الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا إيثاره من على يمينه
فخرج البخاري من حديث شعيب، عن الزهري قال: حدثني أنس بن مالك رضى اللَّه عنه أنها حلبت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شاة داجن، وهو في دار أنس بن مالك، وشيب لبنها بماء في البئر التي في دار أنس بن مالك، فأعطى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القدح فشرب منه، حتى إذا نزع القدح من فيه، وعلى يساره أبو بكر رضى اللَّه عنه، وعن يمينه أعرابى،
فقال عمر رضى اللَّه عنه- وخاف أن يعطيه لأعرابى-: أعط أبا بكر يا رسول اللَّه عندك، فأعطاه الأعرابي الّذي عن يمينه، ثم قال: الأيمن، فالأيمن. ذكره في كتاب الشرب، في باب: من رأى صدقة الماء، وهبته، ووصيته جائزة، وفي باب:
شرب الماء باللبن [ (1) ] .
وخرّجه مسلم من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس [رضى اللَّه عنه] قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين، وكنّ أمّهاتى يحثثننى على خدمته، فدخل علينا دارنا، فحلبنا له من شاة داجن، وشيب له من بئر في الدار، فشرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر وأبو بكر رضى اللَّه عنهما عن شماله: يا رسول اللَّه، أعط أبا بكر، فأعطاه أعرابيا عن يمينه وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الأيمن فالأيمن [ (2) ] .
[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 92- 93، كتاب الأشربة، باب (14) شرب اللبن بالماء، حديث رقم (5612) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 212، كتاب الأشربة، باب (17) استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، حديث رقم (124) .
وخرّج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] وأبو داود [ (3) ] ، من حديث مالك عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أتى بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابىّ، وعن يساره أبو بكر رضى اللَّه عنه، فشرب، ثم أعطى الأعرابي وقال الأيمن فالأيمن ترجم عليه البخاري باب: الأيمن فالأيمن في الشرب. وذكره في أول كتاب الهبة، من حديث إسماعيل بن جعفر، وسليمان بن بلال، عن أبى طوالة عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن حزم، عن أنس [رضى اللَّه عنه] بمعنى ما تقدم، وفي آخره ألا فيمّنوا، الأيمنون، الأيمنون،
قال أنس: فهي سنّة، فهي سنّة، فهي سنّة [ (4) ] ، وهو مما اتفقا عليه من حديث سليمان بن بلال، عن أبى طوالة.
[قال الحافظ أبو نعيم: وهو صحيح متفق عليه، رواه عن الزهري صالح ابن كيسان، وعبيد اللَّه بن عمر، وابن جريج، ومعمر، والأوزاعي، ويزيد بن أبى حبيب، والزبيدي، وشعيب، وعقيل، ويونس، وقرة، وإسحاق بن راشد، والنعمان بن راشد، وأبو أويس، ويوسف بن الماجشون، وعبيد اللَّه ابن أبى زياد، وسفيان بن حسين، وزكريا بن إسحاق، وصالح بن الأخضر، وزمعة بن صالح، [] ، وعبد الرحمن بن إسحاق] [ (5) ] .
قال ابن عبد البر: ولم تختلف الرواة عن مالك في إسناده [هذا]
[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 105، كتاب الأشربة، باب (18) الأيمن فالأيمن في الشرب، حديث رقم (5619) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 211، كتاب الأشربة، باب (17) استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، حديث رقم (124) .
[ (3) ](سنن أبى داود) : 4/ 113- 114، كتاب الأشربة، باب (19) في الساقي متى يشرب، حديث رقم (3726) .
[ (4) ](فتح الباري) : 5/ 252، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (4) من استسقى، حديث رقم (2571) .
[ (5) ] ما بين الحاصرتين سقط في (ج) .
الحديث ولا في ألفاظه فيما علمت، وقد رواه ابن عيينة عن ابن شهاب فأحسن سياقته، وذكر فيه ألفاظا لم يذكرها مالك، فذكر حديث سفيان الّذي خرجه مسلم، ثم قال: وقد روى هذا الحديث محمد بن الوليد البشرى، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، مثل رواية ابن عيينة عن الزهري سواء، وزاد فيه: وقال الأيمن فالأيمن، فمضت سنّة.
قال الدار قطنى: ولم يرو أحد هذا الحديث بهذه الألفاظ، إلا البسري عن ابن مهدي، عنه، وإن كان حفظ فقد أغرب بألفاظ عدد ليست في الموطأ، منها قوله: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، ومات وأنا ابن عشرين، وكن أمهاتى يحتثثننى على خدمته، فدخل النبي [عليه السلام] دارنا، فحلبنا له من شاة لنا داجن، فكل هذه الألفاظ ليست في الموطأ، وقوله أيضا: وعمر ناحية، فقال: أعط أبا بكر، ليست في الموطأ، وقوله:
فمضت سنة، ليست في الموطأ، ولا في حديث ابن عيينة أيضا، وسائر الألفاظ كلها محفوظة عن ابن عيينة، عن الزهري، عن أنس [رضى اللَّه عنه] .
وقد بلغني عن بعض من تكلف الكلام في هذا الشأن أنه قال: الأعرابيّ في هذا الحديث: هو خالد بن الوليد! وهذا منه إغفال شديد، وإقدام على القول بالظن، الّذي هو أكذب الحديث، أو تقليد لمن سلك سبيله في ذلك، ووهم بيّن، وغلط واضح من وجهين:
أحدهما: أن الأعرابي كان عن يمين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حديث أنس هذا، وخالد بن الوليد كان في قصة ابن عباس عن يسار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وابن عباس عن يمينه.
والآخر: أنه اشتبه عليه حديث سهل بن سعد في الأشياخ مع
الغلام، مع حديث أنس في أبى بكر والأعرابي وإنما دخلت الشبهة في ذلك- واللَّه أعلم- لأن في حديث سهل: وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، والأشياخ أحدهم خالد بن الوليد. وقصة ابن عباس وخالد، غير قصة أبى بكر والأعرابي، وحديث أنس غير حديث سهل بن سعد، فقف على ذلك، ولا تلتفت إلى ما سواه.
انتهى.
وحديث سهل الّذي أشار إليه الدار قطنى، خرّجه البخاري ومسلم من حديث مالك، عن أبى حازم سلمة بن دينار، عن سهل بن سعد الساعدي رضى اللَّه عنه، [قال:] إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطى [هؤلاء] ؟
فقال الغلام: لا، واللَّه لا أؤثر نصيبي منك أحدا، فتلّه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يده. اللفظ لمسلم [ (1) ] .
وذكره البخاري في كتاب الهبة، في باب: الهبة المقبوضة وغير المقبوضة [ (2) ] ، وذكره مسلم من حديث عبد العزيز بن أبى حازم، ويعقوب ابن عبد الرحمن القاري، كلاهما عن أبى حازم بمثله، ولم يقولا: فتلّه، ولكن في رواية يعقوب قال: فأعطاه إيّاه [ (3) ] .
وذكره البخاري في الأشربة، وفي المظالم من حديث مالك عن أبى حازم ترجم عليه في الأشربة، باب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 214، كتاب الأشربة، باب (17) استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، حديث رقم (127) .
[ (2) ](فتح الباري) : 5/ 282، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (23) الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة، حديث رقم (2605) .
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 214- 215، كتاب الأشربة، باب (17) استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، حديث رقم (128) .
الشرب [ (1) ]، وترجم عليه في المظالم باب: إذا أذن له أو أجلّه ولم يبين كم هو [ (2) ] . وذكره في الهبة في باب: هبة الواحد للجماعة، وقال فيه: وقال للغلام: إن أذنت لي أعطيت هؤلاء، فقال: ما كنت أوثر بنصيبي منك يا رسول اللَّه أحدا فتلّه في يده [ (3) ] .
وذكره في أول كتاب الشرب في باب: من رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة، مقسوما كان أو غير مقسوم، من حديث أبى غسّان، حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره، فقال: يا غلام! أتأذن أن أعطى الأشياخ؟ قال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدا يا رسول اللَّه، فأعطاه إياه [ (3) ] .
وذكره في باب: من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه، من حديث عبد العزيز عن أبى حازم، عن سهل عن سعد.. الحديث بمثل حديث أبى غسان، غير أنه قال: وهو أحدث القوم، وقال: أتأذن لي، وقال لا أؤثر بنصيبي [ (3) ] .
قال ابن عبد البر: وقد ذكر حديث مالك عن أبى حازم المتقدم ذكره، روى ابن أبى حازم هذا الحديث، عن أبيه فقال فيه: وعن يساره أبو بكر رضى اللَّه عنه، ثم ساق معنى حديث مالك سواء، وذكر أبى بكر في هذا الحديث عندهم خطأ، وإنما هو محفوظ في حديث ابن شهاب.
[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 106، كتاب الأشربة، باب (19) هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر؟ حديث رقم (5620) .
[ (2) ](فتح الباري) : 5/ 129- 130، كتاب المظالم، باب (12) إذا أذن له أو أحله ولم يبين كم هو، حديث رقم (2451) .
[ (3) ](المرجع السابق) : كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (22) هبة الواحد للجماعة، حديث رقم (2602) باختلاف يسير في اللفظ.
وذكر من طريق أبى عيسى الترمذي، حديث على بن زيد، عن عمرو ابن أبى حرملة، عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] قال: دخلت أنا وخالد ابن الوليد رضى اللَّه عنه مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ميمونة، فجاءتنا بإناء من لبن، فشرب رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم] وأنا عن يمينه، وخالد عن شماله، فقال لي:
الشربة لك، وإن شئت أمرت بها خالدا: فقلت: ما كنت لأؤثر بسؤرك أحدا، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أطعمه اللَّه طعاما فليقل: اللَّهمّ بارك لنا فيه، وزدنا منه، وقال صلى الله عليه وسلم: ليس بشيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن [ (1) ] .
قال ابن عبد البرّ: والشراب المذكور في هذا الحديث- يعنى حديث مالك عن أبى حازم- كان لبنا.
وذكر من طريق قاسم بن أصبغ، حديث إسماعيل بن جعفر قال:
أخبرنى أبو حازم، عن سهل بن سعد قال: أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقدح من لبن، وغلام عن يمينه، والأشياخ أمامه وعن يساره، فشرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال للغلام: يا غلام! أتأذن لي أن أسقى الأشياخ؟ قال: ما أحب أن أؤثر بفضل شربتك على نفسي أحدا من الناس، فناوله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وترك الأشياخ.
قال: والغلام المذكور في هذا الحديث هو ابن عباس، والأشياخ:
خالد بن الوليد، أو منهم خالد بن الوليد.
وذكر من حديث إسماعيل بن زكريا الخلقاني أبو زياد، عن سفيان، عن على بن زيد، عن يوسف بن مهران عن ابن عباس [رضى اللَّه عنهما] قال:
[ (1) ](سنن الترمذي) : 5/ 472- 473، كتاب الدعوات، باب (55) ما يقول إذا أكل طعاما، حديث رقم (3455)، وقال: هذا حديث حسن، وروى بعضهم هذا الحديث عن على بن زيد فقال: عن عمر بن حرملة. وقال بعضهم: عمرو بن حرملة، ولا يصح.
وأخرجه الترمذي أيضا في (الشمائل) : 170، باب (31) ما جاء في صفة شراب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (206) ، وهو حديث حسن، وقد سبق تخريجه.
أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم بقعب من لبن، فشرب منه، وابن عباس عن يمينه، وخالد بن الوليد عن يساره، فقال: يا ابن عباس! إن الشربة لك، فإن شئت أن تؤثر بها خالدا، فقلت: ما أؤثر بسؤرك عليّ أحدا.
وقد روى الحميدىّ الحديث عن سفيان، فخالف في إسناده الخلقاني، والحميدىّ أثبت منه.
وذكر حديث الترمذي، أخبرنا الحميدي، أخبرنا سفيان، أخبرنا على بن زيد بن جدعان، عن عمر بن حرملة، عن ابن عباس [رضى اللَّه عنه] قال:
دخلت مع رسول اللَّه على خالتي ميمونة، ومعنا خالد بن الوليد، فقالت له ميمونة: ألا نقدم إليك يا رسول اللَّه شيئا أهدته لنا أم حفيد؟ قال: بلى، فأتته بضباب مشوية، فلما رآها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، تفل ثلاث مرات، ولم يأكل منها، وأمرنا أن نأكل، ثم أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. بإناء فيه لبن، فشرب، وأنا عن يمينه، وخالد عن يساره، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الشربة لك يا غلام، وإن شئت آثرت بها خالدا، فقلت: ما كنت لأؤثر بسؤر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدا، ثم قال: من أطعمه اللَّه طعاما فليقل: اللَّهمّ بارك لنا فيه [وأبدلنا ما هو خير منه، ومن سقاه اللَّه لبنا فليقل: اللَّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه]، فإنّي لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب غيره [ (1) ] . قال: ورواه شعبة، عن عمرو بن حرمل، عن ابن عباس [رضى اللَّه عنه] مثله.
وقال أبو داود الطيالسي: كذا قال لي شعبه وغيره، يقول عمر بن حرملة، وقال الترمذي: اختلف الناس في رواية هذا الحديث، عن على بن زيد بن جدعان، وروى بعضهم عن على بن زيد، عن عمر بن أبى حرملة، وروى بعضهم [عن] شعبة، عن على بن زيد، عن عمرو بن حرملة،
[ (1) ](سنن الترمذي) : 1/ 225- 226، حديث رقم (482)، وأخرجه أبو داود في (السنن) : 4/ 116، كتاب الأشربة، باب (21) ما يقول إذا شرب اللبن، حديث رقم (3730) .