الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التداوي بالعسل
خرّج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] من حديث محمد [بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبى المتوكل] عن أبى سعيد رضى اللَّه عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخى قد استطلق بطنه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
اسقه عسلا، [ثم جاءه فقال] إني سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا، فقال له ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة فقال: اسقه عسلا، فقال لقد سقيته فلم
[ () ] ولذلك قالت العرب: إنها جدري الأرض] .
وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1142، كتاب الطب، باب (8) الكمأة والعجوة، حديث رقم (3453) ، وفي الباب أحاديث من طرق وبسياقات مختلفة.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 3/ 446، حديث رقم (11061) .
قال العلامة ابن القيم: وقد قيل: إن هذا في عجوة المدينة، وهي أحد أصناف التمر بها، ومن أنفع تمر الحجاز على الإطلاق، وهو صنف كريم ملذذ، متين للجسم والقوة، من ألين التمر وأطيبه وألذّه، وهو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه، ولا سيما مع حبّ الصنوبر، ويبرئ من خشونة الحلق، ومن لم يعتده كأهل البلاد الباردة، فإنه يورث لهم السّدود، ويؤذى الأسنان، ويهيج الصداع، ودفع ضرره باللوز والخشخاش.
وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن، بما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق خفّف مادة الدود، وأضعفه، وقلله، أو قتله، وهو فاكهة وغذاء، ودواء وشراب وحلوى. (زاد المعاد) : 4/ 291- 292، 341.
وقال شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدة عنوانها: النخيل بين المنتزة وأبى قير [من أحياء مدينة الإسكندرية بمصر] :
طعام الفقير وحلوى الغنىّ
…
وزاد المسافر والمغترب
[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 207، كتاب الطب، باب (24) دواء المبطون، حديث رقم (5716) ، وذكر في باب (4) الدواء بالعسل، وقول اللَّه تعالى: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ، حديث رقم (5684) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 14/ 453، كتاب السلام، باب (31) التداوي بسقى العسل، حديث رقم (91) .
يزده إلا استطلاقا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: صدق اللَّه [عز وجل] . وكذب بطن أخيك، فسقاه، فبرأ.
اللفظ لمسلم، ولم يذكر فيه البخاري قوله: فقال له ثلاث مرات.. إلى قوله: استطلاقا، ولا ذكر قوله: فسقاه فبرأ. وقال بعده: تابعه النّضر عن شعبة. ترجم عليه باب: دواء المبطون.
وأخرجاه أيضا من حديث سعيد بن أبى عروبة عن قتادة، عن أبى المتوكل الناجي، عن أبى سعيد الخدريّ [رضى اللَّه عنه]، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخى غرب بطنه، فقال: اسقه عسلا
بمعنى حديث شعبة، هذا لفظ مسلم [ (1) ] .
ولفظ البخاري: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخى يشتكي بطنه، فقال: اسقه عسلا، ثم أتاه الثانية فقال: اسقه عسلا، ثم أتاه الثالثة فقال:
اسقه عسلا، ثم أتاه فقال: فعلت، فقال: صدق اللَّه، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلا، فسقاه، فبرأ. ذكره وحديث جابر في باب: الدواء بالعسل [ (2) ] .
وخرّج الحاكم من حديث سفيان عن أبى إسحاق، عن أبى الأحوص، عن عبد اللَّه [رضى اللَّه عنه] قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: عليكم بالشفاءين:
العسل والقرآن.
قال: هذا إسناد صحيح [ (3) ] .
[ (1) ](المرجع السابق) الحديث الّذي يلي الحديث السابق [بدون رقم] .
[ (2) ](فتح الباري) : 10/ 172، كتاب الطب، باب (4) الدواء بالعسل، وقول اللَّه تعالى: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ، حديث رقم (5684) .
[ (3) ](المستدرك) : 4/ 222، كتاب الطب، حديث رقم (7435)، وقال: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد أوقفه وكيع ابن الجراح، عن سفيان، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
تم بحمد اللَّه تعالى الجزء السابع ويليه الجزء الثامن وأوله: «ليس فيما حرّم شفاء»
[ () ]
وأخرجه أبو بكر بن أبى شيبة في (المصنف) : 5/ 58، كتاب الطب، باب (43) ما قالوا في العسل، حديث رقم (23676) وهو حديث أبى سعيد الخدريّ، وحديث رقم (23677) من حديث يعقوب بن المغيرة عن عليّ قال: «إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته ثلاثة دراهم من صداقها، فليشتر بها عسلا فيشربه بماء السماء، فيجمع بين الهنيء والمريء، والماء المبارك، والشفاء،
[فالهنيء المريء ما طابت به نفس زوجته من صداقها، إشارة إلى قوله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء: 4] ، والماء المبارك هو المطر، والشفاء هو العسل] .
وحديث رقم (23678)، عن الربيع بن خيثم قال: ما للنفساء عندي إلا التمر، ولا للمريض إلا العسل.
قال العلامة ابن القيم- وقد ذكر منافع السكر-: وبعض الناس يفضله على العسل لقلة حرارته ولينه، وهذا تحامل منه على العسل، فإن منافع العسل أضعاف منافع السكر، وقد جعله اللَّه تعالى شفاء ودواء، وإداما وحلاوة، وأين نفع السكر من منافع العسل: من تقوية المعدة، وتليين الطبع، وإحداد البصر، وجلاء ظلمته، ودفع الخوانيق بالغرغرة به، وإبرائه من الفالج واللقوة، ومن جميع العلل الباردة التي تحدث في جميع البدن من الرطوبات، فيجذبها من قعر البدن، ومن جميع البدن، وحفظ صحته وتسمينه وتسخينه، والزيادة في الباه، والتحليل والجلاء، وفتح أفواه العروق، وتنقية المعى، وإحدار الدود، ومنع التخم وغيره من العفن، والأدم النافع، وموافقة من غلب عليه البلغم والمشايخ، وأهل الأمزجة الباردة.
وبالجملة: فلا شيء أنفع منه للبدن، وفي العلاج، وعجز الأدوية، وحفظ قواها، تقوية المعدة إلى أضعاف هذه المنافع (زاد المعاد) : 4/ 356.