الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحث تقريبا، فهناك أولا محاولات عديدة لتنظيم العلوم وتقسيمها والتعريف بها وبمصطلحاتها وقد ألف في ذلك مؤلفات كان هدفها- على ما يبدو- أن تتيح للمتخصصين من أبناء كل علم أن يلموا بأطراف من العلوم الأخرى وأن يعرفوا عنها ما يريدون معرفته في وقت يسير، وحين أتى السيوطي ووجد قبله مجموعة من هذه الكتب فإنه على عادته أراد أن يدلي بدلوه بين الدلاء فألف كتابه «إتمام الدراية لقراء النقاية» ويسمى أيضا «الأصول المهمة في علوم جمة» وقد عرف فيه بأربعة عشر علما ذاكرا مبادئها وأصولها الأساسية. ونلاحظ أيضا استقرار مصطلحات العلوم في ذلك العصر، ويمكن إدراك ذلك مثلا في علم النحو بمقارنة ما وضع في ذلك العصر من كتب مثل الكافية لابن الحاجب والألفية لابن مالك وشروحها العديدة لكثير من رجال العصر كابن الصائغ (777 هـ)، والبابرتي (786 هـ) وناظر الجيش (778 هـ)، وابن عقيل (769 هـ)، والسيوطي (911 هـ)، وغير ذلك من الشروح لنجد أن المصطلحات النحوية لا تتغير بين نحوي وآخر، فهي مستقرة متعارف عليها لديهم، وقد ندرك ذلك
بوضوح إذا ما قارنا هذه الكتب بكتاب سيبويه وما وضع في النحو من الكتب الأولى، إذ يتضح لنا تغير اصطلاحات المتأخرين عن اصطلاحات السابقين في بعض المواضع، ذلك أن المصطلحات النحوية كانت إلى عهد سيبويه ومعاصريه من الكوفيين كالفرّاء لم يكتب لها الاستقرار والثبات، كما أن علم النحو إلى عهده كان علما غضا لم يتم نضجه بعد، أما عند هؤلاء فقد نضح واحترق، ونستطيع إدراك ذلك أيضا في كثير من العلوم الإسلامية إذ كانت في ذلك العصر في طور نضجها وكمالها.
6 - العناية بتاريخ مصر:
عني مؤرخو العصر بالكتابة عن تاريخ مصر بعامة وتاريخ القاهرة بخاصة، وقد بدأت هذه العناية عند المصريين قبل عصر المماليك، وقد اتضحت هذه الظاهرة في هذا العصر فظهرت موسوعات تاريخية ضخمة لتاريخ مصر وقاهرتها وأهم هذه المؤلفات:
1 -
السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي المتوفى عام 845 هـ، وهو تاريخ
مصر من عام 577 هـ- إلى عام 844 هـ مرتبا حسب السنين.
2 -
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لأبي المحاسن بن تغري بردي المتوفى عام 874 هـ، وهو في تاريخ مصر منذ الفتح الاسلامي حتى عام 857 هـ.
3 -
حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور لأبي المحاسن وقد جعله ذيلا لكتاب السلوك للمقريزي فيبدأ به من حيث انتهى المقريزي في سلوكه عام 856 هـ كما بينا.
وهنا عديد من الكتب غير ذلك، ويأتي السيوطي فيؤلف في التاريخ كتاب «حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة» ومن بعده يضع ابن إياس كتابه المشهور «بدائع الزهور في وقائع الدهور» ويؤرخ فيه حوادث مصر حسب ترتيب السنين، وتمتد به الحياة حتى يشهد نهاية ذلك العصر ودخول العثمانيين مصر فيؤرخ فترة من حكمهم.
ويبدو أن هذه النزعة في التأريخ لمصر كانت وليدة حب المؤلفين لمصر ولكونها أصبحت في هذا العهد ممثلة للزعامة الاسلامية بعد سقوط بغداد وانتقال الخلافة إليها.