الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتهام: الدعوة السلفية
بأنها دعوة رجعية
السؤال: يقول السائل: نسمع من البعض أحياناً بأن الدعوة السلفية دعوة رجعية تناقض التقدم العلمي وتنافي التطور المدني، فما هو ردكم على هذا القول؟
الجواب: جوابي على هذا والمستعان الله.
يقيناً الذين يدَّعون هذه الدعوى الباطلة هم لا يعرفون الدعوة السلفية، ومن البداهة بمكان أن نقول: من جهل شيئاً عاداه.
الدعوة السلفية يا إخواننا أظن، يعني سمعتم آنفاً لمحة هي أولاً: فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، فمن ذا الذي وهو مسلم وليس ضالاً، ما نقول ليس كافراً، من ذا الذي يجرؤ أن يقول وهو مسلم إذا سمع أن الدعوة السلفية هي العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح؟ من الذي يستطيع أن يقول: هذه دعوة رجعية؟
الذي يقول هذا هم الكفار بلا شك، أو أهون من هذه الكلمة هم الذين لا يعلمون، فنحن نسأل هؤلاء الذين يقولون هذه الكلمة العوراء: هل تؤمن بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان؟ إن كان مسلماً حقاً فسيكون جوابه: نعم، أؤمن بذلك، فهو يشترك معنا إذاً في هذه الحقيقة العلمية الشرعية.
سنمشي معه، ونقول له: الإسلام الذي وَصَلَنا الآن هل وَصَلَنا بمفهوم واحد أم بمفاهيم عديدة؟ فإن قال بمفهوم واحد تَبَيَّن أنه رجل جاهل وحينئذ علينا أن نأخذ الموضوع معه جذرياً.
أنت يا عايش الآن في هذا الزمان تعرف أنه في طرق صوفية مثلاً، فإن أنكر معناه أنه عايش في المريخ مش عايش في الأرض، فحينئذ يسقط الكلام معه حقيقة.
وإن اعترف، إن أعترف أنه في طرق كثيرة، سيأتي سؤال ثاني: هل تعتقد أنه بالإضافة إلى هذه الطرق التي بالخلاصة التي تقول الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، هل تعتقد بهذه الخرافة؟
ويوجد اليوم بين المسلمين من يقول بها، الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، هذا كفر بالله وبرسوله، كفر بكتاب الله وحديث رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، لماذا؟ آية واحدة تكفي لنبين أن من يقول هذه الكلمة ويعرف عاقبة أمرها بأنه كافر بالله، آية واحدة. قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
هل قال الرسول، أو هل أمر الرسول بهذه الآية أن يقول: قل هذه سُبُلي، أم قال: قل هذه سبيلي؟ قال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: 108] لفظ مفرد في اللغة العربية.
{أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 108] أي: إلى هذا السبيل واحد وإلا بعدد أنفاس الخلائق؟ واحد.
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] فأنت الذي تقول بأن الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق أنت ممن
اتبعت الرسول؟ لا، الرسول يقول: سبيلي وما يقول سبلي.
وفي الآية الأخرى، قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي} [الأنعام: 153] سبيلي لفظان مختلفان لفظاً متحدان معنىً، سبيلي صراطي وطريقي.
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] هذه الآية أوضح من الآية الأخرى.
الآية الأولى اكتفت بقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: 108] لكن هنا زاد على هذا المعنى بقوله: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] وهذا بحث طويل ولا أيضاً نستطرد كثيراً.
لنعود إلى هذا الذي يسأل هذا السؤال. أنت عارف أن المسلمين اليوم متفرقون في مذاهبهم، في طرقهم، في أفكارهم، في سلوكهم، في في إلى آخره أشد التفرق؟ فإن اعترف بهذه الحقيقة ولا بد إذا كان بقي في عقله ذرة من معرفة وعلم أن يعترف بها، حينئذ نسأله: هل هذا من الإسلام؟ فإن قال: هذا من الإسلام كفر بما أنزل الله كما سمعتم آنفاً.
وإن قال: لا، هذا ليس من الإسلام، نقول له: إذاً ما هو الإسلام؟ نحن نقول قلنا قولتنا واضحة قال الله، قال رسول الله، قال أصحاب رسول الله، هذا هو الإسلام. أنت ويش هو الإسلام عندك؟
فإذا اشترك معنا في هذا فأين التنطع وأين التشدد؟ أنا أدري ماذا يرمون إليه، يريدون من كل مسلم أن يكون مثلاً فيلسوفاً، أن يكون فلكياً، أن يكون جغرافياً، أن يكون مخترعاً، أن أن إلى آخره، هذا أمر مستحيل.
كما لو قلنا نحن: نريد من كل مسلم أن يكون مفسراً ومحدثاً وفقيهاً ولغوياً و
وما أدري هذا مستحيل، لكن للجماعة المسلمة إذا فرضنا مائة شخص، هذه المائة يجب كلها كمجموعة أن تقوم بواجب هذه العلوم، واحد مثلاً يتخصص بالشريعة يتعلق بالشرع، في الحديث، في التفسير، في الفقه، آخر يتخصص في اللغة، ثالث في الطب، رابع في الكيمياء في الفيزياء، إلى آخره.
ها الجماعة هذول يقوموا بهذه المجموعة أم أنتم تريدون ممن يدعوا إلى اتباع الكتاب والسنة، أن يكون عالم مثلاً في الفلك عبثاً تطلبون لأنه أنا أدعوك أن تكون عالماً في الحديث، أن تكون عالماً في التفسير، أن تكون عالماً في الفقه وأنت جاهل، ولذلك يصدر منك مثل هذا السؤال.
خلاصة الكلام: الذي يسأل هذا السؤال لا يعلم ما هي الدعوة السلفية، وإذا علم أنها فهم الإسلام على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح وتبرأ من ذلك فليس من الإسلام في شيء، والحمد لله رب العالمين.
(الهدى والنور /219/ 43: 26: 00)