الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستقبل للإسلام
[قال الإمام]:
قال الله عز وجل: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} .
تبشرنا هذه الآية الكريمة بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره وحكمه على الأديان كلها ، وقد يظن بعض الناس أن ذلك قد تحقق في عهده صلى الله عليه وآله وسلم وعهد الخلفاء الراشدين والملوك الصالحين ، وليس كذلك ، فالذي تحقق إنما هو جزء من هذا الوعد الصادق ، كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:«لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ، فقالت عائشة: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} أن ذلك تاما ، قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء الله» . الحديث.
رواه مسلم وغيره ، وقد خَرَّجته في «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد» (ص 122).
وقد وردت أحاديث أخرى توضح مبلغ ظهور الإسلام ومدى انتشاره ، بحيث لا يدع مجالا للشك في أن المستقبل للإسلام بإذن الله وتوفيقه.
وها أنا أسوق ما تيسر من هذه الأحاديث عسى أن تكون سببا لشحذ همم العاملين للإسلام ، وحجة على اليائسين المتواكلين:
1 -
«إن الله زوى (أي جمع وضم) لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها» . الحديث.
وأوضح منه وأعم الحديث:
2 -
ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان، وهذا ما يبشرنا به الحديث:«عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاصي وسئل أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فأخرج منه كتابا قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي المدينتين تفتح أولا أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مدينة هرقل تفتح أولا. يعني قسطنطينية» .
و(رومية) هي روما كما في «معجم البلدان» وهي عاصمة إيطاليا اليوم.
وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف، وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالفتح، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولابد، ولتعلمن نبأه بعد حين.
ولا شك أيضا أن تحقيق الفتح الثاني يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة إلى الأمة المسلمة، وهذا مما يبشرنا به صلى الله عليه وآله وسلم بقوله في الحديث:
«تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم
تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».
هذا وإن من المبشرات بعودة القوة إلى المسلمين واستثمارهم الأرض استثمارا يساعدهم على تحقيق الغرض، وتنبئ عن أن لهم مستقبلا باهرا حتى من الناحية الاقتصادية والزراعية قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهاراً» .
وقد بدأت تباشير هذا الحديث تتحقق في بعض الجهات من جزيرة العرب بما أفاض الله عليها من خيرات وبركات وآلات ناضحات تستنبط الماء الغزير من بطن أرض الصحراء وهناك فكرة بجر نهر الفرات إلى الجزيرة كنا قرأناها في بعض الجرائد المحلية فلعلها تخرج إلى حيز الوجود، وإن غدا لناظره قريب.
هذا ومما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ".
رواه البخاري في " الفتن " من حديث أنس مرفوعاً.
فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها مثل أحاديث المهدي ونزول عيسى عليه السلام فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عمومه بل هو من العام المخصوص، فلا يجوز إفهام الناس أنه على عمومه فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} أسأل الله أن يجعلنا مؤمنين به حقا.
الصحيحة (1/ 1/31 - 36) بتصرف.