الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما اجتنابه ما تؤذى رائحته
فخرج مسلم من حديث شعبة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، عن أبى أيوب الأنصاري رضى اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام أكل منه، وبعث بفضلة إليّ، وأنه بعث إليّ يوما بفضلة لم يأكل منها لأن فيها ثوما، فسألته: أحرام هو؟ قال: لا، ولكنى أكرهه من أجل ريحه، قال: فإنّي أكره ما كرهت [ (1) ] . وخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح [ (2) ] .
ولأبى داود [ (3) ] وأحمد [ (4) ] ، من حديث بقية عن بجير، عن خالد عن أبى زياد خيار بن سلمة، أنه سأل عائشة رضى اللَّه عنها عن البصل فقالت: إن آخر طعام أكله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعام فيه بصل.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 14/ 252، كتاب الأشربة، باب (31) إباحة أكل الثوم، وأنه ينبغي لمن أراد خطاب الكبار تركه، وكذا ما في معناه، حديث رقم (2053) .
وفي هذا الحديث تصريح بإباحة الثوم، وهو مجمع عليه، لكن يكره لمن أراد حضور المسجد، أو حضور جمع في غير المسجد، أو مخاطبة الكبار، ويلحق بالثوم كل ما له رائحة كريهة، وأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وكان صلى الله عليه وسلم يترك الثوم دائما، لأنه يتوقع مجيء الملائكة والوحي كل ساعة.
قوله: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام أكل منه وبعث بفضله» ، قال العلماء: في هذا يستحب للآكل والشارب أن يفضل مما يأكل ويشرب فضلة ليواسى بها من بعده، ولا سيما إن كان ممن يتبرك بفضلته، وكذا إذا كان في الطعام قلة، ولهم إليه حاجة، ويتأكد هذا في حق الضيف، لا سيما إن كانت عادة أهل الطعام أن يخرجوا كل ما عندهم، ويتنظر عيالهم الفضلة، كما يفعله كثير من الناس، ونقلوا أن السلف كانوا يستحبون إفضال هذه الفضلة المذكورة، وهذا الحديث أصل ذلك كله. (مسلم بشرح النووي) .
[ (2) ](سنن الترمذي) : 4/ 230، كتاب الأطعمة، باب (13) ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، حديث رقم (1807) .
[ (3) ](سنن أبى داود) : 4/ 173، كتاب الأطعمة، باب (41) في أكل الثوم، حديث رقم (3829) .
[ (4) ](مسند أحمد) : 7/ 130، حديث رقم (24064) .
ولمسلم من حديث ابن علية، عن الجرير عن أبى نضرة، عن أبى سعيد الخدريّ قال: لم يغد أن فتحت خيبر، فوقعنا أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في تلك البقلة الثوم، والناس جياع، فأكلنا منها أكل شديدا، ثم رحنا إلى المسجد، فوجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الريح، فقال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا [يغشانا] في المسجد، فقال الناس: حرّمت، حرّمت، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، إنه ليس بى تحريم ما أحلّ اللَّه، ولكنها شجرة أكره ريحها [ (1) ] .
وخرّج البخاري [ (2) ] ومسلم [ (3) ] من حديث ابن وهب، عن يونس عن ابن شهاب، زعم عطاء أن جابر بن عبد اللَّه، زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو فليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بقدر فيه خضرات من بقول، فوجد لها ريحا، فسأل، فأخبرنا بما فيه من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه كان معه، فلما [رآه] كره أكلها، قال: كل، فإنّي أناجى من لا تناجي. اللفظ للبخاريّ. وخرّجه أبو داود [ (4) ] .
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 5/ 54، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب (17) نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، حديث رقم (76) .
[ (2) ](فتح الباري) : 2/ 431، كتاب الأذان، باب (160) ما جاء في الثوم والبصل والكرات، حديث رقم (855) .
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) : 5/ 53، كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب (17) نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، حديث رقم (73) .
[ (4) ](سنن أبى داود) : 4/ 170- 171، كتاب الأطعمة، باب (41) في أكل الثوم، حديث رقم (3822) . وفيه:«وإنه أتى ببدر» بدلا من: «أوتى بقدر» عند الشيخين.
قال الخطّابى: قوله: «أتى ببدر» يريد الطبق، وسمى الطبق بدرا لاستدارته، ومنه سمى القمر قبل كماله بدرا، وذلك لاستدارته وحسن اتساقه.
وقوله: «فليعتزل مسجدنا» إنما أمره باعتزال المسجد عقوبة له، وليس هذا من باب الأعذار التي تبيح للمرء التخلف عن الجماعة كالمطر، والريح العاصف ونحوهما من الأمور. (معالم السنن) .
وأخرجه الترمذي في (السنن) : 4/ 229 كتاب الأطعمة، باب (13) ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، حديث رقم (1806) وقال: هذا حديث حسن صحيح.