الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرجه البيهقي من طريق يونس بن بُكَير عن ابن إسحاق وفيه: فقال خالد: أدعوكم إلى الإِسلام، وإلى أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده وأن محمداً عبده ورسوله، وتُقيموا الصلاة، وتُؤتوا الزكاة، وتقرُّوا بأحكام المسلمين، على أنَّ لكم مثلَ ما لهم وعليكم مثل ما عليهم. فقال هانىء: وإن لم أشأ ذلك فَمَه؟ قال: فإن أبيتم ذلك أديتم الجزية عن يدٍ. قال: فإن أبينا ذلك؟ قال: فإن أبيتم ذلك وطئتكم بقوم الموت أحب إليهم من الحياة إليكم. فقال هانىء: أجِّلنا ليلتنا هذه فننظر في أمرنا، قال: قد فعلت. فلما أصبح القوم غدا هانىء فقال: إنه قد أجمع أمرنا على أن نؤدِّي الجزية، فهلمَّ فلأصالحك - فذكر القصة. وقال في البداية أيضاً: لمَّا تقارب الناس يوم اليرموك تقدّم أبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان ومعهما ضرار بن الأزور، والحارث بن هشام وأبو جندل بن سهيل ونادوا: إنَّما نريد أميركم لنجتمع به، فأُذن لهم للدخول على تذارق، وإِذا هو جالس في خيمة من حرير، فقال الصحابة: لا نستحلُّ دخولها. فأمر لهم بفرش بسط من حرير، فقالوا: ولا نجلس على هذه، فجلس معهم حيث أحبُّوا، وتراضوا على الصلح، ورجع عنهم الصحابة بعدما دعوهم إلى الله عز وجل فلم يتمَّ ذلك.
دعوة خالد للأمير الرومي جَرجَة يوم اليرموك وقصة إسلامه
وذكر في البداية عن الواقدي وغيره قالوا: خرج جَرَجَة - أحد الأمراء
الكبار - من الصفِّ - أي يوم اليرموك - واستدعَى خالد بن الوليد، فجاء إليه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال جَرَجَة: يا خالد، أخبرني فاصدقني ولا تَكذبني، فإن الحرّ لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله: هل أنزل الله على نبيِّكم سيفاً من السماء فأعطاكَه فلا تسلَّه على أحد إلا هزمتهم؟ قال: لا، قال فبِمَ سُمِّيت سيف الله؟ قال: إنَّ الله بعث فينا نبيَّه فدعانا فنفرنا منه ونأينا عنه جميعاً، ثم إنَّ بعضنا صدَّقه وتابعه وبعضنا كذَّبه وباعده، فكنت فيمن كذَّبه وباعده. ثم إنَّ الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به وبايعناه. فقال لي:«أنت سيف من سيوف الله سلَّه الله على المشركين» ودعا لي بالنَّصر، فسُمِّيتُ سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. فقال جَرَجَة: يا خالد إِلامَ تدعون؟ قال: إلى شهادة أن لا إِله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والإِقرار بما جاء به من عند الله عز وجل. قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية ونمنعهم. قال: فإن لم يعطِها قال: نُؤذِنُه بالحرب ثم نقاتله. قال: فما منزلة من يجيبكم ويدخل في هذا الأمر اليوم؟ قال: منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا قال جَرَجَة: فلِمَنْ دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم من الأجر والذُّخر؟ قال: نعم وأفضل. قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟ فقال خالد: إِنَّا قبلنا هذا الأمر عَنْوة وبايعنا نبينا وهو حيٌّ بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء يخبرنا بالكتاب ويرينا الآيات؛ وحقٌّ لمن رأى ما رينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع؛ وإنَّكم أنتم لم تروا ما رأينا ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج؛ فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونيّة كان أفضل منّا. فقال جَرَجَة: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني؟ قال: تالله لقد صدقتك، وإنَّ الله وليّ
ما سألت عنه.
فعند ذلك قَلَبَ جَرَجَة الترس ومال مع خالد وقال: علّمني الإِسلام. فمال به خالد إلى فسطاطه فشنّ عليه قِربةً من ماء ثم صلَّى به ركعتين. وحملت الروم مع إنقلابه إلى خالد وهم يَرَون أنَّها منه حملة، فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إِلا المُحامية عليهم عِكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام.