الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حبان، واعتبرهما أبو حاتم واحد، ومولى الجارود روى عنه ثلاثة، وقال عنه ابن معين: ليس به بأس، وابن لاحق روى عنه أربعة، وذكرهما ابن حبان في الثقات، فعلى ما ذكر عند الترمذي فالإسناد حسن، وعلى الآخر فأقل أحواله أن يصلح في الشواهد والمتابعات.
ورواه البيهقي قبله موقوفاً بإسنادين، وقال: الإسنادان الأولان أصح من رواية زياد بن الربيع، وفيهما دلالة على خطأ رواية ابن الربيع، وقد قال البخاري: فيه نظر.
قلت: لا تعارض بين الحديثين، فإنهما حديثان مختلفان أحدهما مرفوع، والآخر موقوف، وأما زياد فقد استغل المستدرك كلام البيهقي، وزاد عليه، فقال: وابن الربيع وإن كان وثقه أحمد وغيره إلا أن البخاري قال: فيه نظر، وذكره العقيلي، وابن عدي، وذكره غيرهما ممن ألف في الضعفاء كالذهبي في الميزان.
-
إخلال آخر من المستدرك بالأمانة العلمية:
قلت: أما العقيلي، وابن عدي فلم يذكرا فيه سوى قول البخاري: في إسناده نظر، فلئن صحت هذه اللفظة عنه فتحمل على إسناد بعينه، لا في زياد نفسه كما نقل ذلك البيهقي، وتلقفها عنه هذا المستدرك، ويرد هذا النقل أن البخاري لم يذكر ذلك في كتبه، ولا ذكره في الضعفاء، والفصل في هذا أن البخاري أخرج له في صحيحه برقم (4208)، وطالما أن هذا المستدرك اطلع على ترجمته في الكامل، فقد وقف على قول ابن عدي فيه: لا أرى بأحاديثه بأسًا، فهل إخفاؤه لذلك من الأمانة العلمية؟، وقد ذكر أن الذهبي ذكره في الميزان، وهو كذلك إلا أن الذهبي قد وضع أمامه علامة (صح) التي تعني أن ما قيل فيه لا ينزل بحديثه عن الاحتجاج، ولئن كان لا يعلم هذا، فقد قال الذهبي: قد احتج بزياد أبو عبد الله في جامعه، فإخفاء ذلك خيانة لا تخفى، فلحساب من يعمل هؤلاء؟!!!.
وقد توبع الحضرمي، فرواه الطبراني في الأوسط (5698)، وفي الشاميين (323): حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سهل بن صالح الأنطاكي ثنا ابن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي حدثني سليمان بن موسى حدثني نافع قال ثنا ابن عمر فذكره.
قلت: وهذا إسناد مسلسل بالثقات، وبالتحديث غير سليمان بن موسى، ولا أرى منصفًا يقف على ترجمته يخالف ما قاله ابن عدي حيث قال: حدث عنه الثقات من الناس، وهو أحد علماء الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها يرويها، ولا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق.
قلت: وهو هنا متابع فلا يرد عليه ما قاله ابن عدي، وهو ممن جاز القنطرة، فقد روى له مسلم، وأما هذا المستدرِك، فقد قال كلامًا يبين لك استهتار هؤلاء الهدامين بسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقد قال: هذه المتابعة لا يفرح بها (1) لأمرين:
الأول: قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن عبد العزيز إلا الوليد ابن مسلم، تفرد به سهل (2) بن صالح، فهو مسلسل بالتفردات.
وأقول: فكان ماذا؟، وقد سبق بيان انحراف أهل هذه المدرسة في هذا الباب بما لا حاجة إلى إعادته، وقد سبق أنهم كلهم ثقات.
وذكر الأمر الثاني ما قيل في سليمان بن موسى، ويكفي في بيان انحرافه أن مسلمًا أخرج له في صحيحه، ولا حاجة إلي الإطالة في مناقشته، ولبيان انحرافه في
(1) وليتأمل القارئ هذه العبارة التي لا يطلقها أهل العلم إلا على الطرق الواهية لتقف على البون الشاسع بين هؤلاء وبين أهل العلم.
(2)
حرفه المعلقون على معجم الطبراني الأوسط -طبعة الحرمين إلى سهيل، مع أنهم ذكروا أن في الأصل (سهل)، فتبعهم على التحريف هذا المستدرِك.
الكلام على الرواة، فقد نقل كلام أبي حاتم عنه: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه، فهنا تكلم أبو حاتم على فقهه، ثم عاد ليتكلم على حديثه، فقال: ولا أثبت منه، فهل يمكن لأحدٍ أن يصرف هذا الثناء عن حديثه، لقد وقع هذا من المستدرِك حيث قال: فأثنى على فقهه، ولا يمكن أن يريد بقوله: ولا أثبت منه الحفظ والضبط، كيف وقد قال البخاري عنه: عامة أحاديثه مناكير.
وهل يمكن لأحد أن يتجاسر على صرف كلام العلماء عن مدلوله بهذه الطريقة؟ ما لأبي حاتم والبخاري؟، أليس معلوما عند كل الناس أن العلماء يختلفون؟، وإذا لم يمكن أن يريد بقوله: ولا أثبت منه الحفظ والضبط، فماذا يمكن أن يريد بها؟
لم يذكر لنا هذا الجهبذ لهذا اللفظ تفسيرًا.
فهل وقف أخي القارئ على مدى البلاء الذي نحن فيه؟!.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمر عند البزار كما في كشف الأستار (2011).
حدثنا محمد بن عبد الله (1) المخرمي ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن أسباط ابن زرعة (2) عن جعفر بن أبي وحشية عن مجاهد عن ابن عمر بنحوه.
(1) في المطبوع: محمد بن عبيد الله، وهو خطأ، فهو محمد بن عبد الله بن المبارك.
(2)
تصحف في كشف الأستار إلي أسباط بن عزرة، والظاهر أنه تصحيف في الأصل، فإن الهيثمي قال في مجمع الزوائد (8/ 56 - 57): فيه أسباط بن عزرة، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأسباط بن زرعة قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: روى عن مجاهد روى عنه إسرائيل سمعت أبي يقول ذلك، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً.
وله شاهد من حديث أبي مالك الأشعري عند الطبراني في الكبير (3441)، وفي الشاميين (1664)، وفي إسناده محمد بن إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف، وشريح بن عبيد لم يسمع من أبي مالك.
والحديث صحيح بطرقه كما لا يخفى، ومن ضعفه من أهل العلم كالبخاري وغيره فهو بالنظر إلي طريق واحد، وقد صححه ابن حبان والحاكم، ولم يتعقبه الذهبي، وصححه ابن حجر في الإصابة (3/ 54).
***