الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا أكله العنب
فروى أبو الجارود عن حبيب بن يسار، عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل العنب خرطا [ (1) ] .
وأمّا أكله الرّطب والبطيخ
فخرّج أبو داود من حديث أبى أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأكل البطيخ بالرطب ويقول: نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا [ (2) ] .
وخرّج الدارميّ من حديث الحسن بن عرفة، أخبرنا يعقوب بن الوليد،
[ (1) ] يقال: خرط العنقود خرطا إذا وضعه في فمه، وأخذ حبّه، وخرج عرجونه عاريا. وفي رواية ذكرها ابن الأثير: خرصا، بالصاد بدل الطاء، أي من غير عدد.
قال العراقي: رواه ابن عدي في (الكامل) من حديث العباس، والعقيلي في (الضعفاء) من حديث ابن عباس هكذا مختصرا، وكلاهما ضعيف.
وكذا رواه الطبراني في (الكبير) ، هو والعقيلي في (الضعفاء) من طريق داود بن عبد الجبار، عن ابن الجارود، عن حبيب بن يسار، عن ابن عباس رفعه:«كان يأكل العنب خرطا» .
قال العقيلي: داود ليس بثقة، ولا يتابع عليه، وأخرجه البيهقي في (الشعب) من طريقتين ثم قال: ليس فيه إسناد قوى، وأورده ابن الجوزي في (الموضوعات) ولم يصب، بل هو ضعيف. (إتحاف السادة المتقين) : 8/ 238، (شعب الإيمان) : 5/ 106، باب في المطاعم والمشارب، حديث رقم (5967) ، (الموضوعات) 2/ 288، باب كيف يؤكل العنب.
[ (2) ](سنن أبى داود) : 4/ 173، كتاب الأطعمة، باب (45) في الجمع بين لونين في الأكل، حديث رقم (3836) .
فيه إثبات الطب والعلاج، ومقابلة الشيء الضار بالشيء المضاد له في طبعه على مذهب الطب والعلاج، وفيه إباحة التوسع من الأطعمة، والنيل من الملاذ المباحة، (معالم السنن) .
عن أبى حازم، عن سهل بن سعدان، أن النبي صلى الله عليه وسلم [كان] يأكل البطيخ بالرطب [ (1) ] .
ومن حديث وهيب عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن نبي اللَّه [صلى الله عليه وسلم] كان يعجبه [الجمع] بين البطيخ والرطب [ (1) ] .
وخرّج الحاكم من حديث مطر الوراق، عن قتادة، عن أنس رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الرطب بيمينه، والبطيخ بيساره، فيأكل الرطب والبطيخ، وكان أحب الفاكهة إليه. قال: هذا تفرد به يوسف بن عطية عن مطر، ولم يحتجّا به، وإنما يعرف هذا المتن بغير هذا اللفظ، من حديث عائشة رضى اللَّه عنها [ (2) ] . وخرجه ابن حيان أيضا من طريق مطر [ (3) ] .
وخرّج الترمذي في (الشمائل) من حديث جرير، عن حميد، عن أنس قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجمع بين الخربز والرطب [ (4) ] .
[ (1) ](سنن الدارميّ) : 2/ 103، باب من لم ير بأسا أن يجمع بين الشيئين، وفيه:«القثاء بالرطب» ، لكن أخرجه الترمذي في (السنن) : 4/ 246- 247، كتاب الأطعمة، باب (36) ما جاء في أكل البطيخ بالرطب، حديث رقم (1843)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ولم يذكر فيه عائشة رضى اللَّه عنها وقد روى يزيد ابن رومان عن عروة عن عائشة هذا الحديث.
[ (2) ](المستدرك) : 4/ 134، كتاب الأطعمة، حديث رقم (7137)، قال الذهبي في (التلخيص) :
تفرد به يوسف [وهو واه] .
وأخرجه الحميدي في (المسند) : 1/ 124، حديث رقم (255) .
[ (3) ](أخلاق النبي) : 215- 216.
[ (4) ](الشمائل المحمدية) : 165، حديث رقم (200)، والخربز: بكسر الخاء هو البطيخ، وقيل: هو معرب عن الفارسية، والمراد النوع الأصفر [الشّمام كما يسميه أهل مصر، وأجوده ما كان من الإسماعيلية إحدى محافظات مصر] فإن فيه برودة يعدّلها الرطب.
والحديث أخرجه كل من: الإمام أحمد في (المسند) : 3/ 606، حديث رقم (12041)، وأبو الشيخ في (أخلاق النبي) : 215، 217، من طريقي عبد اللَّه بن أبى بكر العنقى، ومسلم بن إبراهيم.
وبالجملة فهو حديث صحيح الإسناد، ورجال إسناده ثقات.
وخرج الخطيب من طريق حسان بن سياه، حدثني ثابت البناني عن أنس قال: قالت عائشة: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا جاء الرطب فهنئينى [ (1) ] .
وخرّج ابن حيّان من حديث إسرائيل الأعور، عن أنس قال: كنت إذا قدمت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رطبا، أكل الرطب وترك المذنب. ومن حديث القرارى، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يفطر على رطبات في زمان الرطب، وعلى التمر إذا لم يكن رطب، ويجعلهن وترا، ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا [ (2) ] .
[ (1) ](تاريخ بغداد) : 5/ 107، في ترجمة أحمد بن محمد الضبعي الأحول، برقم (2513) .
[ (2) ] وفي ختام هذه الفقرة نذكر ما أورده ابن القيم عن البطيخ والرطب، قال.. بعد أن ذكر
حديث أبى داود والترمذي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل البطيخ بالرطب، يقول: نكسر حرّ هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحرّ هذا-:
وفي البطيخ عدة أحاديث لا يصح منها شيء غير هذا الحديث الواحد، والمراد به الأخضر، وهو بارد رطب، وفيه جلاء، وهو أسرع انحدارا عن المعدة من القثاء والخيار، وهو سريع الاستحالة إلى أي خلط كان صادفه في المعدة، وإذا كان آكله محرورا انتفع به جدا، وإن كان مبرودا دفع ضرره بيسير من الزنجبيل ونحوه، وينبغي أكله قبل الطعام ويتبع به، وإلا غثّى وقيّأ.
ثم ذكر حديث أنس قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء [رواه أبو داود برقم (2356) ، والترمذي برقم (696) ، وأحمد برقم (12265) .
ثم قال: طبع الرطب طبع المياه، حار رطب يقوى المعدة الباردة ويوافقها، ويزيد في الباه، ويخصب البدن، ويوافق أصحاب الأفرجة الباردة، ويغذو غذاء كثيرا، وهو من أعظم الفاكهة موافقة لأهل المدينة وغيرها من البلاد التي هو فاكهتهم فيها، وأنفعها للبدن، وإن كان لم يعتده يسرع التعفن في جسده، ويتولد عنه دم ليس بمحمود، ويحدث في إكثاره من صداع وسوداء، ويؤذى أسنانه.
وفي فطر النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم عليه، أو على التمر أو على الماء، تدبير لطيف جدا، فإن الصوم يخلى المعدة من الغذاء، فلا تجد الكبد فيها ما تجذبه وترسله إلى القوى والأعضاء، والحلو أسرع شيء وصولا إلى الكبد، وأحبه إليها، ولا سيما إذا كان رطبا، فيشتد قبولها له، فتنتفع به هي والقوى، فإن لم يكن فالتمر لحلاوته وتغذيته، فإن لم يكن فحسوات الماء تطفى لهيب المعدة، وحرارة الصوم، فتنتبه المعدة بعده للطعام، وتأخذه بشهوة (زاد المعاد) : 4/ 286- 287، 4/ 312- 313.