الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث رقم (82)
- الإرواء (4/ 25) رقم (914):
حديث حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ".
الحديث ذكر الشيخ رحمه الله طرقه، وتكلم عليها، وبين أنه اختلف في رفعه ووقفه، ونقل عن الدارقطني قوله: رفعه عبد الله بن أبي بكر عن الزهري، وهو من الأثبات الرفعاء، وعن البيهقي قوله: وهذا حديث قد اختلف على الزهري في إسناده، وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن أبي بكر أقام إسناده، ورفعه، وهو من الثقات الأثبات.
قلت: وهذا ميل منهما لترجيح كونه محفوظا مرفوعًا، ثم ذكر الشيخ رحمه الله باقي طرق الحديث وكلام الأئمة.
ثم قال: وجملة القول: إن الحديث ليس له إسناد صحيح يمكن الاعتماد عليه سوى إسناد عبد الله بن أبي بكر، وهذا قد عرض له من مخالفته الثقات، وفقدان المتابع المحتج به ما يجعل النفس تكاد تميل إلى قول من ضعف الحديث، واعتبار رفعه شاذًّا.
قلت: قد عرض الشيخ طرق الحديث وبين مالها وما عليها، وذكر اختلاف الأئمة فيه، وأن أبا حاتم وغيره قد ذهبوا إلى ترجيح الموقوف، وأن الدارقطني والبيهقي وهما من المتقدمين وغيرهما قد ذهبوا إلى ترجيح المرفوع، ثم مال الشيخ إلى من رجح وقفه، وهذا يبين منهج الشيخ رحمه الله، وأنه إمام ناقد، وأنه لا يقبل زيادة الثقة على الإطلاق، وإنما يتبع فيها ما ترجحه القرائن كما هو مذهب المحققين من أهل الحديث، فلو كان هذا المستدرك يريد بما يكتب نصرة مذهب
المحققين من أهل الحديث سابقًا ولاحقًا لاستوقفه ذلك، ولما كتب ما كتب من سعيه للتشكيك في منهج الشيخ رحمه الله في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، وما زعمه من دعوى مخالفة الشيخ لمنهج المتقدمين، وأما إن كان الشيخ نفسه هو المقصود فالأمر غير، والله المستعان.
قال الشيخ: لولا أن القلب يشهد أن جزم هذين الصحابيين الجليلين حفصة وعبد الله ابني عمر، وقد يكون معهما عائشة رضي الله عنها جميعاً بمعنى الحديث وإفتائهم بدون توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم إياهم عليه، إن القلب ليشهد أن ذلك يبعد جدًّا صدوره منهم، ولذلك فإني أعتبر فتواهم به تقوية لرفع من رفعه كما سبق عن ابن حزم، وذلك من فوائده، والله أعلم.
قال المستدرك: هذا خطأ ظاهر، فإن العلماء ما زالوا يثبتون الأحاديث الموقوفة موقوفة، ثم يذكرون أنه مما لا يقال بالرأي؛ لأن هذه المسألة -أعني كونه مما لا يقال بالرأي مما تختلف فيه أنظار العلماء، فلا ينبغي الجزم برفع الحديث بناء على أمر قد ينازع فيه، ومعلوم أن هناك فرقًا كبيرًا جدًّا بين حديث يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم صراحة، وبين فتوى تنقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
قلت: لو أن تخطئته للشيخ كانت من بنات أفكاره لقلنا وجهة نظر له، ورؤية ارتآها عارض بها هذا الألباني الذي لم يفهم بعد كيف يصحح الأحاديث، ولم يَدْرِ الفرق بين ما هو موقوف له حكم الرفع وما هو مرفوع صريحًا، وأما نسبة ذلك إلى العلماء، ولم يستثن منهم أحدًا، فأقول: قال الشافعي رحمه الله في الرسالة ص (461) رقم (1263): المنقطع مختلف: فمن شاهد أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم من التابعين، فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر عليه بأمور:
منها: أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث، فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون، فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من
قبل عنه، وحفظه، وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك، ويعتبر عليه بأن ينظر: هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم؟
فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوى له مرسله، وهي أضعف من الأولى.
وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً له، فإن وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله.
وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: فهذا كلام الشافعي رحمه الله موافق لما قال هذا الإِمام، فهل يمكن لهذا المعترض أن يوجه هذا النقد للشافعي رحمه الله بمثل ما وجه به لإمام محدثي العصر أم ماذا؟
***