الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما أكله الدّبّاء
فخرج البخاري [ (1) ] من حديث ابن عون قال: كنت غلاما أمشى مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدخل عليّ غلام له خياط، فأتاه بقصعة فيها طعام، وعليه دبّاء، فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء، فلما رأيت ذلك جعلت أجمعه بين يديه، فأقبل الغلام على عمله. قال أنس رضى اللَّه عنه: لا أرى إلا حبّ الدباء بعد ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صنع ما صنع. ترجم عليه باب: من أضاف رجلا إلى طعام وأقبل [هو] على عمله. وخرّجه في باب [المرق] ، وفي باب القديد وخرّجه مسلم من حديث أبى أسامة، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس رضى اللَّه عنه قال: دعي رسول اللَّه رجل فانطلقت معه، فجيء بمرقة فيها دبّاء، فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأكل من ذلك الدبّاء ويعجبه [قال] ، فلما رأيت ذلك جعلت ألقيه إليه ولا أطعمه، فقال أنس رضى اللَّه عنه:
فما زلت بعد يعجبني الدباء [ (2) ] .
[ (1) ](فتح الباري) : 9/ 655، كتاب الأطعمة، باب (4) من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية، حديث رقم (5379) ، باب (35) من أضاف رجلا إلى طعام وأقبل هو على عمله، حديث رقم (5435) ، وهو الحديث المذكور في الباب، باب (36) المرق، حديث رقم (5436) ، باب (37) القديد، حديث رقم (37) باب (38) من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئا، حديث رقم (5439)، وقال في آخره «وقال ثمامة عن أنس: فجعلت أجمع الدبّاء بين يديه» .
الدّبّاء- بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة- هو القرع، وقيل: خاص بالمستدير منه، وهو اليقطين أيضا، واحده دباة ودبة.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 235، كتاب الأشربة، باب (21) جواز أكل المرق، واستحباب أكل اليقطين، وإيثار أهل المائدة بعضهم بعضا، وإن كانوا ضيفانا، وإذا لم يكره ذلك صاحب الطعام، حديث رقم (144) ، (145) ، كلاهما عن أنس لكن بسياقتين مختلفتين.
ومن حديث عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ثابت البناني وعاصم الأحول عن أنس رضى اللَّه عنه قال: إن رجلا خياطا دعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكره، وزاد ثابت: فسمعت أنسا يقول: فما صنع لي طعام بعد أقدر على أن يصنع فيه دباء إلا صنع [ (1) ] .
وخرّجه مالك في الموطّأ، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبى طلحة قال: أنه سمع أنس بن مالك رضى اللَّه عنه يقول: إن خياطا دعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس رضى اللَّه عنه: فذهبت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرّب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء، قال أنس رضى اللَّه عنه:
فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتبع الدباء من حول القصعة، فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم [ (2) ] .
قال ابن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جميع رواته فيما علمت بهذا الإسناد، وزاد بعضهم فيه ذكر القديد.
وقال أبو بكر بن أبى شيبة: حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبى خالد، عن حكيم بن جابر عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وعنده هذه الدباء، فقلت: أي شيء هذا؟ قال: هذا القرع نكثر به طعامنا.
[ (1) ](المرجع السابق) ، آخر أحاديث الباب بدون رقم، وفي هذه الأحاديث من الفوائد: إجابة الدعوة، وإباحة كسب الخياط، وإباحة المرق، وفضيلة أكل الدبّاء، وأنه يستحب أن يحب الدبّاء، وكذلك كل شيء كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحبه، وأنه يحرص على تحصيل ذلك، وأنه يستحب لأهل المائدة إيثار بعضهم بعضا إذا لم يكرهه صاحب الطعام.
وأما تتبع الدباء من حوالي الصحفة، فيحتمل وجهين: أحدهما من حوالي جانبه وناحيته من الصحفة، لا من حوالي جميع جوانبها، وإنما نهى عن ذلك لئلا يتقذره جليسه، ورسول اللَّه* لا يتقذره أحد، بل يتبركون بآثاره صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا يتبركون ببصاقه صلى الله عليه وسلم ونخامته، ويدلكون بذلك وجوههم، وشرب بعضهم بوله، وبعضهم دمه، وغير ذلك مما هو معروف من عظيم اعتنائهم بآثاره صلى الله عليه وسلم. (شرح النووي على صحيح مسلم) .
[ (2) ](موطأ مالك) : 372، كتاب النكاح، حديث رقم (1150) .
وخرجه النسائي ولفظه: فرأيت عنده دباء مقطع، فقلت: ما هذا؟ قال:
نكثر به طعامنا [ (1) ] .
[وخرجه الترمذي] من حديث الليث عن معاوية بن صالح عن أبى طالوت قال: دخلت على أنس بن مالك رضى اللَّه عنه، وهو يأكل القرع وهو يقول: يا لك شجرة! ما أحبك [إلا] لحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إياك. وفي الباب عن حكيم بن جابر عن أبيه قال: حديث غريب من هذا الوجه [ (2) ] .
[قال] ابن عبد البر: ومن صريح الإيمان حب ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحبه، واتباع ما كان يفعله، ألا ترى إلى قول أنس رضى اللَّه عنه: فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم؟.
[ (1) ] وخرجه أبو داود في (السنن) : 4/ 146- 147، كتاب الأطعمة، باب (22) في أكل الدباء، حديث رقم (3782) .
[ (2) ](سنن الترمذي) : 4/ 250، 251، كتاب الأطعمة، باب (42) ما جاء في أكل الدباء، حديث رقم (1849) ، حديث رقم (1850)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أنس،
وروى أنه رأى الدباء بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما هذا؟ قال:
هذا الدباء نكثر به طعامنا، وفي بعض النسخ:«ما أحبك إليّ» .