الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشريف محتجا على سلطة الحجاز بالحجاز، لو لم يكن في هذا التحديد إلا تأملنا ما في مساعي الحضرة السعودية من الاستيلاء على حائل قاعدة إمارة الرشيد والجوف مقر الشعلان، وتشبثه في ضبط الكويت، وتعرضه في عسير لإمارة آل عائض بل تجاوزه على مكة المكرمة ومساعي إمام صنعاء لضم بلاد حاشد وتهامة الشوافع وحضرة الإدريسي على الحديدة وما حولها ثم قطع جواب الشرط على عادته ثم قال: وعليه بلغوا الهيئة الموقرة احتجاجي القطعي أولا: على تحديد نفوذ الحجاز، ثانيا: على ما فيه إبدال العمل بكتاب الله، ولذا فإني أحتفظ بحقوق اعتراضي وإنكاري بالمادة والمعنى بكل ما ذكر، تحرر في 15 ربيع الأول سنة 1343.
أعمال الحزب الوطني وتدابيره
كانت مهمة هذا الحزب لثلاثة أمور:
أولا: السعي بكل الوسائل لحفظ البلاد من الكارثة الساحقة المحدقة.
ثانيا: المحافظة على جعل البلاد سالمة من كل شوائب الدسائس والنفوذ الأجنبي.
ثالثا: النزول على ما يرتئيه العالم الإسلامي لمصلحة البلاد والعباد وكيفية إدارة البلاد.
ثم أقسم أعضاء الهيئة الإدارية للحزب اليمني الآتي: أشهد الله وملائكته وأقسم بالله الكريم، أن أكون مخلصا للوطن، وأن أدافع عن كل فرد من أفراد الحزب كدفاعي عن نفسي، وإني أعاهد الله على ذلك، والله على ما أقول شهيد.
أما تأسيس هذا الحزب الوطني الحجازي فإنه لما تنازل الحسين وخلى الجو من تعكيراته، اجتمعت أعيان الأمة في دار الشيخ "محمد نصيف" بجدة لينتخبوا حزبا يمثلهم، وهذا قبل قبول علي للملكية، فانتخبت اثني عشر شخصا يرأسهم، محمد طويا ناظر الجمارك، وبعده محمد طاهر الدباغ، سليمان قابل، قاسم زينل، عبد الله رضا، محمد نصيف، صالح شطا، محمد صالح نصيف، عبد الرؤوف الصبان، محمود شلهوب، شرف بن راجح، علي سلامة، ماجد كردي، وجعلوا طاهر الدباغ سكرتيرا للحزب، وعينوا لهذه الهيئة كاتبا محمد با جبير.
وكانت الأمة قبل ذلك لما رأت امتناع الحسين وعدم قبوله أن يكون ابنه الملك، أسست الحزب ولم يدر الحزب إلا ورئيسه محمد طويل الذي كلم الحزب بالتليفون بأن الأمير عليا قبل الملك، فأجابه الحزب بأن المسألة قد تمت ولا هنا لزوم لعلي ولا خلافه، وأن الحزب يكفي لإدارة الأمور إلى حين انتهاء الحال.
فلم يرض الطويل ولم يقبل إلزامهم بالبيعة لعلي، ثم إنه أقسم بقية الأفراد للهيئة الإدارية، نعاهد الحزب الحجازي الوطني معاهدة طوع وإيثار وإخلاص من طويتنا، وصدق نيتنا، طائعين غير مكرهين، ونحلف بالله وعظيم آياته أن نكون طائعين للحزب في كل ما ينفع الأمة وأن نحفظ أسراره، ونكون له عينا على كل أعداءه، نعادي من عاداه، ونوالي من والاه، علينا بهذا العهد عهد الله؛ إن عهد الله كان مسئولا، وما أخذه الله على أنبيائه ورسله عليهم السلام، وعلى من أخذ من عباده مواثيق ومحكمات عهوده أن نتمسك بهذا العهد، وأن نستقيم ولا نميل، وإن نكثنا هذا العهد أو بدلنا شرطا من شروطه معلنين أو مسرين أو محتالين أو متأولين، خذلنا الله يوم نحتاج إليه وبرأنا من حوله وقوته وألجئنا إلى حولنا وقوتنا، والله عز وجل بذلك شهيد وكفى بالله شهيدا ليلة الاثنين 7 ربيع الأول سنة 1343.
فقام رئيس الحزب محمد طويل ولبس عقالا ذهبيا (شطفه) وانتفخت أشداقه، وصعر خده يبحلق عينيه، ويرخي ويزبد على كرسيه ينكت الأرض بقضيبه يتهدد ويتوعد، ونشر الحزب للأمة التدابير في منشورات تحث على التعاون والتعاضد، وصدرت التدابير في منشورات يمضي عليها محمد الطويل، فلا تسأل عما كان يديره من الأعمال العجيبة، لكنها مع الأسف لم تسمن ولم تغن من جوع.
ورفع الحزب برقيات عديدة إلى العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، وصرخوا صرخة رنت لها شعاب مصر والشام والهند والسند وتركيا وإيران، ودوت إلى لندن وغيرها أخبارا بأن الحجاز بلاد مقدسة، وقد تنازل الحسين وولوا ابنه عليا، فبما أن الشعب الحجازي بأجمعه الواقع الآن في فوضى العامة بعد فناء الجيش المدافع وعموم البلاد الحجازية مستهدفة لخطر كارثة ساحقة خلعوا ونصبوا.
وبعد هذا البلاغ يلقي كل مسؤولية على عاتق المسلمين إذا لم يسارعوا في إنقاذ البلاد لإيقاف جيوش الإمام ابن سعود، وعند آخر نقطة وصلت إليها، وإرسال المندوبين بكل ما يمكن من السرعة، فجاءت الجوابات من رئيس جمعية الخلافة بالهند بأنها لا ترضى الحكومة يكون على رأسها أحد أبناء الحسين، وأن الحجاز يجب أن تكون خاضعة لرأي العالم الإسلامي، وأكد شوكت علي رئيس الجمعية بأن سعى جهده لحمل بريطانيا على عدم التدخل في مشكلة الحجاز ورفع في 30 ربيع الأول خطابا وتقريرات إلى حكومة الهند، يذكر فيها أن جمعية الخلافة تضع ثقتها فيها لأنها في مركز يؤهلها لفهم مقاصد المسلمين في البلاد المقدسة أكثر من حكومة لندن، لهذا يطلب منها أن تمنعها في مسألة الحجاز.
أما مجلس فلسطين فقبل الوساطة، وكتب الرئيس أمين الحسيني برقية رفعها من المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس إلى السلطان عبد العزيز بن سعود متوسطا بالسلم بينه وبين الملك الشريف، فأرسل إليه السلطان عبد العزيز بهذا الجواب.
إلى سماحة المفتي رئيس المجلس الأعلى بالقدس يحزننا أن تكون جاءت وساطتكم في وقت متأخر، فأنا منذ سبع سنين نتوسل بجميع الوسائل لإحلال الصلح والوفاق محل الجفا والشقاق، فلم تثمر مساعينا وكنا كلما لنا للحسين تجافى، فتصرفاته المتكررة في شرقي الأردن التي تبرهن عن نواياه الأكيدة في بلادنا من عسير وغيرها، ومعاملته كافة حجاج بيت الله وعجزه عن تقرير الأمن في الحجاز مما أجبرنا أن نتخذ التدابير الفعالة لتستقر الحالة في بلاد الحرمين وليأمن مستقبل بلادنا، وإنا نرغب في وجود إدارة في الحجاز تكفل حقوق جميع المسلمين بوجه المساوات، وتضمن راحة الحجاج، وتزيل عنهم المظالم كلها.
ثم أنه رفع الحزب كتابا عظيمًا إلى سلطان نجد فيه تمام الحفاوة والوقار وهذا معناه.
إنا معشر العرب أمة واحدة شرفها الله بالإسلام، وذكروا حرمة البلاد السعودية لما ذكروا أنه قد وقع بينه وبين الحسين سوء تفاهم ومنازعات بأسباب
عائدة لشخص الحسين، وليس للأمة الحجازية علاقة بها لأن السلطة المطلقة بيده ولا تزر وازرة وزر أخرى، وأنه يتكلم بلسان الأمة وينسب لهم ما لا يوافقون عليه، إذ ليس بينه وبين الأمة المجاورة لهم من سكان نجد ما يوجب المقاطعة والعداوة مع وحدة الدين والمذهب أنهم هبوا إلى خلعه لما جنى تلك الجنايات، وكلفوه التنازل عن ملكه لما ظهر من امتناعه عن تلافي هذا القتال بالطرق السلمية، وبايعوا عليا بشرط أن ينزل على رأي الأمم الإسلامية، فبلسان هذه الأمة وباسم الإسلام الذي قمتم لنصرته وأوقفتم حياتكم لرفعة شأنه وعلو مكانته نخاطبكم ونرغب من شهامتكم العربية بإيقاف الجيوش عند آخر نقطة وصلت إليها، والموافقة على إرسال المندوبين من طرفنا للمفاوضة معكم فيما يجب عمله، ثم ذكروه بالله ورسوله أن يستوصي بهم خيرا، وذكروا أنهم مسلمون متقيدون بالكتاب والسنة، وبينوا اعتقادهم الذي يربطهم معه، وختموا الكتاب بهذه العبارة، هذا ونلتجأ إلى الله تعالى ثم إلى عدلكم وشهامتكم أن تأمروا بإجابة رغائب الأمة الحجازية المستعدة لقبول طلباتكم العادلة، والله على ما نقول وكيل، وإنا نحمد الله إليكم أولا وآخرا والسلام 5/ 4/ 43/ و 7/ 4/ 43.
وقد ذكر لنا أن هذا الكتاب وقع في يد الحسين، وأنه سكت عليه فلم يصل إلى ابن سعود، في خلال ذلك كان الملك علي في مكة يعمل على تهدئة الخواطر لما وجد أهلها في أشد حالات الذعر لما كانوا يتوقعونه من القتل على يد الواهبيين فطمنهم بوعوده وأنه على تفاهم مع ابن سعود والإنكليز إلى تسوية الخلاف.
وأبرق لابن سعود برقية رفعها عن طريق البحرين وذلك طلبا للصلح وإن كان عليه بعض الهضم، وهذه صورة برقية لابن سعود.
إن أقصى رغبتي أن سود السلام في الجزيرة وأن تعود السكينة ما بين نجد والحجاز، وإني باسط لك رأيي في السلم ومقترح عليك عقد مؤتمر فيه إتمام المفاوضات التي بدأت في مؤتمر الكويت ينتهي بحول الله إلى حل يرضي الجميع، وذلك بعد سحب الجنود النجديين.