الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعل السبب الثالث لضعف الإسناد قوله: حديثه (يعني عبد الرحمن) عن أبيه بالذات أشد ضعفًا، قال ابن سعد في طبقاته (7/ 324): كان يضعف لروايته عن أبيه.
-
إخلال المستدرك بالأمانة العلمية:
وهذا كلام ناقص لا يستقيم إلا بكلام يأتي بعده، لأن روايته عن أبيه لا تكون سببًا في ضعفه، لأن أباه ثقة متفق على جلالته، ولعل بقية الكلام ما ذكره الحافظ في التهذيب بقوله: تكلم فيه مالك لروايته عن أبيه كتاب السبعة يعني الفقهاء، وقال: أين كنا عن هذا، ولئن كان كذلك فليس فيه تضعيف، لأنه قد يخفى على العالم ما وقع لغيره، ولعل قول مالك فيه لشيء كان بينهما، فقد قال الشافعي: كان ابن أبي الزناد يكاد يجاوز القصد في ذم مذهب مالك، بل قال سعيد ابن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة: قدمت المدينة، فأتيت مالك بن أنس، فقلت له: إني قدمت إليك، لأسمع العلم، وأسمع ممن تأمرني به، فقال: عليك بابن أبي الزناد، وعلى أي حال فهو تضعيف مقيد، وقد نقل هذا المستدرِك كلام المضعفين، وترك أقوال المعدلين، فقد قال الترمذي عنه: ثقة حافظ، وقال الواقدي: كان نبيلًا في علمه، وولي خراج المدينة، فكان يستعين بأهل الخير والورع، وقال أبو طالب عن أحمد يروى عنه، قلت: يحتمل؟
قال: نعم، وقال أيضًا فيما حكاه الساجي: أحاديثه صحاح، وقال أبو داود: كان عالمًا بالقرآن، عالمًا بالأخبار، فهل يحل لأحد ترك كل ما سبق؟
وهل الخيانة العلمية غير هذا؟.
وقد قال ابن المديني: ما حدث بالمدينة، فهو صحيح، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف، سمعت علي بن المديني يقول: حديثه بالمدينة
مقارب.
وقد رواه عنه عبد الله بن يعقوب، وأبو غزية، وهما مدنيان.
وقال ابن معين فيما حكاه الساجي: عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة حجة، وقال ابن معين أيضًا: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد، ولعل خلاصة أقوالهم قول الذهبي: قد مشاه جماعة، وعدلوه، وكان من الحفاظ المكثرين، ولا سيما عن أبيه وهشام بن عروة.
فتأمل قول ابن معين في رواية عبد الرحمن عن أبيه أنها حجة، وكذا وافقه الذهبي وقول هذا المتسرع:(إن حديثه عن أبيه بالذات أشد ضعفًا) لتقف على حقيقة هؤلاء الذين يشككون في إمام المحدثين في عصرنا!!.
والحاصل أن أقل أحوال هذا الإسناد الحسن، والله أعلم.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الحاكم (1/ 447)، والبيهقي (5/ 33)، وفي إسناده ضعف.
وروى ابن أبي شيبة (5/ 638)، والبزار كما في كشف الأستار (1084)، والدارقطني في سننه (2/ 220)، والحاكم (1/ 447)، ومن طريقه البيهقي (5/ 33) كلهم من طريق سهل بن يوسف عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر قال: إن من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم، وإذا أراد أن يدخل مكة.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 217): رجال البزار ثقات كلهم، وعزاه للطبراني في الكبير.
قلت: ولم أقف له على علَّة.
قال المستدرِك: ظاهر هذا الإسناد صحيح، ويشهد لحديث زيد بن ثابت، لولا أن في النفس شيء [كذا] من أن المتن منكر.
هكذا قال، وكأننا أمام أحمد بن حنبل أو علي بن المديني، ثم أخذ يوضح النكارة التي في نفس فضيلته يكون الصحابة مع كثرتهم لم يذكروا الاغتسال، وهذا قد سبق رده بمثل حديث "إنما الأعمال بالنيات" الذي قاله عمر على المنبر، ولم يروه عنه إلا علقمة، وله نظائر، أسأل الله أن يريح طلاب العلم من المتعالمين، والله المستعان.
وعلى أي حال، فالحديث حسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وهما من المتقدمين بلا ريب، فليس من دعوى المستدرِك في ورد ولا صدر.
***