الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر القدح الّذي كان يوضع تحت السرير ليبول فيه
خرج البيهقي من حديث ابن جريج [قال] أخبرتنى حكيمة بنت أميمة، عن أميمة أمها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان، ثم يوضع [ (1) ] تحت سريره [فبال، فوضع تحت سريره][ (2) ] ، فجاء فأراده، فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة- كانت تخدمه لأم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة-: أين البول الّذي كان في هذا القدح؟ قالت: شربته يا رسول اللَّه [ (3) ] !! وقد أخرجه أبو داود [ (4) ] والنسائي [ (5) ] ، من حديث حجاج بن محمد
[ (1) ] كذا في (خ) ، وفي (ج)، و (سنن البيهقي) :«ثم وضع» .
[ (2) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (3) ](السنن الكبرى للبيهقي) : 7/ 67، باب تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على من شرب بوله وحجامته.
[ (4) ](سنن أبى داود) : 1/ 28، كتاب الطهارة، باب (13) في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده، حديث رقم (24) .
[ (5) ](سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي) : 1/ 34- 35، كتاب الطهارة، باب (28) ، البول في الإناء، حديث رقم (32) .
قال الحافظ السيوطي في قوله: «أخبرتنى حكيمة بنت أميمة عن أمها أميمة بنت رقيقة» : الثلاثة بالتصغير، ورقيقة بقافين. قال الحاكم في (المستدرك) : أميمة صحابية مشهورة، فخرج حديثها في الوحدان، وقال الحافظ جمال الدين المزني في (التهذيب) : رقيقة أمها، وهي أميمة بنت عيد، ويقال:
بنت عبد اللَّه بن بجاد بن عمير، ورقيقة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضى اللَّه عنها.
وقال الحافظ الذهبي: حكيمة لم ترو إلا عن أمها، ولم يرو عنها غير ابن جريج، وقال غيره: ذكرها ابن حبان في (الثقات) ، وأخرج حديثها في صحيحه، قالت: كان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان
الأعور عن ابن جرير، وليس فيه قصة بركة.
وللحاكم من حديث شبابه، حدثنا أبو مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي عن أم أيمن [رضى اللَّه عنها] قالت: قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخّارة [من جانب البيت][ (1) ] فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشى، فشربت ما [ (2) ] في الفخارة وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أم أيمن، قومي إلى تلك الفخارة فأهريقى [ (3) ] ما فيها، قلت: قد واللَّه
[ () ] يبول فيه ويضعه تحت السرير. هذا مختصر، وقد أتمه
ابن عبد البر في (الاستيعاب فقال: فبال ليلة فوضع تحت سريره فجاء، فإذا القدح ليس فيه شيء، فسأل المرأة يقال لها بركة كانت تخدم أم حبيبة، جاءت معها من الحبشة فقال: أين البول الّذي كان في القدح؟ فقالت: شربته يا رسول اللَّه،
قال الحاكم في (المستدرك) : هذه سنة غريبة.
وقال الشيخ ولى الدين في (شرح أبى داود) . والحافظ ابن حجر في (تخريج أحاديث الرافعي) :
عيدان بفتح العين المهملة ومثناة تحتية ساكنة، وقال الإمام بدر الدين الزركشي في (تخريج أحاديث الرافعي) : عيدان مختلف في ضبطه: بالكسر والفتح، واللغتان بإزاء معنيين، فالكسر جمع عود، والفتح جمع عيدانه بفتح العين: قال أهل اللغة: هي النخلة الطويلة المتجردة، وهي بالكسر أشهر رواية.
وفي كتاب (تثقيف اللسان) : من كسر العين فقد أخطأ، يعنى لأنه أراد جمع عود، وإذا اجتمعت الأعواد لا يتأتى منها قدح يحفظ الماء، بخلاف من فتح العين فإنه يريد قدحا من خشب هذه صفته، ينقر ليحفظ ما يجعل فيه.
وقال الشيخ ولى الدين: يعارضه ما رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، من حديث عبد اللَّه بن يزيد مرفوعا: لا ينقع بول في طست البيت، فإن الملائكة لا تدخل بيتا في بول منتقع. وروى ابن أبى شيبة في (المصنّف) عن ابن عمر قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه بول.
والجواب: لعل المراد بانتقاعه طول مكثه، وما يجعل في الإناء لا يطول مكثه غالبا. وقال مغلطاى:
يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة في البيت بخلاف القدح، فإنه لا يحصل به نجاسة لمكان آخر.
(سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي) : 1/ 34- 35، كتاب الطهارة، باب (28) البول في الإناء، حديث رقم (32)، (المصنف) : 1/ 160، كتاب الطهارات، باب (215) في الرجل يبول في بيته الّذي هو فيه، حديث رقم (1845) .
[ (1) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (2) ] كذا في الأصلين، وفي (المستدرك) :«من في» .
[ (3) ] في الأصلين: «فأهرقى» ، وما أثبتناه من (المستدرك) .
شربت ما فيها، قال: فضحك [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم][ (1) ] حتى بدت نواجذه، ثم قال: أما إنك لا يتجع [ (2) ] بطنك بعده أبدا [ (3) ] .
وخرّجه أبو نعيم بهذا السند أيضا [ (4) ] ثم قال: ورواه مسلم بن قتيبة، عن عبد الملك بن حسين، عن أبى مالك النخعي [ (5) ] ، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن أم أيمن نحوه.
وخرّج الطبرانىّ من حديث حجّاج بن محمد عن ابن جريج قال:
حدثتني حكيمة بنت أميمة بنت رقيقة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبول في قدح عيدان ثم يدفع تحت سريره، فبال فيه، ثم جاء فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة- كانت تخدم أم حبيبة [رضى اللَّه عنها] جاءت بها من أرض الحبشة-: أين البول الّذي كان في القدح؟ قالت:
فشربته، فقال [صلى الله عليه وسلم] : لقد اختطرت من النار بخطار [ (6) ] .
وقد اختلف في بركة هذه، فقال ابن عبد البر [ (7) ] : هي أم أيمن، وقال غيره: هي بركة بنت يسار مولاة أبى سفيان بن حرب [رضى اللَّه عنه] امرأة
[ (1) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (2) ] كذا في الأصلين، وفي المرجع السابق:«يفجع بطنك» .
[ (3) ](المستدرك) : 4/ 70- 71، كتاب معرفة الصحابة، ذكر أم أيمن مولاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحاضنته، حديث رقم (6912) ، وسكت عنه الذهبي في (التخليص) .
[ (4) ](دلائل أبى نعيم) : 2/ 444، بوله وغائطه صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (365) .
[ (5) ] أبو مالك النخعي الواسطي، قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وقال عمرو بن على: ضعيف منكر الحديث، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي:
ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال الحافظ ابن حجر: وقال الأزدي والنسائي أيضا: متروك الحديث، وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوى عندهم. (تهذيب التهذيب) : 12/ 240، ترجمة رقم (1006) .
[ (6) ] لم أجده، وهو بمعنى الّذي قبله.
[ (7) ](الاستيعاب) : 4/ 1925، ترجمة رقم (4123) .
قيس بن عبد اللَّه، وأم حبيبة من الرضاعة، [هاجرت إلى الحبشة] ووردت معها. قاله ابن هشام عن ابن إسحاق [ (1) ] .
[ولابن حبان في (صحيحه) ، من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: حدثتني حكيمة بنت أميمة، عن أمها أميمة بنت رقيقة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان، ثم يوضع تحت سريره][ (2) ] .
[ (1) ] قال الحافظ ابن حجر: بركة بنت يسار، مولاة أبى سفيان بن حرب، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها قيس بن عبد اللَّه الأسدي، ذكر ذلك ابن هشام، عن ابن إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة، وكذلك ابن سعد.
وجوّز بعض المغاربة أنها بركة الحبشية المذكورة قبل هذه، وليس كما ظنّ، فإن بركة بنت يسار من حلفاء بنى عبد الدار، وهي أخت أبى تجراة، وأصلهم من كندة، وليست حبشية، وإن اشتركتا في كونهما في أرض الحبشة مع المهاجرين ثم قال ابن حجر: بركة الحبشية: كانت مع أم حبيبة بنت أبى سفيان تخدمها هناك، ثم قدمت معها، وهي التي شربت بول النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في حديث أميمة بنت رقيقة، وخلطها أبو عمر بأم أيمن،،
فأخرج في ترجمتها من طريق ابن جريج: أخبرتنى حكيمة بنت أميمة، عن أمها أميمة بنت رقيقة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ويوضع تحت السرير، فجاء ليلة فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة- كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة-: البول الّذي كان في هذا القدح ما فعل؟ قالت: شربته يا رسول اللَّه.
وقال عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان يوضع تحت سريره، فجاء فأراده فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة كان يقال لها بركة- كانت خادمة لأم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة-: أين البول؟
قال أبو عمر: أظن بركة هذه أم أيمن.
وحمله على ذلك ما ذكر في صدد بركة أم أيمن أنها هاجرت الهجرتين إلى أرض الحبشة والمدينة.
وفي كون أم أيمن هاجرت إلى أرض الحبشة نظر، فإنّها كانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجها مولاه زيد بن حارثة، وزيد لم يهاجر إلى الحبشة، ولا أحد ممن كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك، فظهر أنّ هذه الحبشية غير أم أيمن، وإن وافقتها في الاسم. (الإصابة) : 7/ 531، ترجمة بركة الحبشية، رقم (10916)، (الاستيعاب) : 4/ 1793- 1795، ترجمة بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك، وهي أم أيمن غلبت عليها كنيتها، رقم (3252)، (سيرة ابن هشام) : 5/ 9، في ذكر مهاجرة الحبشة، 2/ 166، ذكر المهاجرين إلى الحبشة من بنى أسد.
[ (2) ](الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) : 4/ 274، كتاب الطهارة، باب (21) الاستطابة، حديث رقم (1426) ، وما بين الحاصرتين سقط من النسخة (ج) .