الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث رقم (69)
- الإرواء (3/ 160) رقم (700):
قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: "لَوْ مُتِّ قَبْلي لَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ".
حكم الشيخ رحمه الله: صحيح.
حكم المستدرِك: قوله: "لَغَسَّلْتُكِ" لا يثبت، وهو الشاهد.
الراجح عندي: الحديث صحيح.
الحديث رواه النسائي في الكبرى (7079) وابن حبان (6586)، والبيهقي (3/ 396)، من طريق عمرو بن هشام، وأحمد بن حنبل (25908)، ومن طريقه ابن ماجه (1465)، والدارقطني (2/ 74)، وابن أبي أخي ميمي في الفوائد (139)، وابن الجوزي في التحقيق (859).
والدارمي (80) من طريق الحكم بن المبارك.
والدارقطني من طريق أحمد بن عبد الملك بن واقد.
والبيهقي من طريق أحمد بن بكار (عمرو بن هشام، وأحمد بن حنبل، والحكم ابن المبارك، وأحمد بن عبد الملك بن واقد، وأحمد بن بكار) خمستهم رووه عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة به.
وخالفهم محمد بن أحمد الصيدلاني، فرواه عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يعقوب عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عروة عن عائشة.
ورواية الجماعة أرجح لكونهم أكثر، ولأن محمد بن سلمة توبع على هذا الوجه، فقد رواه البيهقي في الدلائل (7/ 168 - 170)، من طريق يونس بن بكير
عن ابن إسحاق قال: حدثنا يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عائشة بنحوه.
وفي هذا الإسناد تصريح ابن إسحاق بتحديث يعقوب له، فأمنا تدليسه، وكذلك ورد التصريح بالتحديث كما في السيرة النبوية لابن هشام (4/ 218).
ورواه الطبري في تاريخه (3/ 188 - 189): وحدثنا ابن حميد قال حدثنا علي ابن مجاهد قال حدثنا ابن إسحاق فذكره بإسناده.
وعلي بن مجاهد متروك، وابن حميد ضعيف.
ورواه أبو يعلى (4579): حدثنا جعفر بن مهران حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة بنحوه.
وجعفر بن مهران روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، فإن كان حفظه، فهو محمول على أن ابن إسحاق سمعه من يعقوب، ومن الزهري، وإلا فالرواية الأولى أرجح.
قال المستدرك: قال ابن الجوزي فإن قيل: وقد روى هذا الحديث البخاري في صحيحه، فقال فيه:"قُلْتُ: وَارَأْسَاهُ. فَقَالَ: ذَلِك لَو كَانَ وَأَنا حَيٌّ؛ فَأَسْتَغْفِر لَكِ وَأَدْعُو لَكِ"، ورواه صالح بن كيسان عن الزهري، فقال فيه:"وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ، فَهَيَّأْتُكِ، وَدَفَنْتُكِ"، ولم يقل:"غَسَّلْتُكِ" إلا محمد بن إسحاق، وقد كذبه مالك.
قال المستدرك: ثم شرع في الجواب عن ذلك بما خلاصته أن ابن إسحاق ثقة صدوق.
قلت: لم يذكر من كلام ابن الجوزي في ابن إسحاق إلافي نقل من تكذيب
مالك له، ومالك هو مالك، فكيف إذا كذب أحد الرواة، فمهما يكن من عارض مالكًا، أيمر تكذيبه بلا أثر؟!، كلا، فإذا علم أن ما كان بين مالك وابن إسحاق هو ما يكون بين الأقران علم الموقف الصحيح من كلام بعضهم في بعض، وقال الشافعي رحمه الله: كنت عند مالك، فقيل له: إن ابن إسحاق يقول: اعرضوا على علم مالك، فإني بيطاره، فقال مالك: انظروا إلي دجال من الدجاجلة، فتبين بهذه القصة سبب قول مالك فيه ذلك، وكذلك كلام هشام بن عروة، وقابل ذلك قول شعبة فيه، وشعبة معروف بالتشدد، قال: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، وفي رواية عن شعبة، فقيل له: لم؟ قال: لحفظه، وفي رواية عنه: لو سود أحد في الحديث لسود محمد بن إسحاق، والظاهر أن خلاصة أمره ما قاله الحافظ في التقريب أنه صدوق، يدلس.
قال المستدرك: لو كان ابن إسحاق ثقة لما نفع توثيقه هنا شيئًا، لأن أصح هذه الأسانيد إسناد البخاري مع ما في ابن إسحاق من كلام معروف، لا سيما في أحاديث الأحكام، وإذا كان في ابن إسحاق ضعف، لا سيما في أحاديث الأحكام، وقد خالف من هو أوثق منه، فهذا دليل على خطئه، وعدم ضبطه للحديث.
وأقول: من المعلوم أن من شرط تعليل الروايات بعضها ببعض أن يتحد مخرجها، وليس الأمر كذلك هنا، فرواية البخاري من طريق القاسم بن محمد عن عائشة، ورواية محمد بن إسحاق من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها، فلا يعارض بين الروايتين مع اختلاف مخرج الحديث كما هو مقرر في هذا العلم الشريف، ولعله لذلك لم يذكر المستدرك من خالف ابن إسحاق، ولئن كان كذلك فالأمر خطير، والله المستعان.
قال المستدرِك: وقد ذهب الشيخ الألباني إلى أن رواية صالح بن كيسان تشهد لرواية ابن إسحاق نقلاً عن ابن حجر.
قال الألباني: فقول صالح بن كيسان في رواية: "فَهَيَّأْتُكِ" نص عام يشمل كل ما يلزم الميت قبل الدفن من الغسل والكفن والصلاة، فهو بمعنى قول ابن إسحاق في روايته:"فَغَسَّلْتُكِ، وَكفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ"، فالحديث بهذه المتابعة صحيح.
قال المستدرك: وهذا غير صحيح مطلقًا، وسبق أن بينت أنه من الخطأ التوسع في إثبات شواهد للأحاديث بعموم المعنى المشترك بين اللفظين، لأن أفهام الناس تختلف، ولذلك يقول الزيلعي معلقًا على لفظ:"فَغَسَّلْتُكِ" وهذا ليس فيه حجة، فإن اللفظ لا يقتضي المباشرة، فقد يأمر بغسلها، فإذا كان الزيلعي يقول ذلك في لفظ:"غَسَّلْتُكِ"، فماذا سيقول في لفظ:"هَيَّأْتُكِ"؟ (1).
وأقول: لا يخفى على أحد أن الزيلعي رحمه الله صرف النص عن ظاهره، كما يصنع المعطلة في نصوص الصفات نصرة لمذهبه الحنفي، فاستشهاد المستدرك بكلامه مما لا يفعله منصف، وكذلك لفظة:"هَيَّأْتُكِ"، لا أظن منصفًا يفهم من التهيئة قبل الدفن سوى ما ذكره الشيخ رحمه الله، وهو ما فهمه ابن الملقن في البدر المنير (5/ 208) حيث قال: بل تابعه عليه صالح بن كيسان الإِمام الثقة من غير ريب، وكذا الحافظ ابن حجر كما سبق.
والحديث صححه ابن حبان وهو من المتقدمين، وقد خالفه المستدرِك، فمن الذي يخالف الأئمة المتقدمين إذًا؟!!!.
…
(1) رواه النسائي في الكبرى (7081)، وأحمد (25113)، وابن حبان (6598) وغيرهم.