الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكرهونه، وأن لا نعاملكم معاملة الملك والجبروت، بل نعاملكم معاملة النصح والسكينة والراحة، وأن يكون أمر هذين الحرمين شورى بين المسلمين، وأن لا يمضي فيهما أمر يضر بهما أو بشر فيهما أو بأهلهما إلا ما توافق عليه المسلمين وأمضته الشريعة، وهذا الكتاب شاهد لي وعلي عند الله ثم عند جميع المسلمين، وعلى ما قلته أعلاه أيضًا عهد الله وميثاقه، فهذا الذي يلزمنا، ولا بد إنشاء الله ترون ما يسر خواطركم أكثر مما ذكر، ونرجوا الله أن يهدينا وإياكم لما يحب ويرضا ويصلح بنا وبكم البلاد والعباد، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، ويمنعنا وإياكم من سوء الفتن، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويذل أعدائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثير الختم، عبد العزيز بن عبد الرحمن 22 صفر 1343.
الإشارة إلى الكتب المتبادلة بين الفريقين وجهود ضائعة
لما تلقى الحزب الوطني الحجازي خطاب خالد بن لؤي مشغوعا بكتاب ابن سعود، كتب الحزب إلى خالد كتابا ذكر فيه أن قد وصل إليهم كتاب ابن سعود، وأنهم تلقوا ذلك بالإكرام، وأن الأمة بايعت لعلي بن الحسين لما يعرفونه من حسن، أخلاقه وحبه للمسالمة لعموم من في جزيرة العرب، واشترطوا النزول على رأي المسلمين فيما يقررونه لسعادة البلاد واستقرارها، وذلك بعدما تنازل الحسين؛ وحيث أن الإمام عبد العزيز قد ذكر في كتابه أنه سيجعل أمر هذه البلاد المقدسة شورى بين المسلمين، فقد اتفقنا والحمد لله نحن وإياه في نقطة واحدة، ثم قالوا فنرى أنه لم يبق موجب للقتال وسفك الدماء، وأصبح الحل المطلوب من الطرفين واضحا جليا؛ وحيث أن الأمر كما ذكر نكلف سيادتكم بالموافقة على إرسال مندوبين من طرفنا إليكم يكونون في أمان الله ثم أمان الإمام عبد العزيز بن السعود وأمانكم لعقد هدنة توقف القتال وتصون الطرفين عن سفك الدماء، إلى أن تحضر الوفود التي طلبنا حضورها من جميع الأقطار الإسلامية، وعلى الخصوص من جمعية
الخلافة بالهند، وبعد اجتماع الوفود ننزل على ما تقرره وتراه هذا ما ندعوكم إليه ونكلفكم بقبوله طبقا لما جاء بكتاب الإمام عبد العزيز بن السعود؛ ولا شك أنكم توافقون عليه والله ولي التوفيق.
السكرتير السيد طاهر الدباغ، رئيس الحزب الوطني الحجازي محمد الطويل، الجواب عليه:
من خالد بن منصور بن لؤي إلى محمد الطويل وكافة الأعضاء، السلام على عباد الله الصالحين؛ أما بعد:
خطابكم وصل، وفهمنا مضمونه بعده من طرف بيت الله الحرام وأتباعه، جاء الله به عنوة للمسلمين، وطهر الله بيته من الحسين وأولاده بسبب إلحادهم في حرم الله وتعديهم حدود الله وظلمهم في كل قطر، والذي يثني عليه ويتعلق بمحبته ومعاونته ماله عندنا إلا القوامة بحول الله وقوته، وإن بغى علي بن الحسين الأمان فيقبل ويواجهنا مأمونا والمجالس والمخابرة لها راع، وهو الإمام عبد العزيز حفظه الله ورعاه ومع وصول الخبر يستوي علم زين ومقام علي عندكم من غير مواجهة بيننا وبينه نتيجة الفساد يكون معلوم، وصلى الله على محمد وصحبه وسلم 22/ 3.
من محمد الطويل وجميع الأعضاء إلى حضرة الأمير خالد بن منصور بن لؤي قائد الجيوش، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل كتابكم وجميع ما به علم، وسنرسل لكم بعد باكر أربعة أشخاص بالنيابة عن جميع الأهالي الموجودين بجدة، السلام عليكم، وإفهامكم الحقائق وأخذ الحقائق منكم رأسا، وأما ما ذكرتموه من المحبة والتعلق بالرجل فليس عندنا من هذا شيء لا لنا تعلق إلا بما فيه مصلحة المسلمين، والله على ما نقول وكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، 23/ 3/ 1343. الإمضاءات سليمان قابل، صالح أبو بكر شطا، محمد شلهوب، عبد الرؤوف الصبان، عبد الله رضا.
وقد جاءهم الجواب بالقبول، هذا وكان ناجي الأصيل في لندن، يبذل كل جهوده لحمل الحكومة البريطانية على حماية الحجاز بما لها من نفوذ قوي من ابن
سعود، فقد اعتذرت بريطانيا بأعذار باردة، فكان ناجي يعالج بأن الحسين إذا اعتزل الملك وبارح البلاد، فالحجاز ما يزال مكانه وملكه الحاضر، علي لم يشترك في التعديلات التي قام بها أبوه وهو موافق على تلك المعاهدة إلى غير ذلك، فانتهى الأمر على أن بريطانيا لا تستطيع عمل أي شيء مع حكومة علي قبل أن ينجلي الموقف الحاضر؛ فطلبت حكومة علي من بريطانيا أن تتدخل في الصلح بين عاهل نجد وعاهل الحجاز الجديد فأبت، كما تقدم أنها بعثت إلى العالم الإسلامي تناشدهم الوساطة لحل الموضوع، ودرء الخطر الوهابي عن البلاد المقدسة.
ولما أن كان في يوم الأربعاء 23/ 3 توجه الوفد إلى مكة المكرمة لمفاوضة الأمير خالد مشكلات من ستة أشخاص، رئيسه الشيخ محمد أفندي نصيف في معيته عبد الرؤوف الصبان، وعلي سلامة، وسليمان عزاية، ومحمود شلهوب، وصالح شطا، وقصد الوفد مكة يحمل كل مفاوضة تعود بحقن الدماء؛ ولما كان في أثناء سفره لحقه سيارة تحمل كتابا من الحزب الأساسي يفيد أن الأمة حررت بعد توجههم مضبطة تحتوي على طلب عدم الدفاع، وأنه لا قبل لهم بالجيوش النجدية، وعرضوها على رئيس الوكلاء؛ وصورتها أنه لما جاءهم الكتاب الأخير من الأمير خالد كتبوا تلك المضبطة (بناء على ما بلغ الأمة من تشييد الخنادق والمعاقل والحصون، والإستعداد للحرب، وتحضير كل ما يلزم من الجبخان وآلات الحرب، فهم يسخطون عن كل مشروع كهذا، يكون نتائجه إراقة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة، وبالعكس قوات الجيش الهاشمي في عدم استطاعتها الثبات، وقرروا بعدم الدفاع الذي استعد له الملك علي في 23/ 3.
ولما قدمها رئيس الوكلاء للملك علي، أصر علي أنه لا بد من الدفاع عن البلاد، بلاد أبيه وجده وجميع الموقعين على المضبطة وغيرهم، أخلاط لا أهمية لهم بالبلاد، فبعث الحزب كتابا إلى الوفد، فيه البيان النهائي من الملك أنه لا بد من الدفاع، ولضعفهم وقوته طلبوا منه أن يكتب كتابا للأمير خالد بالموافقة على توقيف الحرب، والأخذ في أسباب التفاهم بينه وبين خالد أن يكون
مفوضا، وإن لم يكن مفوضا يمهل خصمه بدون حركة حتى يقدم الإمام عبد العزيز، وأن عليا يأمل وصول الإمداد إليه والدبابات والطيارات، فإن وافق على ذلك خاله وإلا تأخذوا في أسباب رجوعكم إلى جدة حالًا، قبل وصول كتاب الملك للأمير، والحذر من التأخير.
ولما أن وصل الوفد إلى مكة المكرمة، ووضع المسألة على بساط البحث مع الأمير خالد بن منصور، لم يدع الأمير لهم مجالا للبحث بل تصلب وخيّرهم بين ثلاث مسائل، إما أن يقبضوا على الملك علي، وإما أن يجبروه على مبارحة الحجاز، وأما أن لا يقدروا لضعفهم، فلديهم خارج البلدة قوة من الجيش النجدي المرابط يساعدونهم على ما يريدون، وكان مع الوفد رجل اسمه عثمان باعثمان جاء في معيتهم موفدا وهو جاسوس من رئيس الحزب محمد طويل ليترصد حركاتهم وأعمالهم، ولا عجب من نصح الطويل وإخلاصه للبيت الهاشمي، لأنهم سبب تقدمه وغناه ورفعته، ولما أن رجع الوفد يحمل شروط خالد ليعرضها على الأمة لترى المصلحة التي تتلافى بها منفعتها وصل إلى جدة في 26/ 3 الموافق ليوم السبت، فاجتمعت الأمة في الثانية عشر ليلا من ذلك اليوم، وعزموا على الهجوم على دار الملك ليجبروه على التنازل، لكن الرئيس محمدا لما علم بالهجوم الذي سيحصل على الملك علي أرسل رسولا في تلك الساعة إلى مولاه، فاستعد الملك بالحرس على بيته ورأت الأمة أن تؤجل المسألة إلى الغد؛ فلما اجتمعت الأمة قام حضرة الرئيس وسأل الأمة عن إجتماعها، فقالوا لدعوتك لنا وتقرير مصيرنا، فقام وهددهم وصاح وأرغى وأزبد، ثم قال من الآن أعد نفسي منفصلا عن الحزب، فألغي الحزب، وصارت الأمة في وجل والأعضاء في جدال، فانحل الحزب في تلك الساعة من اليوم 27 من ربيع الأول المواقف للأحد.
ثم أمر الملك علي بالقبض على بعض رجال الحزب وهم صالح شطا، وقاسم زينل، وعبد الرحمن باجنيد، وعلي سلامة؛ وسليمان عزابة، وقدمهم للمحكمة العسكرية بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم، فامتثل الأمر وزير الحربية، وطلبهم
إلى الثكنة العسكرية وحاكمهم، فقضت عليهم المحكمة بسجن بعضهم، وقتل الآخرين، وذلك في 9/ 4.
ولما عرض الحكم على الملك علي أظهر لهم أنه حليم وغفور عن الزلات، فأحضرهم وعفا عنهم ونصح لهم عن التكلم في الحكومة، وأطلق سراحهم يوم الخميس المواقف 16/ 4 ثم أنه كتب بعدما اطلع على شروط الإخوان كتابا لخالد وهذا نصه:
المحترم الشريف خالد بن لؤي، وبعد: اطلعنا إلى عدة كتب منكم لأهالي جدة عموما وخصوصا وفيها التهديد والوعيد، وحيث أن أهالي جدة محكومين بحكام رؤساء ليس في استطاعتهم تنفيذ ما تطلبوا منهم، وليس من شيمتهم إجراء ذلك، رأينا أن نحرر لك كتابنا هذا بأنك إن كنت مفوضا من قبل حضرة الأخ السلطان عبد العزيز في المذاكرة فيما يختص بحقن دماء المسلمين وبدفع السحق والمحق عن البلاد، فعين لنا مندوبين من طرفك ومندوبين من طرفنا عينهم ويجتمعون عندك في مكة أو في بحرة، وإن كنت غير مفوض من الأخ سلطان نجد فتخبر عظمته يفوضك أو يفوض من يراه للمذاكرة في ذلك، وتكون الحركات الحربية موقوفة من طرفك ومن طرفنا إلى أن يأتي الجواب من حضرة الأخ السلطان، وإن كنت تقول لا هذا ولا هذا فالأمر مفوض لمن بيده العزة والقدرة، وفي ذلك الوقت جاء من ابن سعود برقية إلى الحزب قبل أن ينحل، وكانت جوابا لبرقية بعثوها إليه لما أبطأ الجواب عن الكتاب الذي رفع إليه بالتودد والحنان تاريخ 5 - ربيع الأول ظنا منهم أنه وصله، فجاء الجواب برقيا في 26 ربيع الأول عن طريق البحرين، طاهر الدباغ سكرتير الحزب الوطني الحجازي بجدة وصل تلغرافكم العمومي، أما رسالتكم الرسمية الخاصة المتعلقة بالصلح، فلم تصل لا يمكن نشر روح السلام في الجزيرة مطلقًا ما دام الحسين وأولاده حكام الحجاز لا نقصد الطمع في امتلاك الحجاز والتسلط عليه، ولهذا فهي تترك للعالم الإسلامي وهذا ما نراه من البداية بتلك البلاد المقدسة، وإذا خرج الحسين وأولاده فأنتم آمنون في بلادكم، ولقد أرسلنا التعليمات اللازمة المتعلقة بذلك إلى رؤساء جيشنا -السكرتير الخصوصي لسلطان نجد عن طريق البحرين.