الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
السؤال: أحد الناس يسأل فيقول: نسمع كثيراً عن الوهابية، ونسمع أنهم يكرهون الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يزورون قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول بعض المشايخ: أن الرسول تنبأ عنهم حينما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «نجد قرن الشيطان» فما هو جوابكم على هذا الكلام؟
الشيخ: الحقيقة أن هذا السؤال مع الأسف الشديد راسخ أثره في كثير من المسلمين، والوازع عليه قديماً هي السياسة، لكن هذه السياسة قد مضى زمنها وانقضى؛ لأنها كانت سياسة من دولة الأتراك، ولا أطيل في هذا إنما هي لفتة نظر فقط كانت سياسة من دول الأتراك يوم خرج رجل من أهل العلم والإصلاح وهو المسمى بمحمد بن عبد الوهاب في بعض البلاد النجدية، يدعو من حوله إلى الإخلاص الذي أشرنا إليه آنفاً في عبادة الله وحده، فلا يشرك معه غيره، ومن ذلك مثلاً مما هو لا يزال مع الأسف الشديد آثاره لا تزال قائمة في بعض البلاد الإسلامية خلافاً لذلك الإقليم الذي خرج فيه ذلك المصلح محمد بن عبد الوهاب، هذا الإقليم إلى الآن والحمد لله لا يوجد فيه نوع من الشرك بينما ذلك يوجد في كثير من البلاد الإسلامية المصرية الأردنية السورية، فضلاً عن البلاد الأعجمية، فضلاً عن إيران وما خبر الخميني ووفاته والإعلان عن اتخاذ قبره كعبة يحج إليها الإيرانيون ما ذلك الخبر عنكم ببعيد، هذا الرجل لما خرج ودعا إلى عبادة الله عز وجل وحده اتفق لحكمة يريدها الله عز وجل أنه كان هناك أمير
من أمراء نجد وهو سعود جد العائلة القائمة الآن، فتعاون الشيخ مع الأمير تعاون العلم مع السيف، وأخذوا ينشرون التوحيد دعوة التوحيد في بلاد نجد، فيدعون الناس تارة بالكلام وتارة بالسنان، من أجاب للكلام فهذا هو المطلوب، وإلا لم يأت إلا بالقوة، فانتشرت هذه الدعوة حتى وصلت إلى بعض البلاد الأخرى، علماً أنه البلاد النجدية وسائر البلاد الإسلامية من حولها من العراق ومن الأردن كانت كلها محكومة بحكم الأتراك، الخلافة المتوارثة، فلما بدأ اسم هذا الرجل بعلمه، وذلك الأمير بإدارته ينتشر وينتشر خشي الأتراك أن تظهر هناك في العالم الإسلامي دولة تناهض دولة الأتراك، فأرادوا أن يقضوا عليها وهي لا تزال في عقر دارها بإشاعة الإشاعة الباطلة عنهم والكاذبة والمفتراة مما جاء في السؤال أو غير
ذلك مما نسمعه كثيراً وكثيراً.
فأنا قلت آنفاً: أن السبب الأساسي سياسي وهذا هو، لكن السياسي هذا قضي عليه، ولسنا الآن في بحث تاريخي، لكن السبب الآخر هو جهل الناس، جهل الناس بحقيقة هذه الدعوة، وهذا الجهل يذكرني بقصة كنت قرأتها في بعض المجلات، أن رجلين وهما يتناقشان في الطريق حول دعوة محمد بن عبد الوهاب التي يسمونها بالوهابية، لو كان الناس يفكرون فيما به يتكلمون لكانت هذه النسبة وحدها مذكرة لهم بخطئهم فيما يقولون، لأن لفظة الوهابية إذا أردنا أن ننظر إلى اشتقاقها وإلى أي شيء كانت نسبتها الوهابية نسبة للوهاب، ومن هو الوهاب؟ هو الله تبارك وتعالى، إذاً: بالنسبة للوهابية هذا أمر يشرف ولا يسقط، لكن قام مثلما يقولوا عندنا في سوريا في آذانهم شيء
…
مثل البعبع، شيء مخيف جداً، الوهابية ما يعتقدوا بالرسول، ما يؤمنوا إلا بالله، ذكرني هذا البحث بأولئك الاثنين وهما يتناقشان.
وإذا وهما يتناقشان ويدعي الجاهل أنه هؤلاء ما يعتقدوا إلا بالله وبس أما محمد رسول الله لا يعتقدوا، ما يقولوا إلا لا إله إلا الله، وعندنا في الشام القصة باعتبارها شامية لازم نروي لكم إياها باللغة الشامية، بيقولوا: مرت سيارة القنصل أو سفير السعودي في ذلك البلد، وإذا العلم تبع السيارة يرفرف بصورة واضحة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، يا جماعة! اتقوا الله كيف تقولوا في هؤلاء الناس ما يؤمنوا إلا بالله وعلمهم هو العلم الوحيد في الدنيا الذي يكتب عليه إشارة التوحيد الذي قال عليه السلام فيها:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم، وحسابهم على الله» ، كيف تقولوا: هؤلاء الجماعة تفتروا عليهم وهذا علمهم المرفوع ينبئ عما في صدورهم من الإيمان؟
هذا شيء، الشيء الأكبر والأهم هذا علم، ممكن أن يقال علم مزور دعاية مغرضة .. إلخ، لكن ما بالهم حتى اليوم يحجون كل يوم بأمان واطمئنان لم يكن ذلك يَحْظَوْن به في زمن الأتراك الذين أشاعوا عنهم تلك الفرية الكاذبة، أنتم تعلمون أن في كثير من السنين بالنسبة لآبائنا فضلاً عن أجدادنا كان لابد أن يصاحب كل قافلة حجاج من أي بلد جماعة مقاتلة مستعدون للمحافظة على هذه القافلة من الحجاج من قطاع الطرق، يا سبحان الله! هذا الشيء مر وانقضى، بأي سياسة؟ بالسياسة التي يسمونها بالسياسة الوهابية حتى هذه الساعة، فإذا افترضنا أن هذا العلم الذي يلوح بالإيمان الصحيح والتوحيد الصحيح المقرون بالإيمان بأن محمداً رسول الله زور وبهتان، ألا ترونهم في المساجد هناك يعبدون الله ويؤذن المؤذن كما يؤذن في كل البلاد، اللهم إلا الزيادة التي تذكر في البلاد الأخرى في مقدمة الأذان ومؤخرة الأذان، فلا يقال هناك اتباعاً منهم للسنة، لا إنكاراً لكون الرسول عليه السلام هو رسول الإسلام ورسول الأنام
جميعاً في كل زمان وفي كل مكان، وإنما اتباع للسلف، وكما قيل:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف
فإلى الآن يحج الناس ويسمعون هذا الأذان بالشهادة لله بالوحدانية، وللنبي بالرسالة، ثم يصلون صلاتنا، ويذكرون الرسول عليه السلام كلما ذكر يصلون عليه ربما أكثر من أولئك الناس الذين يقولون عنهم: هؤلاء وهابية ما يحبوا الرسول، ما يصلوا على الرسول، يا جماعة! اتقوا هذه فرية يبطلها واقع هؤلاء الجماعة، بحيث لا يمكن أن يقال: هؤلاء في بلادهم يداهنون الساكنين خارج بلادهم، إنما هذا نابع من قلوبهم الإيمان بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والسير على منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدون زيادة، ولا أقول: دون نقص، لأن هذا النقص بطبيعة الإنسان لا يستطيع الإنسان أن ينهض، لكن من حيث العقيدة دون زيادة أو نقصان، من حيث العبادة دون زيادة قد يكون هناك نقصان، مثلاً بعضهم قد لا يقوم الليل والناس نيام، هذا نقص، لكن هذا نقص لا يخدش في عقيدته، لا يخدش في إسلامه، فهذه الكلمة حتى اليوم فيها اتهام للجماعة بما هم بريئين منه كما يقال براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وحسبنا يا أبا يحيى.
(الهدى والنور 290/ 10: 29: 00)