الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتهام: السلفية لا تعتني بالحاكمية
مداخلة: يقول بعضهم: إن الدعوة السلفية دعوة قائمة على العقيدة والتوحيد ولكنها تنسى أو تتناسى إما علماً أو تطبيقاً الدعوة إلى الحاكمية لله وتحذير الناس من طواغيت البشر الذين يشرعون من دون الله، فما هو قولكم في هذا الكلام وردكم عليه؟ بارك الله فيك.
الشيخ: هذا الكلام نحن نسلِّم به مبدئياً، لكننا لا نوافق هؤلاء الناس الذين يريدون أن يجابهوا الطواغيت في حد تعبيرهم وهم لم يقضوا على الطاغوت القائم في نفوسهم.
والحقيقة أن هذا الكلام هو نابع من أسلوب دعوة هؤلاء الجماعة، هم يتهموننا بهذه التهمة، نحن نعتقد أن هذا العمل سابق لأوانه ولسنا ننكر، لسنا ننكر وجوب الإنكار على كل من يحكم بغير ما أنزل الله، لكن نحن نعتقد هل آن الأوان بأي حزب من الأحزاب الإسلامية القائمة اليوم أن يظهروا أمام الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله بدون أن يستعدوا لذلك الاستعداد الذي ندندن حوله دائماً وأبداً، الاستعداد الروحي أولاً ثم الاستعداد المادي ثانياً؟
فهم يستبقون الأمور ويستعجلون، هم يظنون أن مجرد رفع الصوت أمام هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله هو نصر للإسلام، بينما نصر الإسلام حقيقة يكون بفهم هؤلاء الإسلام فهماً صحيحاً وجعلهم الإسلام في حدود طاقتهم يمشي معهم على وجه الأرض.
وأنا في اعتقادي أن التاريخ يعيد نفسه، فكما كان المسلمون في العهد الأول لا هم لهم إلا أن يفهموا الدعوة من منبعها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس أن يجابهوا الكفار والمشركين إلا حوادث فردية قد تقوم، لكن كتكتل وتجمع لم يقع ذلك إلا بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة.
فهذه شنشنة نعرفها من أخزم، وبخاصة أنا قد وقعنا في تجارب عديدة في بعض البلاد الإسلامية من الإعلان في محاربة الكافر الذي يحكم بغير ما أنزل الله دون الاستعداد النفسي والمادي، فما كان عاقبة ذلك إلا خسارة لحقت بالدعوة الإسلامية في كثير من البلاد الإسلامية، ولذلك فنحن يجب أن نمشي، أن نأخذ بالأسباب الشرعية والكونية في الدعوة إلى المعرفة بالإسلام والعمل به، كما كنت أجمل ذلك بكلمتين موجزتين وهي لا بد من «التصفية والتربية» ، وكل الأحزاب الإسلامية لا تقوم على هذين الركيزتين: التصفية والتربية.
ليس هناك تصفية بدليل أنك لو نظرت في كل جماعة أو في كل حزب هل عندهم علماء في التفسير، علماء في الحديث، علماء في الفقه المستنبط من الكتاب والسنة؟ بعد ذلك علماء في السياسة، علماء في الاقتصاد؟ ليس هناك شيء من هذا إطلاقاً، فإذاً كيف يستطيعون أن ينهضوا بهذا العمل العظيم جداً وهو تطبيق الحكم الإسلامي على وجه الأرض وإعادة الخلافة الراشدة؟ فاقد الشيء لا يعطيه.
لذلك لا بد من اتخاذ هذه المقدمات التي تقوم على هاتين الكلمتين التصفية والتربية، وليس هناك علماء يُصَفُّون الإسلام من كل دخيل فيه سواء كان في العقيدة أو في الأحكام أو في السلوك أو في العلوم الحديثة التي جدت اليوم مما يعرف بالسياسة أو اقتصاد أو نحو ذلك.
فالحكمة التي نكررها كثيراً بهذه المناسبة: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه. وتلك الحوادث التي وقعت في البلاد التي أشرنا إليها كالحرم المكي مثلاً ومصر وسوريا كلها آثار ونتيجة لهذا الذي ينكرونه علينا وهم يظنون أنهم قد أحسنوا صنعاً.
(الهدى والنور / 320/ 16: 44: 00)