الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الباب كيحيى القطان وتأثر به في ذلك الإِمام أحمد.
-
بيان فساد طريقة المستدرك في إعلال الأحاديث بالتفرد وإكثاره من ذلك:
قال ابن رجب الحنبلي في شرح علل الترمذي ص (655): قال إسحاق بن هانئ: قال لي أبو عبد الله (يعني أحمد): قال لي يحيى بن سعيد: لا أعلم عبيد الله يعني ابن عمر أخطأ إلا في حديث واحد لنافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُسَافِر امْرَأةٌ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ
…
الحديث. قال أبو عبد الله: فأنكره يحيى بن سعيد عليه.
قال أبو عبد الله: قال لي يحيى بن سعيد: فوجدته قد حدث به العمري الصغير عن ابن عمر مثله.
قال أبو عبد الله: لم يسمعه إلا من عبيد الله، فلما بلغه عن العمري صححه.
قال ابن رجب: وهذا الكلام يدل على أن النكارة عند يحيى القطان لا تزول إلا بمعرفة الحديث من وجه آخر.
قلت: ويدل أيضًا على أن الأئمة المتقدمين قد يضعفون الحديث من بعض طرقه، ويكون ثابتًا من وجوه لم تبلغهم بخلاف المنتسبين إلى المدرسة الجديدة التي تقوم على احتقار الأئمة الذين يصفونهم بالمتأخرين وعلى تقديس الأئمة المتقدمين حتى أوشكوا أن يؤلهوهم، ويدل أيضًا على تقوية الحديث بطرقه الضعيفة بخلاف ما ذهب إليه أكثر أصحاب المدرسة المذكورة، ولي عليهم رد، وهو المسمى: بـ "القول الحسن في كشف شبهات حول أي حتجاج بالعديد الحسن".
قال ابن رجب: وكلام الإِمام أحمد قريب من ذلك.
قال عبد الله: سألت أبي عن حسين بن علي الذي يروي حديث المواقيت، فقال: هو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت ليس
بمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.
وقال أحمد في بريد بن عبد الله بن أبي بردة: يروي أحاديث مناكير.
وقال أحمد في محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وهو المنفرد برواية حديث: "الأعْمَال بِالنِّيَّات": في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير، أو قال: منكرة. وقال في زيد بن أبي أنيسة: إن حديثه لحسن مقارب، وإن فيها لبعض النكارة، قال: وهو على ذلك حسن الحديث.
قال الأثرم: قلت لأحمد: إن له أحاديث إن لم تكن مناكير فهي غرائب، قال: نعم.
قال ابن رجب: وهؤلاء الثلاثة متفق على الاحتجاج بحديثهم في الصحيح، وقد استنكر أحمد ما تفردوا به، وكذلك قال في عمرو بن الحارث: له أحاديث مناكير، وفي الحسين بن واقد، وخالد بن مخلد، وجماعة خرج لهم في الصحيح بعض ما ينفردون به.
وأما تصرف الشيخين والأكثرين فيدل على خلاف هذا، وأن ما رواه الثقة عن الثقة إلى منتهاه وليس له علة فليس بمنكر.
وقد خرجا في الصحيحين حديث بريد بن عبد الله بن أبي بردة، وحديث محمد بن إبراهيم التيمي، وحديث زيد بن أبي أنيسة. انتهى كلام ابن رجب رحمه الله، وقد أطلت في هذه المسألة لأن هذا المستدرِك كثيراً ما يعل الأحاديث بها، فليعلم أنها طريقة شاذة على خلاف ما عليه أكثر المحدثين، ولو اتبعت لردت كثير من أحاديث الصحيحين كما بين ذلك ابن رجب رحمه الله وقد زدت ذلك بيانًا في كتابي المشار إليه آنفًا.
ثم قال: في أحاديث أهل الكوفة عن ابن جابر مناكير كثيرة.
قلت: هذا كلام مطلق ظهر تقييده بأبي أسامة وحده كما سبق بيانه، وكذلك ما ذكره بعد ذلك بقوله: كثرة الحفاظ الأثبات الذين ذهبوا إلى هذا، فقد سبق أن الأكثر لم يذكروا حسينًا الجعفي، ومن ذكره لم يقطع بذلك.
ثم قال: لم يذكر الدارقطني والعجلي ما يدل على صحة سماع حسين الجعفي من ابن جابر.
وأقول: قد سبق بالطرق الصحيحة إثبات سماعه منه، وأن الدارقطني قد فصل ما أجمله غيره حيث فرق بين أبي أسامة وحسين الجعفي، وبذلك يتبين أن هذا المستدرِك يشقق الكلام، ويعترض بأمور واهية لا تغني من الحق شيئًا، وإنما يشوش بها على من لا يدري، ولو أنه تأنى وتعلم قبل أن يخرج للناس مثل هذا الكتاب لكان خيرًا له ولغيره، والله المستعان.
وبهذا النفس المتعطش إلى تضعيف الأحاديث الذي تعامل به مع الطريق الصحيح السابق ذكره تعامل أيضًا مع الشواهد:
فقد ذكر الشيخ حديثًا رواه ابن ماجه (1637) من طريق سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي عن أبي الدرداء مرفوعًا.
قال الشيخ: قال المنذري: إسناده جيد، فأخفاه المستدرِك، وهذا إخلال بالأمانة، وقال: منقطع في موضعين كما قال البوصيري رحمه الله.
قلت: أما الموضع الأول فهو بين عبادة بن نسي وأبي الدرداء، وقد ذكره الشيخ رحمه الله.
وأما الموضع الثاني الذي أشار إليه البوصيري فالظاهر أنه فهمه من قول البخاري: زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي مرسل، والظاهر أن البخاري يعني أن الحديث مرسل بين عبادة وأبي الدرداء، ولا يعني بين زيد وعبادة، ولذا لم يذكر