الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
مداخلة: في سؤال يقول: هل يجوز تعدد الجماعات العاملة للإسلام؟
الشيخ: هذا السؤال في الواقع يطرح نفسه كما يقولون اليوم، ومشروع ومعلوم لدى الناس جميعاً أن هذا أمر جائز وأنا أقول معهم كذلك، ولكن بشرط واحد وهذا الشرط يجب الانتباه له من كل هذه الجماعات لسببين اثنين:
السبب الأول: حتى تجمعهم دائرة الإسلام.
والشرط الثاني: أن يكونوا - أيضاً كما قلنا عن عامة المسلمين - يعرفون كيف ينطلقون في دعوتهم. فإذا كان هناك جماعات متعددة وكانت كل جماعة تنحو منحىً واجباً، لأني أتصور حقيقة واقعة لا يستطيع أن يجادل فيها إنسان ما، وهي: أن الفرد من أفراد العلماء لا يمكنه أن يجمع العلوم الإسلامية كلها بحيث أنه إذا سئل عن أي علم أجابك، يعني كما يقولون عندنا في سوريا في اللغة العامة أن ما شاء الله فلان مثل الصحن الصيني وين ما رميته بيرن، أنا لا أتصور أن يكون العالم عالم بالتفسير، وبالقرآن، وبعلوم القرآن، والأحاديث، والقراءات، والفقه الحنفي، والشافعي، والفقه المقارن، إلى آخر ما هنالك، اللغة، والنحو، والصرف، وو، إلى آخره. هذا أمر مستحيل، ممكن كل واحد يجمع بصورة مجملة بين هذه العلوم ولكن لا بد ليفيد الناس أن يكون متخصصاً في علم من هذه العلوم الذي يتميز فيه على غيره وهكذا كل عالم في الدنيا، هذه المجموعة من العلماء المتخصصين هم الذين يستطيعون أن ينهضوا بالواجب
ككل، واجب علم التفسير والحديث وإلى آخره، شخص واحد لا يستطيع.
على الضوء، هؤلاء الأفراد نقول نحن بالنسبة للجماعات وكل جماعة مؤلفة من الأفراد، فلا تستطيع جماعة على وجه الأرض أن تنهض بالإسلام ككلّ، أي: هذه الجماعة أن تكون عالمة بالكتاب والسنة أو على التفصيل السابق ولا نكرر، وإنما كل جماعة تأخذ جانباً من الإسلام.
لنضرب مثلاً: حزب وَلا حزب في الإسلام إلا حزب واحد كما قال تعالى: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56].
في جماعات متعددة حتى لا يكونوا إلا حزباً واحداً ينبغي أن يكونوا داخلين في دائرة الإسلام قال الله، قال رسول الله. فمثلاً: بعض هذه الجماعات يغلب عليها التفقه في الدين يهتمون بمعرفة أحكام الإسلام في كل ما يتعلق بالعبادات فضلاً عن الاعتقادات، فهم يضربون في هذه الناحية لكن ما يستطيعون بطبيعة الحال أن يضربوا في ناحية أخرى، ما هي هذه الناحية الأخرى؟ بأن يتوجهوا إلى الناس لتعظيمهم وإرشادهم كما قيل آنفاً: الفضائل من الأمور، الأخلاق مكارم الأخلاق ونحو ذلك كجماعة، ككتلة، أما كأفراد يختلفون في ذلك، لكن هؤلاء أو هذه الجماعة الثانية أيضاً هم لا يستطيعون أن ينهضوا بما نهضت به الجماعة الأولى، وهكذا عدد ما شئت من الجماعات، فكل جماعة تنهض بما يجب على بعض المسلمين أن يقوموا به.
أضرب لكم مثلاً أخيراً: قديماً كنا نسمع أنه يوجد في مصر جماعة تسمى بجماعة الشبان المسلمين، وانبثق منها فيما جماعة الإخوان المسلمين.
جماعة الشبان هؤلاء لا يهتمون من الإسلام كجماعة لا أتكلم كأفراد، قد يكون هناك في الأفراد يهتمون بالناحية الأولى كما قلنا وهي ناحية العلم، وقد
يكون فيهم آخرين يهتمون بناحية إرشاد الناس وتعليمهم، لكن كجماعة بماذا كانوا يهتمون؟ بالأمور الرياضية، بكرة السلة وكرة القدم والطاولة ونحو ذلك، رياضة لا بأس من هذه الرياضة، لكن بشرط أن تكون ضمن دائرة الشريعة الإسلامية، فيتعاون إذاً هؤلاء مع هؤلاء مع هؤلاء وكلهم يمشون في دائرة الإسلام.
أعني لأضرب مثلاً بسيطاً: الجماعة الأخيرة التي تعتني بالمسائل وبالأعمال الرياضية، قلنا: هذا أمر طيب، ولكن هذه الرياضة قد يحيط بها بعض الأحكام التي يجب
…
أن يلتزموها لنضرب على ذلك مثلاً: أنه لا يجوز لهذه الجماعة أن تتبارى مثلاً بعضها مع بعض، بعضها مع الجماعات الأخرى في أوقات يضيعون عليهم فريضة من فرائض الصلوات الخمس.
فإذاً هم يجب عليهم أن ينتظروا في قيامهم بالواجب التقيد بنفس الأحكام الشرعية.
كذلك مثلاً: يجب أن يتميزوا باعتبارهم جماعة رياضيين متمسكين بالإسلام ألا يظهروا كما يظهر الرياضيين وآخرين بين الأنام كاشفي العورات، كاشفي الأفخاذ لابسين لما يسمى اليوم بالشورت في بعض اللغات، وبالتبان باللغة العربية الصحيحة وهو السروال الذي ليس له أكمام، ثم هو ضيق قد يحجم العورة الكبرى، هؤلاء الرياضيين المسلمين يجب أن يظهروا بزي وشكل إسلامي حين ذاك يقومون بواجب لا يستطيع أمثالنا نحن المنكبين على علم وتعليم العلم ونحو ذلك. هذا المثال بسيط جداً.
فإذا كانت هذه الجماعات تنطلق من هذا المنطلق الإسلامي العام فنعما يعملون ويفعلون، ولكن مع الأسف الشديد هذا الواجب غير متحقق في كثير من
هذه الجماعات، بل هناك تنافر وهناك تدابر بين جماعة وأخرى، لماذا؟ لأن المناهج التي أقيمت هذه الجماعة عليها لم تقم على الدستور الإسلامي الذي نسعى نحن بصياحنا وزعاقنا أن نحول الدستور الذي جاءنا من الغرب أن نحوله إلى دستور إسلامي ونحن عاجزون أن نطبق جزءاً من هذا الدستور في اجتماعنا هذا المصور في المية
…
بالنسبة لمين للمجتمع الإسلامي الكبير الذي نريد أن نحكم عليهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
لذلك أنا أقول بهذه المناسبة: أن هذه الجماعات كلها عليها لا بأس أن تتخصص كل واحدة منها فيما هي متوجهة إليه ولكن بشرط أن يكون عملها في تخصصها في حدود دائرة الإسلام، وإذا لم يقم هؤلاء الأشخاص ليس فقط في تخصصهم المذكور بل وفيما يتعلق بعباداتهم الخاصة وبأفرادهم إذا لم يتقيدوا بحكم الله عز وجل فلا يستطيعون أن يكونوا جماعة يقومون بواجب من الواجبات التي لا تستطيع جماعة أخرى أن يقوموا بها، لأنهم زعموا أنهم تخصصوا هذا التخصص إنما يفيدهم إذا التزموا عهد الله وشريعة الله.
بإيجاز: هذه الجماعات إن كانت تعمل في تخصصاتها ضمن دائرة الإسلام فنعما هو، وإلا هو التفرق المنهي عنه في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك معلوم لديكم جميعاً إن شاء الله.
(الهدى والنور /228/ 19: 15: 00).