الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا [الآبار] التي كان يستعذب له منها الماء
فقال الواقدي: حدثني معاوية بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبى رافع، عن جدته سلمى قالت: كان أبو أيوب حين نزل عنده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستعذب له الماء من بئر مالك بن أبى أنس، فلما صار إلى منزله كان أنس وهند [ (1) ] وحارثة ابنا أسماء الأسلميان، يحملون قدور الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا، ثم كان رباح- وهو عبد أسود له- يسقى من بئر غرس مرة، ومن بيوت السقيا بأمره [ (2) ] .
قال: وحدثني سليمان بن عاصم قال: قال الهيثم بن نصر الأسلمي:
خدمت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولزمت بابه في قوم محاويج، فكنت آتية بالماء من بئر أبى الهيثم بن التيهان جاسم، وكان ماؤها طيبا، ولقد دخل يوما صائفا، ومعه أبو بكر رضى اللَّه عنه على أبى الهيثم فقال له: هل من ماء بارد؟ فأتاه بشجب فيه ماء كأنه الثلج، فصب منه على لبن عنز له، وسقاه، ثم قال له: إن لنا عريشا باردا فقل فيه يا رسول اللَّه عندنا، ونضحه بالماء، فدخله وأبو بكر، وأتى أبو الهيثم بألوان من الرطب: عجوة [و] ابن طاب، وأمهات جراذين، ثم جاءهم بعد ذلك بجفنة مملوءة ثريدا عليها العراق [ (3) ] ، فأكل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضى اللَّه عنه، وأكلنا، ثم قال: عجبا للناس! يقولون توفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يشبع من خبز الشعير، فلما حضرت الصلاة، صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيت أبى الهيثم، وزوجة أبى الهيثم خلفنا، ثم سلّم وعاد إلى العريش، فصلى فيه ركعتين بعد الظهر
[ (1) ] في (الأصلين) : «حيدر» ، وصوبناه من (طبقات ابن سعد) .
[ (2) ] في (الأصلين) : «مرة» ، وصوبناه من (طبقات ابن سعد) .
[ (3) ] العراق: عظم عليه لحم يسير.
ورأيته ينصب اليمنى من رجليه، ويفترش اليسرى.
قال الواقدي: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يشرب من بئر لبني أمية من الأنصار، تسمى العبيرة، فسماها اليسيرة، وفي رواية: كانت تسمى العسيرة فسماها اليسيرة، والأول أثبت، وكان يشرب من بئر رومة بالعقيق، وبصق فيها فعذبت، [قال:] وهي بئر قديمة، قد كانت انطمت، فأتى قوم من مزينة، فحالفوا الأنصار، وقاموا عليها بأبدانهم فأصلحوها، وكانت رومة امرأة منهم، أو أمة لهم تستقي منها للناس، فنسبت إليها [ (1) ] .
وقال بعض الرواة: إن الشعبة التي هي طرفها تدعى رومة، والشعبة واد صغير يجرى فيه الماء،
ومرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بهذه البئر، فرأى عليها رجلا من مزينة، يسقى عليها بأجر، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم صدقة المؤمن هذه، فاشتراها عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه بأربع مائة دينار، فتصدق بها، فلمّا علّق عليها العلق- والعلق: البكرة وآلة السقي- مرّ بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [فسأل عنها] ، فأخبر خبرها، فقال: اللَّهمّ أوجب لعثمان الجنة، وشرب منها، فقال: هذا هو النقاح [ (2) ][أما إن هذا الوادي ستكثر مياهه ويعذبون وبئر المزنيّ أعذبها][ (3) ] .
وقال محمد بن سعد، عن الواقدي، عن أبى بكر بن عبد اللَّه بن أبى سبرة، عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بئر غرس من عيون الجنة [ (4) ] .
وذكر الواقدي عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن أبى جعفر قال:
[ (1) ](طبقات ابن سعد) : 1/ 504.
[ (2) ](طبقات ابن سعد) : 1/ 506، ذكر البئار التي شرب منها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[ (3) ] ما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (4) ](المرجع الاسبق) : 1/ 505.
كان يستعذب لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الماء من بئر غرس، ومنها غسّل. وفي رواية وغسّل من بئر لسعد بن خيثمة يقال لها بئر الغرس، وكان يشرب منها.
قال الواقدي احتفر بئر غرس: مالك بن النحاط وهو جد سعد بن خيثمة ابن الحارث بن مالك بن النحاط، وكان له عبد أسود يتولاها، ويقوم عليها، ويكثر السقي منها، وكان يدعى: سلاما، ويلقب: غرسا، فيغضب، فنسبت إليه فقيل: بئر غرس، وبئر الغرس. ويقال: إن مالك احتفرها، وجعل منها مجرى إلى غرس كان غرسه، فكانت تدعى: بئر الغرس، ثم حذفت الألف واللام، فقيل: غرس، ويقال: بئر غرس بضم الغين، وهو خطأ.
قال الواقدي: عن أبىّ بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن أبى أسيد، وأبى حميد، وأبى سهل بن سعد، سمعهم يقولون: أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بئر بضاعة، فتوضأ في الدلو، وردّها في البئر، ومج في الدلو مرة أخرى، وبصق فيها، وشرب من مائها، وكان إذا مرض المريض، قال:
اغسلوه من ماء بضاعة، فيغسل، فكأنما نشط من عقال [ (1) ] .
قال الواقدي:
تكون بئر بضاعة سبعا في سبع، وعيونها كثيرة، وهي لا تنزح.
وقال هشام بن عمار: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن أبى يحيى الأسلمي، عن أمه قالت: دخلنا على سهل بن سعد الساعدي في بيته، فقال: لو سقيتكم، من بئر بضاعة لكرهتم ذلك، وقد واللَّه سقيت منها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيدي هذه [ (2) ] .
قال الواقدي: بضاعة، امرأة قديمة من اليهود، أو قبل اليهود، [كانت] احتفرتها، ثم إنها انطمت [فنزحها] بنو ساعدة وأصلحوها.
[ (1) ](المرجع السابق) : 1/ 505.
[ (2) ](طبقات ابن سعد) : 1/ 505.