الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا شربه النبيذ
فخرج مسلم من حديث أبى عوانة، عن أبى الزبير عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه [عنهما] قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له في تور من حجارة [ (1) ] .
ومن حديث زهير قال: أخبرنا أبو الزبير عن جابر قال: كان ينتبذ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سقاء، فإذا لم يجدوا سقاء [نبذ][ (2) ] له في تور من حجارة، فقال بعض القوم: وأنا أسمع لأبى الزبير من برام، قال من برام [ (3) ] .
ومن حديث شعبة، عن يحيى بن عبيد، أبى عمر البهراني قال:
سمعت ابن عباس رضى اللَّه عنهما يقول: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينتبذ [له] أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء [والليلة الأخرى] والغد، إلى العصر، فإن بقي شيء سقاه الخادم، أو أمر به فصبّ [ (4) ] .
وفي رواية له من حديث شعبة، عن يحيى البهراني قال: ذكروا النبيذ عند ابن عباس فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينتبذ له في سقاء. قال شعبة:
من ليلة الاثنين، فيشربه يوم الاثنين، والثلاثاء إلى العصر، فإن فضل منه شيء، سقاه الخادم أو صبّه [ (5) ] .
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 178، كتاب الأشربة، باب (6) النهى عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير، وبيان أنه منسوخ وأنه اليوم حلال، ما لم يصر مسكرا، حديث رقم (1999) .
[ (2) ] في (خ) : «نبذوا» .
[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (62) .
[ (4) ](المرجع السابق) : حديث رقم (62) .
[ (5) ](المرجع السابق) : 184- 185، كتاب الأشربة، باب (9) إباحة النبيذ الّذي لم يشتد ولم يصر مسكرا، حديث رقم (79) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
وفي أخرى، عن الأعمش، عن أبى عمر، عن ابن عباس [رضى اللَّه عنهما] قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينقع له الزبيب، فيشربه اليوم، والغد، وبعد الغد، إلى مساء الليلة الثالثة، ثم يأمر به فيسقى، أو يهراق [ (1) ] .
وخرّج أيضا من حديث الأعمش، عن يحيى [بن] أبى عمر، عن ابن عباس [رضى اللَّه عنهما] قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينبذ له الزبيب في السقاء، فيشربه يومه، والغد، وبعد الغد، فإذا كان مساء الثالث، شربه، وسقاه، فإن فضل شيء أهراقه [ (2) ] .
ومن حديث عبيد اللَّه، عن زيد، عن يحيى أبى عمر النخعي قال: سأل قوم ابن عباس عن بيع الخمرة، وشرائها، والتجارة فيها، فقال: أمسلمين أنتم؟ قالوا: نعم، قال: فإنه لا يصلح بيعها، ولا شراؤها، ولا التجارة فيها، قال: فسألوه: عن النبيذ فقال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، ثم رجع، وقد نبذ ناس من أصحابه في حناتم، ونقير، ودبّاء، فأمر به فأهريق، ثم أمر بسقاء، فجعل فيه زبيب وماء، فجعل من الليل، فأصبح فشرب منه يومه ذلك، وليلته المستقبلة، ومن الغد حتى أمسى، فشرب وسقى، فلما أصبح أمر بما بقي فأهريق [ (3) ] .
ومن حديث ثمامة بن حزن القشيري، قال: لقيت عائشة رضى اللَّه عنها، فسألتها عن النبيذ، فدعت جارية حبشية فقالت: سل هذه، إنها كانت تنبذ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت الحبشية: كنت أنبذ له في سقاء من الليل: وأوكيه، وأعلّقه، فإذا أصبح شرب منه [ (4) ] .
[ (1) ](المرجع السابق) : حديث رقم (81) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (82) .
[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (83) .
[ (4) ](المرجع السابق) : حديث رقم (84) .
وخرّج مسلم [ (1) ] وأبو داود [ (2) ] والترمذي [ (3) ] من حديث يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كنا ننبذ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سقاء، فنوكئ أعلاه، وله عزلاء، ننبذه غدوة، فيشربه عشاء، وننبذه عشاء فيشربه غدوة. اللفظ لمسلم. ولفظهما عن عائشة [رضى اللَّه عنهما] قالت: كان ينبذ.
ولأبى داود من حديث مقاتل ابن حيان، قال: حدثتني عمتي عمرة، عن عائشة رضى اللَّه عنهما، أنها كانت تنبذ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غدوة، فإذا كان من العشىّ فتعشى، شرب على عشائه، فإن فضل شيء صببته أو أفرغته، ثم ينبذل له بالليل، فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه، قالت: نغسل السقاء غدوة وعشية، فقال لها أبى: مرتين في اليوم؟ قال:
نعم [ (4) ] .
وللنسائى من حديث العوام، عن عبد الملك بن نافع قال: قال ابن عمر رضى اللَّه عنه: رأيت رجلا جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقدح فيه نبيذ وهو عند الركن، ودفع إليه القدح، فرفعه إلى فيه، فوجده شديدا فرده على صاحبه، فقال رجل من القوم: يا رسول اللَّه! أحرام هو؟ فقال: عليّ بالرجل، فأتى به، فأخذ منه القدح، ثم دعا بماء فصبه فيه، ثم رفعه إلى فيه فقطّب، ثم
[ (1) ](المرجع السابق) : حديث رقم (85) .
[ (2) ](سنن أبى داود) : 4/ 104، كتاب الأشربة، باب (10) في صفة النبيذ، حديث رقم (3711) .
والعزلاء: فم المزادة، وقد يكون ذلك للسقاء من أسفله، ويجمع على العزالي. (معالم السنن) .
[ (3) ](سنن الترمذي) : 4/ 261- 262، كتاب الأشربة، باب (7) ، ما جاء في الانتباذ في السقاء، حديث رقم (1871)، قال: وفي الباب عن جابر وأبى سعيد وابن عباس. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث يونس بن عبيد إلا من هذا الحديث من غير هذا الوجه عن عائشة أيضا.
[ (4) ](سنن أبى داود) : 4/ 104، كتاب الأشربة، باب (10) في صفة النبيذ، حديث رقم (3712) .
دعا بماء أيضا، فصبه فيه، ثم قال: إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء [ (1) ] .
قال أبو عبد الرحمن النسائي: عبد الملك بن نافع ليس بالمشهور، ولا يحتجّ بحديثه، والمشهور عن ابن عمر [رضى اللَّه عنهما] خلاف حكايته، وقال الدار قطنى: وهو مجهول ضعيف، والصحيح
عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسكر كثيرة، فقليله حرام [ (2) ] .
وخرّج الدار قطنى من حديث الكلبي، عن أبى صالح، عن المطلب بن أبى وداعه السهمي قال: طاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبيت في يوم قائظ شديد الحر، [فاستسقى] رهطا من قريش فقال: هل عند أحد منكم شراب فيرسل إليّ؟ فأرسل رجل منهم إلى منزله، فجاءت جارية معها إناء فيه نبيذ [زبيب]، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا خمّرته، ولو بعود تعرضيه عليه، فلما أدناه منه، وجد له رائحة شديدة، فقطب، وردّ الإناء، فقال الرجل: يا رسول اللَّه! إن يكن حراما لم تشربه، [فاستعاد] الإناء، وصنع مثل ذلك، وقال الرجل مثل ذلك، فدعا بدلو من ماء زمزم، فصبه على الإناء وقال: إذا اشتدّ عليكم شرابكم فاصنعوا [به] هكذا.
قال الدار قطنى: الكلبيّ متروك، وأبو صالح ضعيف، واسمه باذان، مولى أم هانئ [ (3) ] .
[ (1) ](سنن النسائي) : 8/ 728، كتاب الأشربة، باب (48) ذكر الأخيار التي اعتل بها من أباح شراب السّكر، حديث رقم (5710)، قوله:«فوجده شديدا» لعل المراد به- إن صحّ الحديث- أنه وجده قريبا من الإسكار، وأنه ظهر فيه مبادئ السكر، بحيث إنه لو ترك على حاله لأسكر من قريب.
قوله: «فقطّب» بتشديد الطاء أو تخفيفه، أي جمع ما بين عينيه كما يفعله العبوس، أي عبس وجهه، وجمع جلدته لما وجد مكروها.
قوله: «إذا اغتلمت» أي اشتدت واضطربت عند الغليان، والمراد إذا قاربت الاشتداد، واللَّه تعالى أعلم. (حاشية السندي) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (5714)، ولفظه:«المسكر قليله وكثيره حرام» ، تفرد به النسائي.
[ (3) ](سنن الدار قطنى) : 4/ 261- 262، حديث رقم (81) .
وذكره أيضا من حديث يحيى بن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبى مسعود الأنصاري [ (1) ] . ومن حديث زيد بن الحباب، عن سفيان الثوري، عن منصور [ (2) ]، ثم قال: لا يصح هذا عن زيد ابن الحباب، ولم يرو على [غير] التسع، وهو ضعيف، وهذا حديث معروف بيحيى بن يمان، ويقال: إنه انقلب عليه الإسناد، واختلط عليه تحديث الكلبي عن أبى صالح.
وقال الواقدي: حدثني سفيان بن سعيد عن الكلبي، عن أبى صالح، عن المطلب بن أبى وداعة قال: طاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبيت في يوم صائف وعطش، فاستسقى، فقال رجل: يا رسول اللَّه! عندنا شراب من هذا الزبيب، أفلا نسقيك منه؟ قال: بلى، قال: فبعث الرجل إلى بيته، فأتى بقدح [عظيم] ، فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم من فيه ليشربه، فوجد له ريحا [شديدة] فكرهه، فردّه، [قال:] ودعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بماء، ثم دعا به، قال: وأتى بماء من زمزم فصبّ عليه، حتى رأيت الماء يفيض من جوانبه، وشرب منه [حاجته] ، ثم ناوله الّذي عن يمينه، وقال: من أرابه من شرابه ريب، فليكسره بالماء.
قلت:
وقد خرّج مسلم [ (3) ] وأبو داود [ (4) ] هذا الحديث مختصرا، من حديث الأعمش، عن أبى صالح، عن جابر [رضى اللَّه عنه] قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فاستسقى، فقال رجل: يا رسول اللَّه! ألا نسقيك نبيذا؟ قال:
بلى، قال: فخرج الرّجل يسعى، وقال أبو داود: يشتد، فجاء بقدح فيه نبيذ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا خمّرته؟ ولو تعرض عليه [عودا] .
وقال الخطابي [ (5) ] : غير الأصمعي يقول: تعرضه، بكسر الراء.
[ (1) ](المرجع السابق) : حديث رقم (84) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (86) .
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 193، كتاب الأشربة، باب (11) في شرب النبيذ وتخمير الإناء، حديث رقم (94) .
[ (4) ](سنن أبى داود) : 4/ 118، كتاب الأشربة، باب (22) في إيكاء الآنية، حديث رقم (3734) .
[ (5) ](معالم السنن) على هامش (سنن أبى داود) .