الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن هشامًا وحربًا اختلف عليهما اختلافًا كثيراً، وأما حسين، فروايته بإثبات رواية يعيش بن الوليد عن أبيه راجحة رجحانا بينا، ولذا رجحها الأئمة، وقد صرح يعيش بسماع الحديث من معدان، فصح الحديث على الوجهين.
قال المستدرِك: هذا الخلاف لا يؤثر على الحديث؛ لأن كلًّا من يعيش وأبيه يرويان عن معدان، فهو من المزيد في متصل الأسانيد.
قلت: ليس هذا من المزيد في متصل الأسانيد، بل هو من باب حمل الحديث على الوجهين، وأما المزيد في متصل الأسانيد، فيكون حين تكون زيادة راوٍ على سبيل الخطأ ممن زاده في موضع الاتصال، وهو واضح من تسميته: المزيد في متصل الأسانيد، قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر ص (167): إن كانت المخالفة بزيادة راو في أثناء الإسناد، ومن لم يزدها أتقن ممن زادها، فهذا هو المزيد في متصل الأسانيد، وشرطه أن يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة، وإلا فمتى كان معنعنًا مثلاً ترجحت الزيادة.
-
جهل المستدرك بمبادئ علم مصطلح الحديث:
قلت: وهذا الموضع يكشف لك حال هؤلاء المتعدين على أهل العلم الذين يتسرعون بالاعتراض على أئمة الحديث الذين أفنوا حياتهم في خدمته، وهم لم يفهموا بعد مبادئ وبدايات هذا العلم الشريف، فإلى الله المشتكى.
وعلى أي حال فهذا المعترض لم يورد هذا الحديث لطعنه في صحته كما سبق، وإنما لأجل هذه اللفظة: قاء، فتوضأ، وهي قاء، فأفطر، وهذا ليس من باب الإعلال في شيء، وإنما هو من باب تصحيح لفظة في الحديث.
وقد نقل المستدرِك عن الشيخ أحمد شاكر قوله: ونحن نوافقه (يعني المباركفوري) على أنه غير محفوظ في اللفظ، ولكنه على كل حال ثابت في المعنى،
لأن قول ثوبان تصديقًا لأبي الدرداء: (صدق، أنا صببت له وضوءه) دليل على أن الوضوء مذكور في أصل الحديث قال المستدرِك: فالشيخ أحمد شاكر رحمه الله يقرر عدم ثبوت لفظ الوضوء، لكنه يثبت من جهة المعنى كما سبق، وهذا غير صحيح، فإن إثبات لفظ ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق المعنى والاستنباط الذي قد تختلف فيه وجهات النظر أمر غير سليم.
وأقول: هل يعني أن هذا اللفظ نُسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله؟
فإن قصد ذلك، فهو غلط كما هو واضح، فإن قصد حكايه فعله صلى الله عليه وسلم فلا أظن عاقلًا يعترض على ما قرره الشيخ أحمد شاكر.
وإن قصد حكايته فعله صلى الله عليه وسلم بما ورد في الحديث، فلا شك أن تحري ألفاظ الحديث هو الأكمل، وأن الأولى بشيخنا الألباني أن ينبه على هذا، ولكن ما صلة هذا بدعواه العريضة مخالفة الشيخ لمنهج المتقدمين في التصحيح والتضعيف، بل ما صلته بما سماه مستدرك التعليل؟!!.
وقد عزا الحديث للطيالسي (1086) من طريق معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء عن ثوبان، وليس كذلك، بل هو من طريق أبي الجودي عن أبي بلج عن أبي شيبة المهري عن ثوبان، وليس فيه ذكر للوضوء، وهذا من أوهامه الكثيرة.
***