الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثامنة من عمره «1» .
دراسته:
دلّ السيوطي بحفظه المبكر للقرآن الكريم على ذكاء متوقد، وذاكرة قوية وقد حفظ بعد ذلك عمدة الأحكام، والمنهاج الفرعي في الفقه للنووي، والمنهاج في الأصول له أيضا على ما ذكر، وإن كان السخاوي ينص على أنه لم يحفظه كله وإنما حفظ بعضه «2» ، وألفية ابن مالك في النحو «3» ، ومنهاج البيضاوي «4» ، وقد أتم حفظ هذه الكتب وعرضها على شيوخ عصره، ومن ثم فقد أصبح أهلا لأن يطلب العلم على أيدي علماء العصر في مختلف مناحي العلم.
ومنذ مستهل عام 846 هـ وحين كان السيوطي لم يتم الخامسة عشرة من عمره أنشأ يطلب العلم، فأخذ الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ منهم الشمس محمد بن موسى الحنفي إمام الشيخونية في النحو، وعن الفخر عثمان المقسي والشموس البامي وابن الفالاتي وابن يوسف أحد فضلاء الشيخونية، والبرهانين العجلوني والنعماني بعضهم في الفقه وبعضهم في النحو «5» ، وأخذ الفرائض عن العلامة فرض زمانه شهاب الدين الشارمساحي الذي كان قد بلغ المائة من العمر «6» .
وقد أجيز بتدريس العربية في مستهل عام 866 هـ أي حين كان في السابعة عشرة من عمره «7» ، وقد ابتدأ التأليف في هذه السنة فكتب شرحا للاستعاذة والبسملة وأطلع عليه شيخه علم الدين البلقيني شيخ الاسلام فكتب عليه تقريظا «7» ، وقد لزم عليه كثيرا من أبواب الفقه وأجازه بالتدريس والافتاء في عام
(1) حسن المحاضرة ج 1 ص 188، شذرات الذهب ج 8 ص 52.
(2)
الضوء اللامع ج 4 ص 65.
(3)
حسن المحاضرة ج 1 ص 188.
(4)
شذرات الذهب ج 8 ص 52.
(5)
الضوء اللامع ج 4 ص 65.
(6)
حسن المحاضرة ج 1 ص 188.
(7)
حسن المحاضرة ج 1 ص 189.
876 هـ حين كان السيوطي في السابعة والعشرين من عمره، وحضر تصديره، وقد توفي البلقيني عام 878 هـ.
كما لزم السيوطي شيخ الاسلام شرف الدين المناوي فقرأ عليه بعض كتبه في الفقه والتفسير «1» . ولزم في الحديث والعربية العلامة تقي الدين الشمنيّ أربع سنين وكتب له تقريظا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية، وكان شيخه يشهد له بالتقدم ويثق في علمه وسعة اطلاعه «1» .
وقد أخذ جملة من العلوم منها التفسير والأصول والعربية والمعاني عن العلامة محيي الدين الكافيجي الذي لازمه السيوطي أربع عشرة سنة، وكتب له الكافيجي إجازة عظيمة بذلك، كما حضر دروسا عديدة عند الشيخ سيف الدين الحنفي «3» .
وقد أغفل السيوطي حين ترجم لنفسه كثيرا من الشيوخ الذين درس على أيديهم، ويبدو أنه قد اكتفى في ذلك بالمعجم الذي وضعه لهم في حين ذكر المترجمون له من
خصومه وأنصاره أسماء بعض الذين أغفل ذكرهم، ويمكننا من دراسة ترجمته الذاتية ومقارنتها بما كتبه عنه معاصره وخصمه السخاوي وبما كتبه المحايدون من المترجمين وبما كتبه أنصاره من معاصريه أو لاحقيه أن نخلص إلى استجلاء المعالم الرئيسية في حياة السيوطي في وضوح نطمئن إليه، وأن نقف على الأصول والبواعث التي كان لها أثرها في توجيه حياته، وتكوين عقليته وكل أولئك نسترفده عند حديثنا عن منهجه في التفكير وأصول هذا المنهج.
حاض السيوطي كما رأينا حياة دراسية شاقة بالقاهرة درس فيها على كثير من النابهين من علماء عصره، ويلاحظ أن الشيوخ الذين لزمهم مدة طويلة كانوا من شيوخ الخانقاه الشيخونية، حيث كان لأبيه من قبل صلة بها وحيث عمل هو بعد ذلك بها، ولم يكتف بذلك بل رحل طلبا للعلم إلى بعض البلاد فسافر إلى دمباط والاسكندرية والفيوم والمحلة ثم حج إلى مكة عام 869 هـ وجاور بها
(1) حسن المحاضرة ج 1 ص 189.
(3)
الضّوء اللامع ج 4 ص 65 - 66.