الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامة كانت أو خاصة، وفي بعض الأحيان كان السلطان يحضر الاحتفال بالمولد بالقاهرة ثم يسافر لحضور الاحتفال بالاسكندرية «1» .
وحين قدوم السلطان من أسفاره كان يقابل بكثير من مظاهر الحفاوة ووجوه الاصلاح والزينة في الطرقات فضلا عن المواكب الكبيرة. «2»
وقد عرفت هذه الفترة عديدا من أنواع الاحتفالات التي كانت لا تفتأ تقام بالمدينة بين حين وآخر كما عرفت صنوفا من المواكب التي كانت تشق القاهرة آنا بعد آن احتفالا بمناسبة دينية أو وطنية أو استقبالا للسلطان أو أحد الأمراء أو استقبالا لزائر أجنبي «3» ، أو في حالات الزواج والختان والولادة أو لولاية ولاها السلطان أحدا من الناس.
وكانت هناك مبالغات كبيرة في إعداد هذه الحفلات التي كانت تكلف الدولة أو تكلف أصحابها نفقات باهظة، وكانت حفلات الزواج تلقى عناية خاصة ويكلفها أصحابها أموالا طائلة «4» .
القلق الاقتصادي:
على أن القاهرة وأسواقها لم تبق على حال ثابتة من الهدوء والسكينة في ذلك العصر، بل كثيرا ما تأثرت المدينة وأسواقها بعوامل سياسية أو اقتصادية أو اعتبارات أمن أدت إلى اضطراب الأحوال فيها، فقد أدت كثرة المنازعات والفتن بين أمراء المماليك وأحزابهم كما أدت ثوراتهم المستمرة في وجه السلطان إلى اضطراب الأمن في كثير من الأحيان، وتعرضت الأسواق لهجماتهم التي تقصد إلى السلب والنهب، وتكاد تكون جميع حوادث الفتن السياسية مصحوبة بمهاجمة الأسواق ونهب ما فيها الأمر الذي كان يترتب عليه أن تغلق المتاجر وتتوقف الحياة داخل الأسواق لعدة أيام حتى يعود الهدوء، وكان يكفي أن
(1) ابن إياس: بدائع الزهور ج 2 ص 172، 173.
(2)
المصدر السابق ج 2 ص 177.
(3)
نفس المصدر ج 2 ص 207.
(4)
نفس المصدر ج 2 ص 245 وانظر ج 2 ص 208، ص 187، ص 364.
يرجف بموت سلطان أو بهزيمة جنوده حتى يحل الفزع والاضطراب في جميع أرجاء المدينة.
وبالاضافة إلى عامل الفوضى الناتج عن الفتن السياسية نجد ثمة عاملا آخر هو اختلال الأمن نتيجة لهجوم العصابات المسلحة الكبيرة على المدينة بين حين وآخر، وبالرغم من الاحتياطات والتدابير التي كان يقوم بها المسئولون بالمدينة فإن أخبار هذه الحوادث وكثرتها يعطي صورة للقلق وعدم الاستقرار وعدم التمكن من السيطرة على المفسدين حتى عدّ القبض على بعضهم «من النوادر» «1» . وقد كان لذلك أثره في إشاعة القلق والاضطراب.
وفضلا عن ذلك فهناك العوامل الاقتصادية المتصلة حينا بانخفاض النيل وما يترتب عليه من نقص الأقوات «2» ، وحينا آخر بتلاعب السلاطين بالعملة، والتلاعب بالعملة مشهور في ذلك العصر، فكان السلطان يعمد إلى ضرب نقود جديدة ويجعل قيمتها أكبر مما في أيدي الناس فيخسرون بذلك أموالا طائلة ويكون هو المستفيد بفروق
القيمة «3» ، ويحدث الاضطراب والقلق بين التجار وفي الأسواق.
وحوادث تغيير العملة وإبطالها والتلاعب بها كثيرة في ذلك العهد «4» ، وقد تناول السيوطي ذلك في مبحث فقهي رائع عن أحكام الدّين بعد تغيير العملة وهل يطالب من عليه الدين بقيمته يوم اللزوم أو يوم المطالبة؟ وهل يأخذ الدائن من الفلوس الجدد المتعامل بها عددا بالوزن أو بالعدد؟ وقد تقصى بذلك إجابة على ما ورد عليه من الأسئلة في ذلك الحين. «5»
(1) ابن إياس: بدائع الزهور ج 4 ص 39، 40، وهناك عدد من الأمثلة التي أوردها لهجوم العصابات على أسواق المدينة وأحيائها ج 2 ص 229، ص 294.
(2)
المصدر السابق ج 2 ص 226، 240، 241، 242، 336.
(3)
نفس المصدر ج 2 ص 157 ذو الحجة سنة 879 هـ.
(4)
نفس المصدر ج 2 ص 196، ص 310.
(5)
رسالة للجلال السيوطي بعنوان «قطع المجادلة عند تغيير المعاملة» وهي مطبوعة بكتاب الحاوي ج 1 ص 149.