الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث رقم (84)
- الإرواء (4/ 53) تحت الحديث (925):
حديث: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ".
حكم الشيخ رحمه الله: صحيح بزيادته.
قال المستدرِك: هذا اللفظ في الصحيحين، وفي النسائي زيادة:"عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ الله الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا"، وضعفها.
الراجح عندي: الزيادة صحيحة.
الحديث بدون الزيادة رواه البخاري (1946)، ومسلم (1115)، وأبو داود (2407)، وأحمد (193)، (14426)، (15282)، والنسائي (4/ 177) وغيرهم (1) من طرق عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي عن جابر به.
ولم يختلف على شعبة في اسم محمد بن عبد الرحمن أنه ابن سعد، وتابعه على تسميته عمارة بن غزية، وهو ثقة عند أحمد (14794)، والفريابي في الصيام (75)، وابن حبان (3553، (3554)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 173)، ورواه يحيى بن أبي كثير، واختلف عليه:
فرواه النسائي (4/ 176)، وهو في الكبرى (2568)، وابن عبد البر في الاستذكار (10/ 79)، من طريق وكيع قال: حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بذكر الزيادة.
(1) وقد خرجته في التعليق على المنتخب لعبد بن حميد (1080).
ورواه النسائي من طريق عثمان بن عمر قال أنبأنا علي بن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن، ولم ينسبه عن رجل عن جابر فذكره دون الزيادة، ووكيع أرجح من عثمان، وقد توبع وكيع على نسبة محمد بن عبد الرحمن، وعلى الزيادة، فرواه الفريابي في الصيام (77)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 62)، وابن حبان (355) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر فذكره بالزيادة.
وعند الطحاوي التصريح بالسماع في الإسناد كله.
وقد توبع الوليد، تابعه أيوب بن سويد، وهو ضعيف عند الطبري في تهذيب الآثار - مسند ابن عباس (245) فرواه عن الأوزاعي، فنسب محمد بن عبد الرحمن بابن ثوبان، وذكر الزيادة.
وقد خولفا، فرواه الطبري (246): حدثني العباس بن الوليد العذري أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن زرارة قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله فذكره.
وقال النسائي في الكبرى (2566)، وهو في المجتبى (4/ 176): أخبرني شعيب بن شعيب بن إسحاق قال: حدثنا عبد الوهاب بن سعيد قال: حدثنا شعيب قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن قال: حدثني جابر بن عبد الله، فذكره بالزيادة.
قال النسائي: هذا خطأ، ومحمد بن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من جابر.
ثم قال: أخبرني محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن قال: حدثني من سمع جابرًا
نحوه.
وقال أبو حاتم كما في العلل لابنه (728) في رواية الوليد بن مسلم: هذا حديث خطأ، إنما هو: محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المزي في تحفة الأشراف (2/ 270) تعقيبا على كلام النسائي: هذا وهم من النسائي رحمه الله حيث ظن أن محمد بن عبد الرحمن الذي روى عنه شعبة هو ابن ثوبان، وإنما هو ابن سعد بن زرارة الأنصاري، نسبه غير واحد في هذا الحديث عن شعبة، وأما ابن ثوبان فلم يسمع منه شعبة، ولا لقيه.
قال ابن حجر في فتح الباري (4/ 185): والذي يترجح في نظري أن الصواب مع النسائي، لأن مسلمًا لما روى الحديث من طريق أبي داود عن شعبة قال في آخره: قال شعبة: كان بلغني هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الإسناد في هذا الحديث: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم"، فلما سألته لم يحفظه، قال الحافظ: والضمير في سألت يرجع إلى محمد بن عبد الرحمن شيخ يحيى، لأن شعبة لم يلق يحيى، فدل على أن شعبة أخبر أنه كان يبلغه عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو عن جابر في هذا الحديث زيادة، ولأنه لما لقي محمد بن عبد الرحمن شيخ يحيى سأله عنها، فلم يحفظها.
قال المستدرك: وما ذكره الحافظ قوي للغاية، وهو ينسجم مع ما قرره الحفاظ رحمهم الله جميعًا، وقال قبل ذلك: وقد نصر الحافظ قول النسائي بكلام محرر جدًّا.
وأقول: لا أدري لماذا أثنى كل هذا الثناء على كلام الحافظ وحده؟ مع أنه مبني على الظن حيث افترض أن شعبة سأل شيخ يحيى بن أبي كثير عن هذه الزيادة، ورتب على ذلك أن شيخ يحيى هو شيخ شعبة، وهو محمد بن عبد الرحمن بن سعد
ابن زرارة، والأقرب أن يكون شعبة سأل شيخه، هل حفظ ما بلغه أن يحيى بن أبي كثير يرويه عن شيخه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان الذي وقعت نسبته كذلك في روايات عنه، ثم إن هذا الذي أورده الحافظ، قد رواه مسلم من طريق أحمد بن عثمان النوفلي: حدثنا أبو داود حدثنا شعبة، والحديث مروي عن شعبة من طرق كثيرة جدًّا، وفيها رواية غندر الذي هو أثبت الرواة عنه، وليس في شيء منها هذه الزيادة، بل إن هذه الزيادة ليست في مسند أبي داود الطيالسي (1827) الذي روى عنه أحمد بن عثمان هذه الزيادة، فلماذا لا نقول بشذوذها؟!.
وقد قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (2/ 579) رقم (585) عن طريق شعيب بن شعيب بن إسحاق: هذا إسناد صحيح متصل، يذكر كل واحد منهم:"حدثني" حتى انتهى ذلك إلى محمد بن عبد الرحمن، فقال: حدثني جابر،
…
والذي بعده من قول النسائي: هذا خطأ، ومحمد بن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من جابر.
نبين الآن -إن شاء الله أنه إنما قال ذلك معتقداً أنه محمد بن عبد الرحمن بن سعد، لا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وذلك أن كل ما أورد بعده منقطعا، إنما هو لمحمد بن عبد الرحمن بن سعد، لا لابن ثوبان.
فمما أورد بعده: نبأني محمود بن خالد حدثنا الفريابي حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى حدثنا محمد بن عبد الرحمن أخبرني من سمع جابرًا نحوه.
فهذا هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، لا ابن ثوبان.
وأورد من رواية وكيع: عن علي بن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن جابر، هكذا معنعناً، لم يقل: أخبرني جابر، كما قال شعيب عن الأوزاعي، وصرح فيه بأنه ابن ثوبان.
وقال عثمان بن عمر: عن علي بن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن رجل عن جابر.
وهذا أيضًا هو ابن سعد، لا ابن ثوبان، فعرف النسائي أن محمد بن عبد الرحمن هذا الذي يقول في رواية الفريابي: عن الأوزاعي عن يحيى عنه، حدثني من سمع جابرًا -وفي رواية عثمان بن عمر: عن علي بن المبارك عن يحيى عنه عن رجل عن جابر أنه محمد بن عبد الرحمن بن سعد، فقضى لذلك بانقطاع روايته للحديث عن جابر، وزاد إلى ذلك أن ظن أنه الذي في رواية شعيب عن الأوزاعي، فخطأ من قال عنه: حدثني جابر، وجزم بأن بينهما رجلاً، ثم أخذ في بيان من هو هذا الرجل الذي بينهما، فقال: ذكر اسم الرجل: حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى وخالد ابن الحارث عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد ظلل عليه في السفر، فقال:"لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ"، ثم قال: حديث شعبة هذا هو الصحيح. انتهى ما أورد النسائي في بيان انقطاع رواية محمد بن عبد الرحمن بن سعد فيما بينه وبين جابر في هذا الحديث.
والخطأ فيه هو في أن اعتقد في محمد بن عبد الرحمن القائل: حدثني جابر أنه ابن سعد، وليس الأمر كذلك، وإنما هو ابن ثوبان، وهو قد سمعه من جابر، كما أخبر عن نفسه في قوله:"حدثني جابر"، وقد صُرِّح بكونه ابن ثوبان في رواية وكيع عن علي بن المبارك.
فإذن هذا الذي يرويه شعبة عنه عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر، ليس هو محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وإنما هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وبيان ذلك في كتاب مسلم وأبي داود في نفس هذا الإسناد، وهو أنصاري، وليس في روايته ذكر للزيادة المذكورة، وإنما هي في رواية محمد بن عبد الرحمن بن
ثوبان.
ويحيى بن أبي كثير معروف الرواية عن الرجلين، أما عن ابن ثوبان فهو مصرح به في الإسناد المذكور من رواية وكيع عن علي بن المبارك.
وروايته عن ابن سعد بن زرارة مصرح به أيضًا في كتاب مسلم في الحديث المذكور دون الزيادة المذكررة (1).
قلت: فاتفق ما انتهى إليه ابن القطان مع ما انتهي إليه المزي، وكلامهما أقرب للقبول من كلام الحافظ ابن حجر، قال شيخنا الإمام الألباني رحمه الله: قول من قال فيها: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهم، وإنما هو ابن عبد الرحمن بن سعد، وهذا عندي بعيد، لأنه يلزم منه تخطئة ثقتين حافظين هما الوليد بن مسلم ووكيع، فإنهما قالا:"ابن ثوبان" كما سبق، ومثل هذا ليس بالأمر السهل ما أمكن الجمع دون تخطئة الثقات الآخرين.
قلت: ويضاف إليهما شعيب بن إسحاق الذي قال عن محمد بن عبد الرحمن: حدثثي جابر، فترجيح الانقطاع يقتضي تخطئة ثلاثة من الثقات، فالجمع أولى كما ذهب إليه ابن القطان، والمزي، واحتج به ابن حزم في المحلى (6/ 254)، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وبالله التوفيق.
…
(1) قال المعلق: هذا وهم من المؤلف رحمه الله، فلا وجود لرواية يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد في كتاب مسلم، وهو كما قال.