الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث رقم (44)
- الإرواء (2/ 87) رقم (369):
حديث جابر -وصوابه: سمرة كما نبه إليه الشيخ-: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإِمام، وأن يسلم بعضنا على بعض.
حكم الشيخ رحمه الله: ضعيف.
حكم المستدرك: إسناده صحيح.
الراجح عندي: ضعيف كما ذهب إليه الشيخ رحمه الله.
قال المستدرِك: خلاصة رأي الشيخ الألباني رحمه الله: الحديث ضعيف؛ لأن الحسن البصري اختلفوا في سماعه من سمرة، وهو وإن كان الراجح أنه سمع منه في الجملة، فإنه كان يدلس، كما قال الحافظ وغيره، وقد عنعنه فلا بد حينئذ من أن يصرح بالتحديث حتى يقبل حديثه
…
وقال في الضعيفة (2564) 6/ 78 بعد أن ذكر طرقه، وناقشها: فانحصرت العلة في عنعنة الحسن البصري.
-
مخالفة المستدرك للقواعد الحديثية:
ثم قال: الحديث إسناده صحيح، وأحاديث الحسن عن سمرة صحيحة إذا صح الإسناد إلى الحسن، لأنه يحدث عن كتاب سمرة الذي كتبه لبنيه، فهي وجادة، والوجادة تعتبر طريقة صحيحة للتحمل، ولا تقتضي الانقطاع.
وهذا كلام في غاية الغرابة، بل باطل بلا نزاع، ولا أدري كيف يتكلم به طالب علم، فضلاً عن أن يكون ناقدًا على إمام محدثي العصر، فإن الوجادة ليست من باب الرواية أصلاً، بل هي من باب الحكاية عما وجده، والوصية خير من
الوجادة، إذ هي وجادة مقرونة بوصية، ولما أدخلها بعضهم في باب الرواية أنكروا عليه ذلك، وشنعوا عليه تشنيعًا بالغًا.
قال ابن الصلاح في علوم الحديث ص (357): الوصية بالكتب: أن يوصي الراوي بكتاب يرويه عند موته أو سفره لشخص، فروي عن بعض السلف رضي الله عنهم أنه جوز بذلك رواية الموصى له لذلك عن الموصي الراوي، قال ابن الصلاح: وهذا بعيدًا جدًّا، وهو إما زلة عالم، أو متأول على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة.
قلت: وهذا في مجرد الرواية بها، فكيف بمن ادعى اتصالها وعدم انقطاعها؟!!!. وأما حكم رواية الحسن عن سمرة، وسماعه منه، فقد اختلف العلماء فيه على أربعة أقوال، ذكرها مفصلة ابن الملقن في البدر المنير (4/ 68 - 75)، وسأختصرها كما يلي:
الأول: سمع منه مطلقًا، وهو قول علي بن المديني.
الثاني: لم يسمع منه مطلقًا، وهو قول ابن معين، ويحيى القطان، وقال ابن حبان في صحيحه (5/ 113): الحسن لم يسمع من سمرة، وسمع من عمران بن حصين هذا الخبر، واعتمادنا فيه على عمران، دون سمرة (1).
وقال البرديجي الحافظ: قتادة عن الحسن عن سمرة ليست بصحاح، لأنه من كتاب، ولا يحفظ عن الحسن عن سمرة حديث يقول فيه: سمعت سمرة إلا
(1) يعني حديث السكتتين، وهذا واضح في رده، وعدم احتجاجه برواية الحسن عن سمرة وقد بين الشيخ في الإرواء (2/ 286) الاختلاف عن عمران في ذلك.
حديثا واحدًا، وهو حديث العقيقة، ولا يثبت.
قلت: وفي قول البرديجي: (ليست بصحاح؛ لأنه من كتاب) رد لدعوى المستدرِك تصحيحه لكونه من كتاب، والعجيب أنه ركن في ذلك لدعوى الشيخ حاتم العوني، فهل يسوغ رد كلام الأئمة بكلام العوني؟!!.
المذهب الثالث: أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، ونسبه لأحمد وعبد الغني بن سعيد المصري، وصححه عبد الحق في أحكامه.
المذهب الرابع: أنه لم يسمع منه إلا ثلاثة أحاديث.
قلت: وكلام شيخنا الألباني رحمه الله كلام جيد محرر، لا أرى منصفًا يأباه، وأما ما نقله من تحسين ابن حجر لإسناده كما في التلخيص (1/ 271) رقم (421)، فقد ورد عنه ما يخالف ذلك، ففي الحديث (1518) من التلخيص:"أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَليَّانِ فَهِيَ لِلأَوَّلِ مِنْهُمَا"، أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث قتادة عن الحسن عن سمرة، حسنه الترمذي، وصححه أبو زرعة، وأبو حاتم، والحاكم في المستدرك.
ثم تعقبهم بقوله: صحته متوقفة على ثبوت سماع الحسن من سمرة (1)، فإن رجاله ثقات.
وفي بلوغ المرام حديث رقم (1088): من قتل عبده قتلناه، حسنه الترمذي، ثم عقب بقوله: وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة، وقد اختلف في سماعه منه.
وأما ما نقله عن مغلطاي من تجويد إسناده، فليس صحيحًا، فإنه ذكر الطريق
(1) والمستدرِك يرى عدم السماع، لكن يصححه لكونه كتابًا، وهذا يعارض قول ابن حجر.
التي جودها ابن القطان في شرحه لسنن ابن ماجه (5/ 391)، ثم قال: فعلى هذا يكون السند صحيحًا على ما ذكره ابن القطان وغيره، لولا ما قيل في سماع الحسن من سمرة، فإن ابن سعد، وابن معين، والنسائي، وبهزًا، ويحيى بن سعيد القطان، وابن حبان، والبرديجي، والإدرشي في تاريخ سمرقند قالوا: لم يسمع منه شيئًا، فهل يكون بهذا مصححًا له؟!.
وقد حكى ابن رجب في فتح الباري (6/ 411) الاختلاف في سماعه منه، ولم يقرر شيئًا، وفي (8/ 79) ذكر حديث:"مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ"، وقال: خرجه الإِمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وحسنه، ثم عقب على تحسين الترمذي بقوله: وقد اختلف في سماع الحسن من سمرة.
قلت: فهلا اتبع كلام ابن رجب رحمه الله، فإنه يكاد يدعي له العصمة!
وعلى أي فهذا الاعتراض على تضعيف الشيخ لهذا الحديث لا صلة له بما ادَّعاه من مخالفة الشيخ للمتقدمين، والله المستعان.
***