مساكنها
…
كأنها قط لم يبن بها بان
تالله إن بذا أخي لمعتبرًا
…
للعاقلين ومن ليسوا بعميان
يا من أصيبوا بهدم الدار مع غرقٍ
…
صبرًا بما قدر الرحمن إخواني
هذا القضاء قضاه الله في أزلٍ
…
قبل الخلائق تقديرًا بإتقان
فارضوا بما قدر الجبار واحتسبوا
…
إن الرضى بالقضاء حق لديان
وبادروا بثناء الله وارتجعوا
…
عند المصائب في سرٍ وإعلان
لا تأسفن على ما فات من عرضٍ
…
فالرب يخلفه فضلًا بإحسان
هذي الحياة وربي صفوها كدر
…
لا بد زائلةً عن كل إنسان
يشقى اللبيب بها ويمسي ذا عطبٍ
…
تبًا لها دار أكدارٍ وأحزان
إن المصاب الذي يأتي بلا عمل
…
يوم المعاد ومن يجزى بحرمان
وما أصاب جميع الناس من ضررٍ
…
إلّا بظلمهموا وشؤم عصيان
(1) الصوان: الحجر، أي لقوة السيل حملا الحجارة.