الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنِّي رسولُ رسولِ الله إليكم، أدعوكم إلى الإِسلام، وآمركم بحقن الدماء، وصِلَة الأرحام، عبادة الله وحده، ورفض الأصنام، وبحجِّ البيت، وصيام شهر رمضان - شهر من إثني عشر شهراً - فمن أجاب فله الجنَّة، ومن عصى فله النَّار. يا معشر جُهينة، إنَّ الله جعلكم خيار من أنتم منه، وبغَّض إليكم في جاهليكم ما حبِّب إلى غيركم من العرب، فإنهم كانوا يجمعون بين الأختين والغزاة في الشهر الحرام، ويخلُف الرجل على إمرأة أبيه، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة. فما جاءني إلا رجل منهم فقال: يا عمرو بن مرَّة، أمرَّ الله عيشَك، أتأمرنا برفض آلهتنا، وأن نفرِّق جمعنا، وأن نخالف دين آبائنا الشيم العلى إلى ما يدعونا إليه هذا القرشي من أهل تِهامة؟ لا حبّاً ولا كرامة. ثم أنشأ الخبيث يقول:
إنَّ ابن مرَّة قد أتى بمقالة
ليست مقالة من يريد صلاحاً
إنِّي لأحسب قولَه وفِعالَه
يوماً وإن طال الزمان ذُباحا
ليسفِّه الأشياخ ممن قد مضى
مَنْ رامَ ذلك لا أصاب فلاحا
فقال عمرو: الكاذب مني ومنك أمرَّ الله عيشه، وأبكم لسانه، وأكمه إنسانه، قال فوالله ما مات حتى سقط فوه، وعمي، وخرف، وكان لا يجد طعم الطَّعام.
قدوم عمرو مع من أسلم من قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكتابه لهم
فخرج عمرو بمن أسلم من قومه حتى أتَوا النبي صلى الله عليه وسلم فحيَّاهم ورحبَّ بهم، وكتب لهم كتاباً هذه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من الله العزيز، على لسان رسوله، بحقَ صادق وكتاب ناطق مع عمرو بن مرة لجهينة بن زيد: إن لكم بطون
الأرض وسهولها، وتِلاع الأودية وظهورها، على أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها، على أن تؤدوا الخُمس، وتصلوا الخَمس، وفي الغنيمة والصريمة شاتان إِذا اجتمعتا فإن فرقتا فشاة شاة. ليس على أهل المثيرة صدقة، ولا على الواردة لبقة، والله شهيد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين. كتاب قيس بن شمّاس» .
كذا في كنز العمال: وأخرجه أيضاً أبو نُعيم بطوله؛ كما في البداية والطبراني بطوله كما في المجمع.
دعوة عروة بن مسعود رضي الله عنه في ثقيف إسلام عروة ودعوته لقومه إلى الإِسلام وقتلهم إياه شهيدا
أخرج الطبراني عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: لما أنشأ النَّاس الحج سنة تسعٍ قدم عروة بن مسعود رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني أخاف أن يقتلوك» ، قال لو وجدوني نائماً ما أيقظوني. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قومه مسلماً، فرجع عشاء فجاء ثقيف يحيُّونه فدعاهم إلى الإِسلام، فاتَّهموه وأغضبه وأسمعوه فقتلوه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَثَلُ عروة مَثَلُ صاحب ياسين
دعا قومه إلى الله فقتلوه» قال الهيثمي بمعناه.
فرح عروة بقتله في سبيل الله ووصيته لقومه
أخرجه ابن سعد عن الواقدي عن عبد الله بن يحيى عن غير واحد من أهل العلم، فذكره مطوَّلاً وفيه: فقدم الطائف عشاء، فدخل منزله، فأتته ثقيف تسلِّم عليه بتحية الجاهلية فأنكرها عليهم وقال: عليكم بتحية أهل الجنَّة: السلام، فآذَوه، ونالوا منه، فحلم عنهم وخرجوا من عنده، فجعلوا أتمرون به، وطلع الفجر فأوفَى على غرفة له، فأذَّن بالصلاة. فخرجت إليه ثقيف من كل ناحية، فرماه رجل من بني مالك يقال له: أوس بن عوف فأصاب أكحَلَه ولم يَرْقَ دمه. فقام غَيْلان بن سلمة، وكنانة بن عبد ياليل، والحكم بن عمرو ووجوه الأخلاف فلبسوا السلاح وحشدوا، وقالوا: نموت عن آخرنا أو نثأر به عشرة من رؤساء بني مالك. فلما رأى عروة بن مسعود ما يصنعون قال: لا تقتتلوا فيَّ قد تصدَّقت بدمي على صاحبه لأصلح بذلك بينكم، فهي كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليَّ، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أخبرني بهذا أنَّكم تقتلوني ثم دعا رهطة فقال: إذا متُّ فادفنوني مع الشهداء الذين قَتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم، فمات فدفنوه معهم. وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم مقتله فقال: مثل عروة.. فذكره؛ وقد تقدَّمت قصة إسلام ثقيف في - قصصه صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والأعمال المفضية إلى هداية الناس (ص 183) .