الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه. قال: والأنصار تحت. قال: يقول بعضهم لبعض: أمَّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته. قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء لم يخفَ علينا، فليس أحد من الناس يرفع طَرْفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي. قال هاشم: فلما قضى الوحيُ رفع رأسه، ثم قال:«يا معشر الأنصار، أقلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته؟» قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله، قال:«فما إسمي إذاً، كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم» . قال: فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضنَّ بالله ورسوله. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله ورسوله يصدِّقانِكم ويَعذِرانِكم» . وقد رواه مسلم، والنسائي من حيث أبي هريرة. نحوه. كذا في البداية. وأخرجه ابن أبي شيبة مختصراً كما في الكنز.
قصة الأنصار في غزوة حنين وما قاله صلى الله عليه وسلم في صِفَتهم
وأخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم حُنين أقبلت هوازن وغَطفان وغيره بنَعَمهم وذراريهم، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف والطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده. فنادى يومئذٍ ندائَين لم يخلط بينها،
إلتفت عن يمينه فقال: «يا معشر الأنصار» قالوا: لبيك يا رسول الله، إبشر نحن معك، ثم التفت عن يساره فقال:«يا معشر الأنصار» فقالوا: لبيك يا رسول الله، أبشر نحن معك - وهو على بغلة بيضاء - فنزل، فقال:«أنا عبد الله ورسوله» ، فانهزم المشركون، وصاب يومئذٍ مغانم كثيرة، فقسم بين المهاجرين والطلقاء ولم يعطِ الأنصار شيئاً. فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن نُدعى، ويُعطي الغنيمة غيرنا. فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال:«يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني؟ فسكتوا. فقال: يا معشر الأنصار، ألا ترضونَ أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم» . قالوا؛ بلى. فقال: «لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار شِعباً لسلكت شِعْب الأنصار» . قال هشام: قلت: يا أبا حمزة وأنت شاهد ذلك. قال: وأين أغيب عنه. كذا في البداية. وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة، وابن عساكر بنحوه كما في الكنز.
وعند ابن إسحاق من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم النائم يوم حُنين، وقسم للمتألِّفين من قريش وسائل العرب ما قسم، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير - وجَدَ هذا الحيُّ من الأنصار في أنفسهم حتى قال قائلهم: لقي - والله - رسول الله صلى الله عليه وسلم قومَه. فمشى سعد بن عبادة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدوا عليك في أنفسهم. فقال:«فيم؟» قال: فيما كان من قَسْمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، لم يكن فيهم
من ذلك شيء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال: ما أنا إلا أمرؤ من قومي. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فإذا اجتمعوا فأعلمني» . فخرج سعد فصرخ فيه، فجمعهم يتلك الحظيرة. فجاء رجال من المهاجرين فأذن لهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردّهم، حتى إذا لم يبقَ من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه فقال: يا رسول الله، قد اجتمع لك هذا الحيُّ من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: يا معشر الأنصار، ألم آتكم ضُلالاً فهداكم الله؛ وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألَّف الله بين قلوبكم؟» قالوا: بلى. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟» قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟ المنّ لله ولرسوله. قال: «والله، لو شئتم لقلتُم فصدَقْتُم وصُدِّقْتُم: جئتنا طريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك، خائفاً فأمنّاك، مخذولاً فنصرناك» . فقالوا: المنّ لله ولرسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَوَجَدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لُعاعة من الدنيا تألَّفت بها قوماً أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإِسلام؟ أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شِعباً، وسلكت الأنصار شِعباً لسلكتُ شِعْب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت أمرأَ من الأنصار، اللَّهمّ إرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار» . قال: فبكى القوم حتى أخْضَلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله رباً، ورسوله قِسْماً، ثم انصرف وتفرّقوا. وهكذا رواه الإِمام أحمد من حديث ابن إسحاق ولم يروه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه وهو صحيح. كذا في البداية. وقال
الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع - انتهى. وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة من حديث أبي سعيد رضي الله عنه بطوله بمعناه كما في الكنز. وأخرج البخاري شيئا من هذا السياق من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه كما في البداية؛ وبن أبي شيبة أيضاً كما في الكنز.
وأخرج الطبرني من حديث السائب بن يزيد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الفيء الذي أفاء الله بحُنين من غنائم هوازن، فأحسن، فأفشى في أهل من قريش وغيرهم، فغضبت الأنصار. فلما سمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في منازلهم، ثم قال:«من كان ها هنا من الأنصار فليخرج إلى رحله» . ثم تشهَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله عز وجل، ثم قال: «يا معشر الأنصار: قد بلغني من حديثكم في هذه المغانم التي آثرت بها أُناساً أتألّفهم على الإِسلام لعلهم أن يشهدوا بعد اليوم، وقد أدخل الله قلوبهم الإِسلام، ثم قال: يا معشر الأنصار، ألم يمنّ الله عليكم بالإِيمان، وخصَّكم بالكرامة، وسماكم بأحسن الأسماء أنصارَ الله وأنصارَ رسوله؟ ولولا الهجرة لكنت أمرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وسلكتم وادياً لسلكت واديكم؛ أفلا ترضَوْن أن يذهب الناس بالشاء والنعم والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما سمعت الأنصار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: رضينا. قال: أجيبوني فيما قلت. قالت
الأنصار: يا رسول الله، وجدتَنا في ظلمة فأخرجنا الله بك إلى النور، ووجدتنا على شَفا حفرة من النار فأنقذنا الله بك، ووجدتنا ضُلالاً فهدانا الله بك؛ قد رضينا بالله رباً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، فاصنع يا رسول الله ما شئت في أوسع الحِلِّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والله لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت: صدقتم. لو قلتم: ألم تأتنا طريداً فآويناك، ومكذَّباً فصدَّقناك، وقبلنا ما ردَّ الناس عليك؟ لو قلتم هذا لصُدِّقْتُم» . فقال الأنصار: بل لله ولرسوله المنّ، ولرسوله المنّ والفضل علينا وعلى غيرنا. ثم بكوا، فكثر بكاؤهم وبكى النبي صلى الله عليه وسلم معهم. قال الهيثمي: وفيه رُشْدِين بن سعد، وحديثه في الرِقاق ونحوها حسن، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
وأخرج البخاري أيضاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً المائة من الإِبل. فقالوا: يغفرُ لله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا، وسيوفنا تقطُر من دمائهم؟ قال أنس بن مالك: فحُدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قُبة أَدَم لم يَدْع معهم غيرهم. فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«ما حديث بلغني عنكم؟» فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا - يا رسول الله - فلم يقولوا شيئاً، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فإني لأعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألَّفهم، أما ترضون أن يذهب لنس بالأموال، وتذهبون بالنبي إِلى رحالكم؟ فوالله لَمَا تنقلبون به خير مما ينقلبون به» . قالوا: يا رسول الله، قد رضينا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «فستجدون أَثَرَة شديدة، فاصبروا حتى تلقَوا الله ورسولَه، فإنِّي على الحوض. قال أنس: فلم يصبروا. وعند أحمد أيضاً من حديث أنس: