الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إكثار من الأمثلة، منبها في بعض الأحيان على بعض ما فات الناظم، ولكنه بصفة عامة لا يخالف الناظم إلا قليلا.
وقد عبر السيوطي عن منهجه في شرحه بقوله: إنه شرح «يبين مراد ناظمها، ويهدي الطالب إلى معالمها، ولأبحاث منها ريح التحقيق تفوح، وجامع لنكت لم يسبقه إليها غيره من الشروح» «1» .
وقد كتب هذا الشرح قبل أن يكتب شرحه على ألفيته التي حاكى بها ألفية ابن مالك وحاول فيها الاستدراك عليه، ولذلك نلاحظ التشابه الكبير بين الشرحين، ويمكن أن نقول إنه في شرحه المتأخر قد أفاد من شرحه لألفية ابن مالك، ولهذا فان شرحه المسمى بالمطالع السعيدة جاء في صورة أقوى وأوضح وأكثر دقة من شرحه على ألفية ابن مالك، وسبب ذلك قيامه به بعد أن استحصدت قوته وقويت ملكته بحيث أفاد من جهوده السابقة، ولا يغض هذا من شأن شرحه على الألفية.
7 - جمع الجوامع وشرحه همع الهوامع:
يعدّ أجمع كتب السيوطي في النحو، ومن أجمع الكتب النحوية على الاطلاق ان لم يكن أجمعها وأوفاها، فقد احتوى كثيرا من المسائل التي أغفلتها الكتب النحوية كما حرص على ذكر الآراء المختلفة والأقوال المتنوعة، ولا يكاد يترك موضوعا إلا بعد استيفائه وذكر جميع الآراء فيه، وبالرغم من حشده بكثير من الأقوال فشخصية صاحبه تبدو واضحة في عرض الموضوع وتلخيصه ونسبة الأقوال واختيار أرجحها وتعليلاته لاختياراته المتنوعة.
ومما يدل على ما بذل السيوطي فيه من جهد قوله في مقدمته: «وجمعته من نحو مائة مصنف فلا غرو أن لقبته جمع الجوامع» «2» .
وقد قسم كتابه إلى مقدمات ثم سبعة كتب، وهو نفس التقسيم الذي اتبعه
(1) النّهجة المرضية ص 2.
(2)
همع الهوامع شرح جمع الجوامع ج 1 ص 2.
في «المطالع السعيدة» ، وقد نص هنا أيضا على ما ذكره هناك من أنه حذا في هذا الترتيب حذو كتب الأصول، وفي جعله سبعة أقسام مناسبة لطيفة مأخوذة من حديث ابن حبان «إن الله وتر يحب الوتر
…
الحديث» «1» .
وقد درج في كتابه على أن يورد نص متنه منبها عليه بأنه الأصل ثم يتناوله بالشرح، أي أنه يفصل بين المتن والشرح، واستمر على ذلك إلى بداية الكتاب الثالث في المجرورات «2» ، فعدل عن هذه الطريقة إلى طريقة المزج وقد نبه على ذلك بما يوضح طريقة شرحه في سائر الكتاب بقوله:«واعلم أني لما شرعت في شرحه كنت بدأت أولا بشرح النصف الثاني فكتبت من أول الكتاب الثالث إلى أثناء جمع التكسير على طريقة المزج، ثم بدا لي أن أغير الأسلوب، فشرحت من أوله على النمط المتقدم، وكان في نيتي الاستمرار على هذه الطريقة إلى آخر الكتاب، والغاء القطعة التي كتبتها أولا ممزوجة، ثم لما ضاق الزمن عن ذلك أبقيت كل قطعة على حكمها، وضممت هذه القطعة إلى تلك ووصلت بينهما، ولا يضر كون الشرح على أسلوبين نصفه بلا مزج، ونصفه ممزوج، ونعود هناك إن شاء الله إلى تكملة بقية الكتاب من جمع التكسير إلى آخره على طريقة أوله» «3» .
وهذا الكتاب يمثل بحق نهاية التدرج في التأليف النحوي، فهو يعد مجسما لعلم النحو بما آل إليه أمره في البيئة المصرية في أواخر عهد ازدهارها ونشاطها، وقد احتوى جهود السابقين وأفاد من تجاربهم ودرسهم، وعرض به صاحبه محصلة الدرس النحوي بمدارسه السابقة ونحاته المتعددين عرضا متأثرا بالبيئة التي نشأ فيها، وبما آل إليه أمر الدرس النحوي فيها، وبطبيعة هذه البيئة وخصائصها، وما تفرضه من الوضوح والبسط وحسن التنسيق في التأليف وما تؤديه بوصفها وارثة علوم الأجيال السالفة، قائمة على حفظها وتمثلها وحسن تعهدها.
(1) همع الهوامع ج 1 ص 3.
(2)
المصدر السابق ج 2 ص 19.
(3)
نفس المصدر ج 2 ص 19.