الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث، فقال: لا أدري ما هذا الحديث، فكأنه رأى الحديث الأول أصح يعني حديث عطاء بن يسار.
قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (1/ 210): وفي هذا السلك نظر، فإن البخاري روى في صحيحه حديث ابن عباس رضي الله عنه كما سيأتي، وقال في آخره: ثم أخذ غرفة من ماء، فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى، فغسل بها، يعني رجله اليسرى ثم قال هكذا رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يتوضأ (1)، وذكر رحمه الله سبعة أوجه في رد تضعيف هذا الحديث، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: ثبت التوضؤ في النعلين، أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وسيأتي في الكتاب (يعني صحيح أبي داود) في باب وقت الإحرام من الحج رقم (1554) فمثل ما أولوا، وفسروا هذين الحديثين يفسر حديث ابن عباس عن علي، وبيان ذلك في المطولات كـ"الفتح" وغيره، كـ"تهذيب السنن" لابن القيم، وقد أطال النفس فيه، وأجاد بما لا يوجد مجموعًا في كتاب، فراجعه.
قلت هذا هو المعتبر، إذ إن الاعتراض على قبول الحديث من ناحية المتن، لا من ناحية الإسناد، فإذا أمكن توجيه المتن، والجمع بينه وبين ما عارضه من النصوص وجب المصير إليه، كما هو معلوم ومقرر في باب اختلاف الحديث.
-
تطاول المستدرِك على الإِمام أحمد شاكر:
وأما المعترض فلم يأت بشيء سوى التطاول على الكبار متل قوله عن الشيخ الإِمام أحمد شاكر: قد علق العلامة أحمد شاكر على تضعيف البخاري لهذا الحديث بقوله: وما أدري أنا وجه تضعيف البخاري إياه، محمد بن إسحاق ثقة، وزعم بعضهم أنه مدلس، وقد ارتفعت هذه الشبهة إن وجدت بتصريحه في هذا الإسناد
(1) رواه البخاري (140) - باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة.
بالتحديث، فلا وجه لتضعيف (1) هذا الحديث، فقال المعترض: إذا كان الشيخ شاكر لا يدري ما وجه تضعيف البخاري، فلا ينبغي الجزم بأنه لا وجه لتضعيف هذا الحديث حتى يبحث عن علة الخبر عند البخاري. وهذه مشكلة منتشرة بين المتأخرين - مع الأسف، وهي المسارعة إلى رد كلام الحفاظ الأثبات بدون بحث وتأمل وتأني.
وأقول: أنا لا أدري متى ينتهي هؤلاء عن التطاول على الأئمة الأعلام، أسأل الله أن يطهر الكتب الإسلامية والعمل الإسلامي من مثل هذا، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
ومع وصف هذا المستدرِك للشيخ الإِمام أحمد شاكر بما حاصله الجرأة والجهل والتسرع، فقد أثبت لنفسه البحث والتأمل والتأني بقوله: وهذا الخبر له علتان هما التفرد والنكارة، وقد أشار إلى هذا البخاري بقوله: ما أدري ما هذا؟
وأقول: ليس في كلام البخاري سوى الاعتراض على ظاهر المتن والحكم الظاهر من الحديث، وقد سبق الجواب عنه، وأما التفرد فإعلال الحديث به مع غيره من أفاعيل هذا المعترض، وقد سبق الجواب عنه بما لا حاجة لإعادته.
وعلى أي حال فإن كان الشافعي والبخاري قد ضعفا هذا الحديث، فقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، وهما من المتقدمين بلا ريب، فقد اختلف المتقدمون في الحكم عليه بين مصحح ومضعف، وعليه فلا تعلق لهذا المتسرع بما ادعاه من خلاف إمام المحدثين لمنهج المتقدمين في تصحيح الأحاديث وإعلالها.
(1) هل فات المستدرك أن يعد قول الشيخ العلامة أحمد شاكر: لا وجه لتضعيف البخاري الحديث مما لم يحسن فيه الشيخ مخاطبة الأئمة أم ماذا؟!.