الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ: على أن الحسن البصري مع جلالة قدره كان يدلس، فلو فرض أنه سمع من سمرة غير حديث العقيقة، فلا يحمل روايته لهذا الحديث أو غيره على الاتصال إلا إذا صرح بالسماع، وهذا مفقود في هذا الحديث، بل في بعض الروايات عنه ما يشير إلى الانقطاع، فإنه قال فيها: قال سمرة، وهي رواية إسماعيل، ولذلك فالحديث لا يحتج به، وقد قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (3/ 50): إنه حديث غير ثابت.
-
إخلال آخر منه المستدرك بالأمانة العلمية:
قلت: وقد أخفى هذا المستدرِك ما نقله الشيخ عن الدارقطني من طعنه في سماع الحسن من سمرة، وهذا ليس من الأمانة العلمية، والله المستعان.
قال المستدرِك: وقال الحاكم -بعد أن أخرج حديث سمرة، وله شاهد بإسناد صحيح- ثم ذكره بإسناده - عن أبي هريرة قال: ثلاثًا (1) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن، تركهن الناس: يرفع يديه حتى جاوزتا أذنيه، ويسكت بعد القراءة هنية يسأل الله من فضله.
قلت: هكذا أورد الحديث مستشهداً به، وحكى تصحيح الحاكم، وسكت عنه، وهو حديث معلول، ضعيف غير صحيح، فقد رواه الحاكم (1/ 215)، ومن طريقه البيهقي (2/ 195) من طريق محمد بن أبي بكر ثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال: أتانا أبو هريرة في مسجد بني زريق، فقال: ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن، فذكره.
ورواه أبو داود (753) عن مسدد، والنسائي (2/ 124) عن عمرو بن علي
(1) هكذا بالنصب في المطبوع من المستدرك، وغيره: بالرفع، وكل متجه.
الفلاس، وأحمد بن حنبل (9608)، وابن خزيمة (460)، (473) من طريق بندار (مسدد، والفلاس، وأحمد بن حنبل، وبندار) أربعتهم عن يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال: ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهن الناس: كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدًّا، وكان يقف قبل القراءة هنية يسأل الله من فضله، وكان يُكبر كلما خفض، ورفع.
ومحمد بن أبي بكر، وهو المقدمي ثقة، لكن الواحد من المذكورين أوثق وأتقن منه بمراحل، فكيف إذا اجتمعوا على عدم ذكر السكوت بعد القراءة، بل ذكروه قبل القراءة، فرواية الأربعة أرجح بلا ريب من رواية المقدمي التي ذكر فيها السكوت بعد القراءة، كيف وقد توبع فرواه الترمذي (239)، والبزار (8413)، وابن خزيمة (458)، وأبو سعيد الأشج في جزئه (2)، والحاكم (1/ 235)، وابن حبان (1769)، وابن المقرئ في المعجم (639)، والخليلي في الإرشاد ص (51)، والبيهقي (2/ 27) كلهم من طريق يحيى بن يمان (1).
ورواه الترمذي (240) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي.
ورواه البخاري في جزء القراءة (279)، والبزار (8414)، من طريق أبي عاصم النبيل.
ورواه أحمد (10492) من طريق أبي أحمد الزبيري، (9608) من طريق يزيد ابن هارون.
(1) ولفظ الحديث عند يحيى بن يمان: كان إذا افتتح الصلاة نشر أصابعه نشرًا، وحكم بخطئه في هذا اللفظ أبو حاتم كما في العلل لابنه (265)، (458)، قال: وهم يحيى، إنما أراد: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدًّا، كذا رواه الثقات من أصحاب ابن أبي ذئب، وكذا قال الترمذي وغيره.
والطيالسي (2495)، ومن طريقه البيهقي (2/ 27)، والمزي في تهذيب الكمال (10/ 490 - 491).
ورواه ابن خزيمة (459)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 222)، وإبن حبان (1777)، والحاكم (1/ 234)، والبيهقي (2/ 27) كلهم من طريق أبي عامر العقدي.
وابن خزيمة (460)، (473)، وابن المنذر في الأوسط (1258)، (1280) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك.
والطحاوي (1/ 195) من طريق أسد بن موسى.
وأبن الأعرابي في معجمه (2244) من طريق آدم بن أبي إياس.
كلهم (يحيى بن يمان، ويحيى القطان في الرواية الراجحة، عبيد الله بن عبد المجيد، وأبو عاصم النبيل، وأبو أحمد الزبيري، وأبو داود الطيالسي، وأبو عامر العقدي، وابن أبي فديك، وأسد بن موسى، وآدم بن أبي إياس، ويزيد بن هارون) أحد عشرتهم رووه عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة، أكثرهم ذكر قوله: كان يقف قبل القراءة هنية، يسأل الله من فضله، والباقي ذكر رفع اليدين فقط مختصرًا، فلم يذكر السكتة بعد القراءة سوى محمد ابن أبي بكر المقدمي مخالفاً هذا الجمع، فشذوذ روايته بين، وقد أشار إلى إعلال روأيته البيهقي بقوله (2/ 195): ورواه عاصم بن علي (1) عن ابن أبي ذئب، فقال في الحديث: وكان يسكت قبل القراءة هنية، وبهذا المعنى رواه عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي وغيره عن ابن أبي ذئب.
(1) وهو يضاف إلى الأحد عشر راويًا، فيصيرون اثني عشر راوًيا.
ورواية الجماعة تتفق مع ما رواه البخاري (744)، ومسلم (598) وغيرهما من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة -قال: أحسبه قال: هنية-، فقلت: بأبي وأَمي يا رسول الله، إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟
…
فذكر الحديث وفيه دعاء الاستفتاح قبل القراءة.
***