الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالرغم من أن المؤلف يغلب عليه الطابع الحديثي الذي يهتم بالآثار فإن به دراسة لغوية لا بأس بها لكثير من هذه الأسماء، فهو يتعرض لشرحها وبيان اشتقاقاتها وضبطها وتصريفها، وفي بعض الأحيان يتعرض لبعض الدراسات النحوية «1» ويتناول في أحيان أخرى أصل المعنى في اللغة على نحو ما رأينا في رسالته عن أصول الأسماء كبيانه لأصل الصدق في اللغة وأنه الثبوت والقوة بصدد حديثه عن اسم «الأصدق» «2» ، وهكذا يمكننا اعتبار هذا المؤلف من آثاره اللغوية التي توضح مقدرته اللغوية وتحدد قدرته على تناول النصوص، بيد أنه ليس له فيه من الآراء ما يستحق الوقوف عنده وإنما له بعض الاستدراكات أو الزيادات أو التعليقات.
واستيفاء لآثار السيوطي اللغوية قبل شروعنا في دراسة كتابه الهام في اللغة وهو المزهر، يجدر أن نشير إلى أن كثيرا من مؤلفات السيوطي في شتى الموضوعات لم تخل من دراسات لغوية قيمة أو ملاحظات تشهد بطول باعه في هذا المجال، وسأمثل بأحد هذه المؤلفات على سبيل التمثيل لا الحصر، وهو مؤلف قد ذكره بين كتب التاريخ وهو كتاب:
15 - الشماريخ في علم التاريخ:
(طبع في مدينة ليدن سنة 1312 هـ- 1894 م):
كتاب صغير الحجم طبع مع مقدمة له باللغة الألمانية، وقد تحدث السيوطي في الباب الأول منه عن مبدأ التاريخ، وفي الثاني من فوائد التأريخ من معرفة الآجال وحلولها وانقضاء العدد، ووفيات الشيوخ ومواليدهم، والرواة عنهم فيعين ذلك على تبين صدق الرواة من كذبهم، ويعين في ضبط الأسانيد «3» .
وفي الباب الثالث تعرض لموضوعات شتى تتصل بالتأريخ، بيد أن الذي يهمنا في الكتاب عنايته ببعض المسائل اللغوية المتصلة بالتأريخ.
(1) انظر مثلا «أحيد» ورقة 10، ص 19، وأحاد ورقة 21.
(2)
المصدر السابق ورقة 12.
(3)
الشماريخ ص 7.
فقد ذكر السيوطي أنه: «يقال أول ليلة في الشهر كتب لأول ليلة منه، أو لغرته أو لمهلة، أو لمستهلة. وأول يوم لليلة خلت ثم لليلتين خلتا ثم لثلاث خلون إلى العشر، فخلت إلى النصف، فللنصف من كذا وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو بقيت، ثم لأربع عشرة بقيت إلى العشرين، ثم لعشر بقين إلى آخره، ولآخر ليلة أو لسلخه أو لانسلاخه، وفي اليوم بعدها لآخر يوم أو لسلخه أو لانسلاخه وقيل: إنما يؤرخ بما مضى مطلقا
…
» «1» ، ثمّ يبين أن قولنا في بعضها: خلون، لأن تمييزه جمع، وما يقال فيه، «خلت» فهو ما تميزه مفرد إلى آخر ما ذكره، كما بين أنه يقال في العشر الأواخر والأول ولا يقال الأواخر والأوائل لأن الأولى أن يجمع على فعل قياسا مطردا. ولا يجمع على الأوائل إلا أول الذكور، والأواخر جمع آخرة وهو المراد هنا، أما الأخر فجمع أخرى، وقد نقل ذلك عن ابن الحاجب.
كما تحدث عن حذف التاء من لفظ العدد فذكر أنه يقال: «إحدى واثنتان إن أرخت بالليلة أو السنة وتؤنث، ويقال أحد واثنان إن أرخت باليوم أو العام فان حذفت المعدود جاز حذف التاء ومنه الحديث» وأتبعه ستا من شوال «إلى العشر فيذكر مع المذكر ويؤنث مع المؤنث» «2» .
وتناول أسماء الأيام وجموعها، واشتقاقها ومعناها وما كان لهذه الأيام من أسماء عربية قديمة أميتت واستعملت محلها هذه الأسماء «3» . ثم ذكر أسماء الشهور وجموعها ومعانيها واشتقاقاتها وأسماءها العربية السابقة التي هجرت باستعمال هذه الأسماء «4» ، متعرضا لبيان تسمية الشهور وأسباب هذه التسمية وذلك بعد بيان المعنى.
وما نريد أن نخلص إليه هو أن هذا الكتاب على صغره واهتمامه بالتأريخ لم يخل من نظرات وملاحظات لغوية، ونظرات أسلوبية ونحوية ضمنها صاحبه فيه
(1) المصدر السابق ص 9.
(2)
الشماريخ ص 10.
(3)
المصدر السابق ص 10 - 12.
(4)
نفس المصدر ص 13 - 15.