الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتهام السلفيين بأنهم لا يعتنون إلا بالقشور
وأنهم نسوا المعركة الكبرى مع أعداء الإسلام
مداخلة: شيخنا تتمة للموضوع، قد يُلَبِّس الشيطان على البعض فيلطف من عبارة أن هذا من الأشياء التافهة وما شابه ذلك، فيقول: هذه قشور، وإنما يهمنا اللباب وما شابه ذلك، وهذه كثيراً ما نسمعها، ولعلها تلقى في بعض النفوس، خاصة أن كلامكم كان عن قضية من القضايا الشخصية الإسلامية، فحبذا لو توضح هذه القاعدة؟
الشيخ: الحقيقة أن هذه الكلمة التي ذكرها الأخ، نسمعها أيضاً أحياناً، لكن كل الدروب على الطاحون سواء قيل هذا من توافه الأمور، أو هذه من القشور، فكل من اللفظتين من إحدى الكبر؛ لأنه لا يصح لنا أيضاً كما قلنا بالنسبة لمن يقول من توافه الأمور، هذا أمر تافه، كذلك لا يصح لنا أن نقول بعد أن عرفنا ما تعلق من الأحكام ومن الأحاديث بموضوع إعفاء اللحية، ما ينبغي أن يقال هذه من القشور.
ولكن إذا قيل بهذا اللفظ دون اللفظ الآخر انفتح أمامنا أمر آخر لتعزيز هذه الكلمة لو صح النطق بها، هم يعنون بلا شك حينما يقولون بأن هذه المسألة أو تلك من القشور، بقولهم: دعونا من القشور وخلينا نهتم باللباب، يعنون بذلك الأمور التي يجوز للمسلم أن يتركها، لكن إن عنوا ذلك فقد أخطأؤا مرتين:
الخطأ الأول: أنهم أعطوا حكم السنة أنه يجوز لمسلم أن يتركها ولا إثم عليه في ذلك، أعطوا هذا الحكم حكم السنة لما هو فرض لازم.
الخطأ الثاني: هب أن الأمر سنة، ولكن التعبير أيضاً عن السنة بلفظة قشر أيضاً هذا خطأ؛ لأنهم حينما يتلفظون بهذه الكلمة يعنون أن لا نبالي بهذه السنن على افتراض، ونقول هذا جدلاً، على افتراض أنهم يعنون السنن فقط.
أيضاً لا يجوز أن نطلق لفظة القشور على السنن التي فعلها الرسول عليه السلام، وتقرب بها إلى الله زلفى، لماذا لا يجوز؟
لسببين اثنين: السبب الأول: أن هذه السنن هي لها وزن في الشريعة، لكنهم لا يعلمون، وزنها في الشريعة أنها في كثير من الأحيان تكون سبباً لتدارك ما فات من النقص في الفرائص، وهذا صريح في قوله عليه السلام:«أول ما يحاسب العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت فقد أفلح وأنجح، وإن نقص فقد خسر» .
في حديث آخر: «وإن نقصت، قال الله عز وجل لملائكته: انظروا هل لعبدي من تطوع فتتموا له به فريضته» تطوع يعني: سنة، يعني غير الواجب.
فهذا الحديث يصرح بأن السنن تتم بها الفرائض، فكيف يبيح المسلم ألا يحض المسلمين عليها بل هو يبعدهم عنها بكلمة منفرة، هذه قشور لا قيمة لها.
هذا خطأ مزدوج، أولاً: من حيث المعنى؛ لأنه لها قيمة كما ذكرنا مثالاً مثل: « .. فأتموا له فريضته» .
ثانياً: من حيث أنهم يطلقون كلمة قشور كالتوافه من الأمور، يطلقونها على ما شرع الرسول عليه السلام، ولو بطريق الاستحباب، وحينذاك نحن نقول: من أين أخذوا كلمة القشور؟
أخذوها من بعض الثمار التي لها قشور، فيأكل لبها ويرمى قشرها.
حسناً هذا الاستعمال أخذ من قياس الأحكام الشرعية على القشور التي خلقها الله في بعض الثمار، نعود هنا لنقول: هل خلق الله هذا القشر المحافظ
المحيط للب هو عبث؟ لولا هذا القشر ما سلم اللب، وهذا يا جماعة واضح في هذا المثال المادي، يعني في الثمار.
هذه القشور ما خلقت عبثاً، وإنما فائدتها معروفة حتى عند أصحاب كلمة القشور، هذه الفائدة المادية معروفة عندهم، لكن سبحان الله:{فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
إذا كان القشر في ثمر ما مفيد لهذا الثمر، ومحافظ على اللب، وهذا معروف حتى عند الكفار، أفلا يكون معروفاً عند المسلمين أن ما يسمونه من الأحكام الشرعية بأنه من القشور، هو شأنه تماماً كشأن القشور في الثمار، فلم تكن القشور في الثمار خلقاً من الله عبثاً، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، فكذلك لم تكن هذه القشور بلفظهم التي يطلقونها على السنن، لم تكن شرعاً من الله عبثاً، وإنما الأمر واضح جداً، الإنسان الذي يكثر من الاجتهاد بهذه العبادات ولو كانت في مستوى السنن والمستحبات، فهو بلا شك يزداد بذلك تقرباً إلى الله، ويزداد بذلك حسنات ودرجات عند الله، وبخاصة الحديث السابق أن رب العالمين يستدرك لعباده المقصرين في بعض الفرائض، يتمم تلك الفرائض من هذه السنن والنوافل.
إذاً: نهاية المطاف في هذا البحث أن استعمال لفظة (القشور) كلفظة (التوافه من الأمور) هذا خطأ شرعاً من كل النواحي، سواء من ناحية شرعية أو من ناحية قياسية، فواضح جداً أن القشر في الثمر ضروري وجوده، وإلا لولاه لن نأكل الثمر، كذلك هذه السنن الذي يسمونها ظلماً وبغياً وعدواناً بقشور، لولا هذا لسنن لما ازداد الإنسان تقرباً بها إلى الله تبارك وتعالى، ولما سد بها نقص وقع له في فرضه.
هذا تعليق على سؤال الأخ جزاه الله خيراً.
(الهدى والنور / 175/ 04: 58: 00)