الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر البدن التي ساقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة البيت الحرام
اعلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساق الهدى مرارا، فأوّل ما حفظ أنه ساق البدن في عمرة الحديبيّة، وذلك أنه لما استنفر أصحابه إلى العمرة، وتهيئوا للخروج،
قدم عليه بسر بن سفيان الكعبي في ليال من شوال سنة ست زائرا له، فقال له صلى الله عليه وسلم يا بسر! لا تبرح حتى تخرج معنا، فإنا إن شاء اللَّه معتمرون فأقام، وأمره صلى الله عليه وسلم أن يبتاع له بدنا، فكان بسر يبتاعها ويبعث بها إلى ذي الجدر حتى حضر خروجه، فأمر بها فجلبت إلى المدينة، ثم أمر بها إلى ذي الجدر حتى حضر خروجه، فأمر بها فجلبت إلى المدينة، ثم أمر بها ناجية بن جندب الأسلمي أن يقدمها إلى ذي الحليفة،
واستعمل صلى الله عليه وسلم على هديه ناجية بن جندب هذا.
وخرج صلى الله عليه وسلم من المدينة لهلال ذي القعدة، فصلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعي بالبدن فجللت، ثم أشعر بنفسه منها عدة، وهي موجهات إلى القبلة في الشق الأيمن، ثم أمر ناجية بن جندب بإشعار ما بقي، وقلدت نعلا نعلا وهي سبعون بدنة، منها جمل أبى جهل، وقدم ناجية مع الهدى، وكان معه فتيان من أسلم،
فقال ناجية: عطب لي بعير من الهدى حين نظرت إلى الأبواء، فجئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالأبواء فأخبرته فقال: أنحرها، وأصبغ قلائدها في دمها، ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك منها شيئا، وخلّ بين الناس وبينها [ (1) ] .
فلما صدّ المشركون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن البيت، نحر هدية بذي الحليفة،
[ (1) ](مغازي الواقدي) : 2/ 572- 573.
وكان جمل أبى جهل قد غنمه عليه السلام يوم بدر، وكان المسلمون يغدون عليه، وكان قد ضرب في لقاح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التي استاق عيينة بن [حصن] ، ولقاحه التي كانت بذي الجدر التي كان ساقها العرينيون [فيها جمل أبى جهل الّذي غنمه يوم بدر][ (1) ] وكان نجيبا مهريا، قلّده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في هديه وأشعره، فلما كانوا بذي الحليفة كان يرعى مع الهدى فشرد قبل القضية، فلم يقف حتى انتهى إلى دار أبى جهل وعرفوه، وخرج في إثره عمرو بن غنم السلمي، فأبى أن يعطيه سفهاء من سفهاء مكة، فقال سهيل بن عمرو: ادفعوه إليه،
فأعطوا به مائة ناقة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لولا أنا سميناه في الهدى فعلنا، فنحر الجمل عن سبعة،
أحدهم أبو بكر وعمر رضى اللَّه عنهما.
وساق ناجية بن جندب الأسلمي على هديه يسير به أمامه يطلب الرعي في الشجر، ومعه أربعة فتيان من أسلم، ومعهم أبو رهم وأبو هريرة يسوقان الهدى، وقلد صلى الله عليه وسلم هديه بيده،
فلما طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد وقف الهدى عند المروة، قال صلى الله عليه وسلم: هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر، فنجر عند المروة [ (2) ] .
ولما خرج أبو بكر الصديق رضى اللَّه عنه في سنة تسع ليقيم بالناس الحج، وبعث معه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعشرين بدنة قلدها النعال وأشعرها بيده في الجانب الأيمن، واستعمل عليها ناجية بن جندب، وساق صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ستين بدنة وأشعرها في الجانب الأيمن وقلدها النعال وهو بذي الحليفة، ويقال أنه ساق مائة بدنة، أشعر بعضها بيده، وأمر بأن يشعر ما
[ (1) ] زيادة يقتضيها السياق من (مغازي الواقدي) ، و (طبقات ابن سعد) .
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 2/ 573- 574، (طبقات ابن سعد) : 2/ 95- 96.
فضل من البدن ناجية بن جندب، واستعمله على الهدى، فساقه إلى المنحر حتى نحر صلى الله عليه وسلم بيده ثلاث وستين بدنة، ثم أعطى رجلا فنحر ما بقي، وكان خالد بن الوليد رضى اللَّه عنه يقدم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدنه وهي تعتب في العقل.