الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث رقم (97)
- الإرواء (4/ 295) تحت الحديث رقم (1098):
حديث الفضل بن عباس قال: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، متفق عليه.
قال المستدرك: خلاصة رأي الشيخ الألباني رحمه الله: زيادة صحيحة، ثم قال:
وفي رواية لابن خزيمة زيادة: ثم قطع التلبية مع آخر حصاة، وهذه الزيادة هي محل الاستدراك، وضعفها.
الراجح عندي: صحة الزيادة.
قال الشيخ في حاشية الإرواء: أخرجه ابن خزيمة في صحيحه بزيادة: ثم قطع التلبية مع آخر حصاة، وقال: هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى، وأن المراد بقوله:(حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) أي: أتم رميها.
فهنا لم يصرح الشيخرحمه الله بصحة هذه الزيادة، وإنما صرح بها ابن خزيمة، فكان الأولى بهذا المستدرك أن يوجه استدراكه لابن خزيمة أولاً إن كان منصفًا.
ثم إن هذه الزيادة كما قال ابن خزيمة مفسرة، ومبينة لأصل الحديث، فكل روايات الحديث بجميع طرقه، فيها أنه صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى الجمرة، كلها بصيغة الماضي، وأما تفسير البيهقي رحمه الله قوله: حتى رمى الجمرة بـ: حتى أخذ في رمي الجمرة، فهذا خلاف الظاهر، وهو صرف للكلام عن ظاهره، دون دليل صحيح ملجئ لذلك.
-
إخلال آخر من المستدرك بالأمانة العلمية:
وأما احتجاج المستدرك لذلك بما رواه ابن خزيمة (2886) عن ابن مسعود
قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة، ففي إسناده شريك بن عبد الله النخعي، وهو ضعيف، وشيخه عامر بن شقيق ضعفه قبل ذلك المستدرِك، ومع ذلك سكت عنهما المستدرِك، واحتج بالحديث، وهذه خيانة علمية، والله المستعان.
وقد نقل المستدرك كلام البيهقي، ورده على ابن خزيمة، وترك كلام ابن التركماني، وفيه تفصيل جيد بين به المسألة أحسن بيان حيث قال البيهقي: تكبيره مع كل حصاة كالدلالة على قطعه التلبية بأول حصاة كما روينا في حديث عبد الله ابن مسعود، وقوله: يلبي حتى رمى الجمرة: أراد به حتى أخذ في رمي الجمرة، وأما ما في رواية الفضل بن عباس من الزيادة فإنها غريبة، أوردها محمد بن إسحاق بن خزيمة، واختارها، وليست في الروايات المشهورة عن ابن عباس عن الفضل بن عباس، فالله أعلم.
فتعقبه ابن التركماني بقوله: الغريب إذا صح سنده يعمل به، وقد أخرج ابن حزم هذا الحديث في كتاب حجة الوداع بسند جيد من حديث أبي الزبير عن أبي معبد مولى ابن عباس عن الفضل، ولفظه: ولم يزل عليه السلام يلبي حتى أتم رمي جمرة العقبة (1)، وهذا صريح، وهو يقوي الرواية التي رواها ابن خزيمة، واختارها، ويدل على أنها ليست بغريبة، والعجب من البيهقي: كيف يترك هذا الصريح، ويستدل بقوله: يكبر على قطع التلبية بأول حصاة، مع أن التكبير لا يمنع التلبية، إذ الحاج له أن يكبر، ويلبي، ويهلل، وقد بين ذلك ابن مسعود فيما سيأتي عنه في هذا الباب من قوله: فما ترك التلبية حتى رمى الجمرة إلا أن يخلطها
(1) حجة الوداع لابن حزم (137)، وقد رواه ابن حزم من طريق مسلم، وعند مسلم (1282) ليس فيه كلمة (أتم).
بتكبير أو تهليل (1)، وقال أبو عمر في التمهيد: قال أحمد، وإسحاق وطائفة من أهل النظر والأثر: لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة بأسرها، قالوا: وهو ظاهر الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة، ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث: حتى رمى بعضها، على أنه قد قال بعضهم في حديث عائشة: ثم قطع التلبية في آخر حصاة، وفي الإشراف لابن المنذر: وروى بعض أصحابنا ممن يقول بظاهر الأخبار: خبر ابن عباس، ثم قال: قطع التلبية مع آخر حصاة.
قلت: وقد روى النسائي (276)، وابن ماجه (3040) من طريق خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال الفضل بن عباس: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم فما زلت أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فلما رماها قطع التلبية.
وهو صريح أيضًا في استمرار التلبية حتى ينتهي من الرمي، إلا أن خصيفًا ضعيف، إلا أنه يقوي رواية ابن خزيمة، وينفي عنها الغرابة.
وهذه الزيادة صححها ابن خزيمة، وضعفها البيهقي، فكان ماذا؟!
…
(1) رواه أحمد (3961) وغيره، وإسناده صحيح.