الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بعض الأحيان شأنهم في ذلك شأن الأثرياء من الأمراء والتجار وأرباب الوظائف من المسلمين.
الفلاحون:
وإكمالا لطبقات المجتمع يحسن أن نشير إلى طبقة الفلاحين بالرغم من كونها فئة بعيدة عن حياة المدينة.
ويبدو أن نصيب هذه الفئة لم يكن سوى الاهمال والاحتقار بالرغم من كونها أكبر فئات المجتمع ولعل وصف ابن خلدون لهذه الفئة كان يصدق عليها من قبله ومن بعده حيث وصف مهنتهم بأنها معاش المستضعفين وأن أهلها يختصون بالمذلة «1» ، وقد عاش الفلاحون في مصر في ذلك العصر مشدودين إلى أرضهم وليس لهم من خيراتها إلا القليل لأن الأرض ظلت نهبا موزعا بين السلاطين والأمراء ومماليكهم وأوقافهم «2» وكثيرا ما تعرض الفلاحون لنهب أمراء المماليك الذين كانوا يجوبون القرى فضلا عما كان يفرض عليهم من الضرائب الباهظة، وكثيرا ما تعرضوا لظلم ولاة أقاليمهم الذين كانوا يأخذون منهم «غير العادة أضعافا» «3» ، ولم تكفل الدولة لهم الأمن الكافي فكثيرا ما تعرضوا لغزوات
الأعراب
الذين كانوا ينهبون ضياعهم ومواشيهم وأمتعتهم، فضلا عما كانوا يفرضونه عليهم من إتاوات.
الأعراب:
ولا يسعنا- في الحقيقة- إلا أن نتحدث عن هذه الطائفة من طوائف المجتمع لما كان لها من أثر كبير في أحوال البلاد الداخلية.
وقد شهدت الفترة التي ندرسها عديدا من القبائل التي انتشرت في أرجاء البلاد لا سيما في الشرقية والبحيرة والمنوفية والصعيد.
(1) ابن خلدون: المقدمة ص 394.
(2)
د. سعيد عاشور: المجتمع المصري ص 49.
(3)
ابن إياس: بدائع الزهور ج 2 ص 302.
وقد أحصى القلقشندي والمقريزي قبائلهم بمصر وأماكن كل منها مما يتضح منه أنهم بلغوا عددا عظيما في ذلك العصر «1» .
وقد حاول الأعراب في أول عصر المماليك أن يقيموا حاكما من بينهم وأن يتخلصوا من سيطرة المماليك ولكن هذه المحاولة قد باءت بالفشل أمام جيوش المماليك المدربة، ولكن ذلك لم يمنع حدوث الصدام بين المماليك والأعراب على شكل أحداث متفرقة طوال العصر.
وقد ظل العربان عنوانا للاخلال بالأمن والاضرار بالنظام والاعتداء على أهل البلاد الآمنين في المدن والقرى، ولم يسلم طريق الحاج من اعتداءاتهم المتكررة.
والمتتبع لحوادث هذه الفترة تأخذه الدهشة من كثرة حوادث الأعراب وشغبهم وهو ما تسميه المراجع المعاصرة لهم بفساد العربان، فبينما يثور الأعراب بالشرقية ويفسدون في عام 875 هـ وترسل الدولة بحملة إليهم «2» ، لا يكاد يمضي وقت حتى يعاودوا الفساد وفي هذه المرة يهاجمون القاهرة نفسها ويعملون بها النهب والسلب وينشرون الذعر «3» ، ثم يتجدد فسادهم في عام 879 هـ ويهاجم بعضهم الجيزة في نفس العام وينهبون خيول المماليك ولا يستطيع السلطان الظفر بهم «4» ، وبينما يحدث اضطراب الأعراب حول القاهرة تأتي الأخبار باضطرابات عنيفة يقوم بها الأعراب في الصعيد حيث ينزلون الهزيمة بكاشف الوجه القبلي «5» ، وتحاول الدولة في كل ثورة أن ترسل إحدى الحملات لتأديب الأعراب وقد كان إعداد الحملات يكلف الدولة كثيرا من الأموال «6» ، وربما تقاعس السلطان عن إرسال هذه الحملات مكتفيا بانصراف الأعراب
(1) القلقشندي: صبح الأعشى ج 1 ص 315 وما بعدها، ج 4 ص 67، ج 7 ص 160، انظر المقريزي: البيان والاعراب عما بأرض مصر من الأعراب.
(2)
ابن إياس: بدائع الزهور ج 2 ص 127.
(3)
المصدر السابق ج 2 ص 134، 135.
(4)
نفس المصدر ج 2 ص 156.
(5)
نفس المصدر ج 2 ص 180 حوادث ذي القعدة 882 هـ.
(6)
المصدر السابق ج 2 ص 165، ص 233.