الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تهم وشبهات: السلفيون
لا يهتمون إلا بالعقيدة
مداخلة: يشاع أو يتهم البعض السلفيين بأنهم مهتمين فقط في قضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيره، فلماذا؟
الشيخ: هذا السؤال ألاحظ في الحقيقة أن فيه اعتزالاً وأرجو أن يكون السائل قد قصد ذلك ولم يكن منه رمية من غير رام كما يقال؛ لأنه جاء في ختام السؤال أكثر من غير ذلك.
فنقول: صدقت، وهل هذا خطأ أن يهتم الدعاة السلفيون بدعوة المسلمين إلى أس الإسلام ألا وهو التوحيد أكثر من غير ذلك مما هو دون ذلك بكثير؟ فهذا يعني: هو سؤال فيه إشارة إلى أن هذا خطأ، إن كان الأمر كذلك فالسائل هو المخطئ، لماذا؟ لو سألنا أي واحد من هؤلاء الذين ينقمون على السلفيين اهتمامهم بالتوحيد وما يتفرع منه من محاربة الشركيات والوثنيات والخرافات والعقائد الباطلة، إذا قلنا لهؤلاء المنكرين فأي شيء ينبغي أن نهتم أكثر؟ أنا أتحداهم أن يقولوا أن هناك شيء أهم من هذا، نعم يوجد هناك أشياء هامة وهامة كثيرة جداً وقد لا يستطيع أن يقوم بالدعوة إليها أو بفهمها شخص واحد بل ولا أشخاص بل قد لا يستطيع أن يقوم بها جماعة واحدة وإنما جماعات، وكما قيل:
العلم إن طلبته كثير
…
والعمر عن تحصيله قصير
فقدم الأهم منه فالأهم.
فإذا كان الداعية السلفي لا يستطيع أن يبحث مثلاً في السياسة وفي الاقتصاد وفي
…
الأشياء تسمى اليوم في العصر الحاضر والاصطلاحات لا يستطيع؛ لأنه لم يعط الإنسان قدرة تتسع وحافظة تتسع لكل ما يجب أن يعلمه جماعة المسلمين فيحيط به فرد من أفردهم هذا أمر مستحيل، والله عز وجل يقول:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
فإذاً: على كل مسلم أن يقوم بواجب من الواجبات خاصة إذا كانت واجبات عينية، فإذا انتهى منها قام بواجبات كفائية، أما لماذا فلان يعمل في كذا ولا يعمل في كذا؟ فهذا خطأ، من من الناس مهما أحسنتم الظن به يقوم بكل شيء يجب أن يقوم به المسلم؟ هذا أمر مستحيل خاصة في باب الفروض الكفائية، مثلاً: أولئك الذين نراهم يشتغلون مثلاً بالناحية السياسية الإسلامية زعموا لماذا لا يهتمون بإصلاح عقائد المسلمين؟ ويعيش الفرد الواحد منهم في حزبهم وفي جماعتهم بضع سنين أو أكثر، ثم يخرج بعد ذلك لم يفقه العقيدة .. لم يفقه معنى لا إله إلا الله التي فهمها العرب في أول الإسلام وهم لا يزالون في كفرهم وفي ضلالهم، لكنهم بعد أن فهموها كفروا بها كما قال الله عز وجل حكاية عنهم أنهم قالوا:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5].
المسلمون اليوم كثير منهم جداً لا يفقهون هذه الكلمة، فلماذا هؤلاء الذين يشتغلون زعموا بالسياسة ويشتغلون زعموا بالتربية، لماذا لا يعنون بإصلاح العقيدة، لماذا لا يعنون بتصفية الإسلام مما دخل فيه من أحاديث ضعيفة موضوعة، ومن عقائد منحرفة، ولماذا ولماذا؟ هذه أسئلة لا تنتهي أبداً.
نحن نكتفي بأن أمثال هؤلاء إذا عملوا بواجب نشكرهم على ذلك؛ لأن هذا
واجب من الواجبات الكفائية، ولكن بشرط أن لا يحاربوا أولئك الناس الذين يقولون عنهم بأنهم صرفوا حياتهم في ماذا؟ الدعوة إلى التوحيد، وهذا فيه شيء من الإنصاف وإلا كثيراً ما سمعنا بل رأيناه مطبوعاً على رسالة هناك في الأردن يقولون: وماذا عند السلفيين؟ سوى أن تحريك الإصبع سنة، وتعليق الساعة الدقاقة في المسجد بدعة، وهو هذا الذي يكتب هذا يعلم أن هؤلاء السلفيين يعالجون أهم قضية اليوم يحتاجها العالم الإسلامي ألا وهي: معرفة أولاً: توحيد الله عز وجل في عبادته وفي أسمائه وصفاته.
وثانياً: إفراد الرسول عليه السلام في إتباعه دون الناس أجمعين، هذا هو معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله.
السلفيون بفضل الله أنعم الله عليهم أنهم يدعون إلى هذا الإخلاص لله عز وجل في توحيده وإلى إفراد الرسول عليه السلام في إتباعه دون غيره، حتى الأنبياء والرسل فضلاً عمن دونهم من العلماء والصالحين.
ولعلكم تذكرون، والشيء بالشيء يذكر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند وغيره، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«رأى في يد عمر يوماً صحيفة يقرأ فيها قال: ما هذه؟ قال: هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود، فقال عليه الصلاة والسلام وهو غضبان: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي» موسى لو كان حياً ما استطاع أن يتبع إلا الرسول عليه السلام.
من يتبع اليوم جماهير المسلمين؟ هل يتبعون الرسول عليه السلام؟ من المؤسف أن أقول بكل صراحة: خذ أي شيخ تعتقدون فيه العلم، قل له: صف لي كيف كان رسول الله يصلي حتى أصلي صلاته؟ إن كان منصفاً فسيبادرك
بالقول: أنا مذهبي شافعي، وإن كان حنفياً سيقول أنا مذهبي حنفي، إذا سألته عن أركان الوضوء وشروط الوضوء؟ سيقول: أنا حنفي هي أربعة، إذا كان شافعي فسيقول هي ستة، يا أخي! دلني كيف الرسول عليه السلام توضأ؟
لا يعرفون الرسول عليه السلام، وانقطعت الصلة مع الأسف الشديد بينه وبين الرسول فاتبعوا غير الرسول حقيقةً، بينما كان واجبهم أن يفردوا الرسول عليه السلام بالاتباع تماماً كما يفردون الله في العبادة؛ لأن هذا حق الله وعبادته وحده لا شريك له، وهذا حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو اتباعه وحده لا شريك له أيضاً في هذا الإتباع.
لا نجد اليوم علماء المسلمين يخلصون للرسول عليه السلام في اتباعه، بل يتخذون معه أتباع كثيرين وكثيرين .. متبعين كثيرين وكثيرين جداً.
إذاً: نحن ندعو إلى تفهيم المسلمين حقيقة هذه الشهادة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلى أولئك الذين يشتغلون بما دون ذلك من الإسلام أن لا يحاربوا هذه الدعوة لأن دعوتهم لا تساوي كما يقول عندنا في الشام: قشرة بصلة، إذا لم يؤمنوا بهذا التوحيد الذي بينه الله تبارك وتعالى في كتابه وشرحه نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في سنته، فربنا يقول:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] اليوم مئات الألوف من المسلمين يصلون ليس فقط الصلوات الخمس، بل يصلون والناس نيام، يحجون إلى بيت الله الحرام وليس فقط حجة الإسلام بل قد يحجون في كل عام ومع ذلك ففي بيت الله الحرام نسمع الشرك يعمل عمله!
ما فائدة هذه العبادات إذا كان ربنا عز وجل يصرح في كتابه كما سمعتم: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] وقال عز وجل في حق الكفار:
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].
إذاً: نحن إن كان يجوز لنا أن نفخر بأننا ندعوا في أكثر أمورنا ودعوتنا إلى التوحيد وتوحيد الأسماء والصفات، إن كان يجوز لنا أن نفخر بذلك فنحن فخورون جداً؛ لأننا نحقق نصاً في القرآن:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] فعلى الآخرين أن لا يحاربوا هذه الدعوة، بل ينقادوا معها حتى يستفيدوا من جهود أخرى التي هي دون تلك الدعوة بدرجات سحيقة وسحيقة جداً.
(الهدى والنور / 793/ 44: 28: 00)