المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة دخوله عليه السلام مكة - حياة الصحابة - جـ ١

[محمد يوسف الكاندهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌ الآيات القرآنية في طاعة الله سبحانه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الأحاديث في طاعة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الآيات القرآنية في النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم:

- ‌ قوله تعالى في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام:

- ‌ ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم في الكتب المتقدمة على القرآن:

- ‌ الأحاديث في صفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الآثار في صفة الصحابة الكرام رضي الله عنهم:

- ‌الباب الأولباب الدعوة إلى الله وإلى رسوله

- ‌باب الدعوة إلى الله وإلى رسوله

- ‌أمره صلى الله عليه وسلم علياً في غزوة خيبر بالدعوة إلى الإِسلام

- ‌صبره عليه السلام في دعوة الحَكَم بن كَيْسان إلى الإِسلام

- ‌قصة إسلام وَحْشيّ بن حرب

- ‌بكاء فاطمة على تغير لونه صلى الله عليه وسلم من أجل المجاهدة

- ‌حرص عمر على رجوع المرتدين إلى الإِسلام

- ‌بكاء عمر على مجاهدة راهب

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لعمرو بن عَبَسة رضي الله عنه

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لرجل لم يسم

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن حَيْدة رضي الله عنه

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لذي الجَوْشَن الضبابي رضي الله عنه

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لرجل لم يسم

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لأبي قحافة رضي الله عنه

- ‌دعوته عليه السلام للوليد بن الغيرة

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم الإثنين دعوته عليه السلام لأبي سفيان وهند

- ‌دعوته عليه السلام لعثان وطلحة

- ‌دعوته عليه السلام وسعد بن زُرَارة وذَكْوان بن عبد قيس

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لأبي الحَيْسم وفتية من بني عبد الأشهل

- ‌عرضه ت الدعوة على المجامع دعوته عليه السلام لعشيرته الأقربين وبطون قريش عند نزول الآية

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على بني عبس

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على كِنْدة

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على بني كعب

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على بني كَلْب

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على بكر

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على قبائل بمنى

- ‌عرضه عليه السلام الدعوة على بني شَيْبان

- ‌الأخلاق، ومكارم الشِّيَم، وفصاحة العرب

- ‌عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة في السفر

- ‌دعوته عليه السلام لبُرَيدة بن الحُصَيب ومن معه في سفر الهجرة

- ‌الدعوة إلى الله تعالى في القتال ما قاتل عليه السلام قوماً حتى دعاهم

- ‌أمره عليه السلام البعوث بتأليف الناس ودعوتهم

- ‌أمره عليه السلام أمير السرية بالدعوة

- ‌أمره عليه السلام علياً بأن لا يقاتل قوماً حتى يدعوهم إلى الإِسلام

- ‌أمره عليه السلام خالد بن سعيد بالدعوة حين بعثه إلى اليمن

- ‌بعثه عليه السلام أبا أمامة إلى قومه باهلة

- ‌بعثه عليه السلام رجلاً إلى بني سعد

- ‌بعثه عليه السلام رجلاً إلى رجل من عظاء الجاهلية

- ‌إرساله صلى الله عليه وسلم السرايا للدعوة إلى الله تعالى

- ‌بعثه عليه السلام خالد بن الوليد إلى اليمن

- ‌بعثه عليه السلام خالد بن الوليد إلى نجران

- ‌كتاب خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب الرسول عليه السلام إلى خالد

- ‌الدعوة إلى الفرائض

- ‌دعوته عليه السلام حَوْشَب ذي ظُلَيم إلى فرائض الإِسلام

- ‌دعوته عليه السلام وفد عبد القيس إلى فرائض الإِسلام

- ‌حديث علقمة في حقيقة الإِيمان والدعوة إلى الإِيمان والفرائض

- ‌كتابه صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة

- ‌كتاب النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتابه صلى الله عليه وسلم إلى قيصر ملك الروم

- ‌خبر أبي سفيان مع هرقل ملك الروم

- ‌كتابه صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس

- ‌كتابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران

- ‌كتابه صلى الله عليه وسلم إلى بكر بن وائل

- ‌قصة صلح الحديبية ذكر ما كان من قرش وصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة البيت

- ‌خبر بُدَيْل معه عليه السلام

- ‌خبر عروة بن مسعود معه عليه السلام

- ‌قصة أبي جَنْدل رضي الله عنه

- ‌خبر أبي بصير مع الرجلين اللذين أرسلا في طلبه

- ‌لحوق أبي جندل بأبي بصير واعتراضهما لعير قريش

- ‌إرساله صلى الله عليه وسلم عثمان إلى مكة بعد النزول بالحديبية

- ‌قول عمر في صلح الحديبية

- ‌قول أبي بكر في صلح الحديبية

- ‌قصة إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌قصة فتح مكة زادها الله تشريفاً

- ‌تجسس رؤساء قريش الأخبار

- ‌خبر أبي سفيان مع العباس، وعمر رضي الله عنهم

- ‌شهادة أبي سفيان بكمال خلقه عليه السلام ودخوله في الإِسلام

- ‌صفة دخوله عليه السلام مكة

- ‌قوله عليه السلام لأهل مكة يوم الفتح

- ‌قصة إسلام عِكْرمة بن أبي جهل رضي الله عنه أمان عكرمة حين استأمنت له زوجته أم حكيم

- ‌إسلام عكرمة وشهادته بكمال برِّه عليه السلام

- ‌دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعكرمة

- ‌إجتهاد عكرمة في القتال واستشهاده رضي الله عنه

- ‌إرساله صلى الله عليه وسلم عمامته إلى صفوان علامة أمنه

- ‌خروج صفوان معه عليه السلام إلى هوازن وإسلامه

- ‌قصة إسلام حُوَيطب بن عبد العزى رضي الله عنه

- ‌قصة إسلام الحارث بن هشام رضي الله عنه

- ‌قصة إسلام النضير بن الحارث العبدري رضي الله عنه

- ‌دعوة عروة لقومه إلى الإِسلام واستشهاده في الله

- ‌إرسال ثقيف عبد يا ليل بن عمرو وفداً إليه عليه السلام وخبرهم معه

- ‌دعوة الصحابة رضي الله عنهم للأفراد والأشخاص

- ‌دعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌دعوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ دعوة مصعب لأسيد بن حُضَير وإسلامه

- ‌دعوة مصعب لسعد بن معاذ وإسلامه

- ‌دعوة سعد بن معاذ لبني عبد الأشهل وخبر إسلامهم

- ‌ إِرساله صلى الله عليه وسلم الأفراد للدعوة إلى الله

- ‌ دعوة طليب لأمه أروى بنت عبد المطلب

- ‌خبر عمير مع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إسلام عمير ودعوته لأهل مكة

- ‌إسلام أناس كثير على يد عمر

- ‌قول عمر في عمير بن وَهْب بعد أن أسلم

- ‌دعوة أبي هريرة رضي الله عنه لأمه وإسلامها

- ‌دعوة الصحابة في القبائل وأقوام العرب

- ‌إسلام بني سعد وقول ابن عباس في ضمام

- ‌دخول عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم وقصة إسلامه

- ‌بعثه عليه السلام عَمْراً للدعوة إلى قومه ووصيته له

- ‌قدوم عمرو مع من أسلم من قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكتابه لهم

- ‌دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه في قومه

- ‌إسلام طفيل بن عمرو

- ‌رجوع طفيل إلى قومه داعياً لهم إلى الإِسلام وتأييد الله له بآية

- ‌إرسال الصحابة الأفراد والجماعة للدعوة

- ‌بعث هشام بن العاص وغيره إلى هرقل

- ‌ كتاب زياد بن الحارث الصُّدَائي إلى قومه

- ‌كتاب بُجَير بن زهير بن أبي سُلمى رضي الله عنه إلى أخيه كعب

- ‌كتاب خالد بن الوليد إلى أهل فارس

- ‌كتاب خالد بن الوليد إلى أهل المدائن

- ‌كتاب خالد بن الوليد إِلى هُرْمز

- ‌دعوة الصحابة رضي الله عنهم في القتال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌دعوة الحارث بن مسلم التميمي

- ‌دعوة كعب بن عمير الغفاري

- ‌دعوة ابن أبي العوجاء

- ‌ بعث الجنود نحو الشام

- ‌أمر أبي بكر خالداً حين بعثه إِلى المرتدين

- ‌دعوة خالد بن الوليد لأهل الحيرة

- ‌دعوة خالد للأمير الرومي جَرجَة يوم اليرموك وقصة إسلامه

- ‌دعوة الصحابة إلى الله ورسوله في القتال في عهد عمر رضي الله عنه

- ‌دعوة سلمان الفارسي يوم القصر الأبيض ثلاثة أيام

- ‌دعوة المغيرة بن شعبة لرستم

- ‌دعوة رِبْعي بن عامر لرستم

- ‌بعث سعد طائفة من أصحابه إلى كسرى للدعوة قبل الوقعة

- ‌دعوة عبد الله بن المُعْتَم لبني تغلب وغيرهم يوم تكريت

- ‌دعوة عمرو بن العاص في وقعة مصر

- ‌دعوة الصحابة في إمارة سَلَمة بن قيس الأشجعي في القتال

- ‌دعوة أبي موسى الأشعري لأهل أصبهان قبل القتال

- ‌قصة إسلام أبي الدرداء وما فعله ابن رواحة لإِسلامه

- ‌ذكر ما وقع للصحابة في فتح الإِسكندرية

- ‌الباب الثاني باب البيعة

- ‌كيف كانت الصحابة رضي الله عنهم يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاءَ بعدَه

- ‌بَيْعة مجاشع وأخيه على الإِسلام والجهاد

- ‌بَيْعة جرير بن عبد الله على الإِسلام

- ‌البيعة على أعمال الإِسلام

- ‌‌‌بيعة عوف بن مالك وأصحابه على أركان الإِسلام وعدم السؤال من الناس

- ‌بيعة عوف بن مالك وأصحابه على أركان الإِسلام وعدم السؤال من الناس

- ‌بيعة أبي ذرٍ على أمور خمسة

- ‌بيعة سهل بن سعد وغيره على أعمال الإِسلام

- ‌بيعة عبادة بن الصامت وغيره من الأصحاب في العقبة الأولى

- ‌بيعة الناس على الهجرة يوم الخندق

- ‌البَيْعة على النصرة

- ‌بَيْعة سبعين رجلاً من الأنصار عند شِعْب العقبة على النُّصْرة

- ‌إخراج الأنصار إثني عشر نقيبا

- ‌بَيْعة أبي الهيثم وما قاله لأصحابه

- ‌البَيْعة على الجهاد

- ‌البَيْعة على الموت

- ‌بيعة جرير بن عبد الله على السمع والطاعة والنصح للمسلمين

- ‌بيعة عتبة بن عبد وقوله صلى الله عليه وسلم «فيما استطعت» عند البيعة

- ‌بَيْعة النساء

- ‌بَيْعة أُميمة بنت رُقَيقة على الإِسلام

- ‌بَيْعة فاطمة بنت عُتْبة

- ‌بيعة فاطمة بنت عتبة وأختها هند زوج أبي سفيان

- ‌بيعة من لم يحتلم

- ‌بَيْعة الحسنين وابن عباس وابن جعفر

- ‌بَيْعة ابن الزبير، وابن جعفر

- ‌بَيْعة الصحابة على يد أبي بكر رضي الله عنه

- ‌بَيْعة الصحابة على يد عمر رضي الله عنه

- ‌بَيْعة وفد الحمراء على يد عثمان رضي الله عنه

- ‌الباب الثالث باب تحمل الشدائد في الله

- ‌باب تحمل الشدائد في الله قول المقداد في الحال التي بعث عليها النبي عليه السلام

- ‌قول حذيفة في هذا الباب

- ‌ما قاله صلى الله عليه وسلم لعمِّه حين ظنَّ ضعفه عن نُصرْته

- ‌ما تحمَّله عليه السلام من الأذى بعد موت عمه

- ‌ما لقيه عليه السلام من الأذى من قريش ما أجابهم به

- ‌قول علي في شجاعة أبي بكر رضي الله عنهما في خطبة له

- ‌طرح رؤساء قريش الفَرْث عليه صلى الله عليه وسلم وانتصار أبي البختري له

- ‌عزم أبي جله على إيذائه صلى الله عليه وسلم وكيف أخزاه الله

- ‌إيذاء أبي جهل للنبي صلى الله عليه وسلم وانتصار طليب بن عمير له

- ‌دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على عُتيبة بن أبي لهب حين آذاه وخبر هلاكه

- ‌إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم من جارَيه: أبي لهب، وعقبة بن أبي معيط

- ‌ما تحمّله عليه السلام من الأذى في الطائف

- ‌دعاؤه صلى الله عليه وسلم عند الرجوع من الطائف

- ‌ما لقيه عليه السلام من الأذى يوم أُحد

- ‌تحمل الصحابة رضي الله عنهم الشدائد والأذى في الدعوة إلى الله

- ‌إبتلاء المسلمين وخروج أبي بكر إلى الحبشة مهاجراً وقصته مع ابن الدغنة

- ‌تحمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشدائد

- ‌تحمل عثمان بن عفان رضي الله عنه الشدائد

- ‌تحمل الزبير بن العوام رضي الله عنه الشدائد

- ‌تحمل عمّار بن ياسر وأهل بيته رضي الله عنهم الشدائد ما بشَّرا عمّاراً وأهل بيته حين رآهم يُعذّبون في الله

- ‌إشتداد الأذى على عمَّار حتى أكره على قول الكفر وقلبه مطمئن بالإِيمان

- ‌ذكر ما لقي خباب من الأذى في الله

- ‌تحمل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه الشدائد

- ‌أبو ذر أول من حيّا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإِسلام

- ‌شجاعة أبي ذر في قصة إعلان إسلامه وما لقيه من الأذى في ذلك

- ‌تحمل سعيد بن زيد وزوجته فاطمة أخت عمر رضي الله عنهما الشدائد

- ‌تحمل عثمان بن مظعون رضي الله عنه الشدائد

- ‌تحمل مصعب بن عمير رضي الله عنه الشدائد

- ‌تحمل عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الشدائد

- ‌خبره عليه السلام وأصحابه في المدينة بعد الهجرة

- ‌غزوة ذات الرِّقاع

- ‌تحمل الجوع في الدعوة إلى الله ورسوله

- ‌تحمل محمد صلى الله عليه وسلم الجوع

- ‌ما أصابه عليه السلام من شدّة العيش

- ‌وضعه عليه السلام والصحابة الحجر على بطونهم من الجوع

- ‌قول عائشة رضي الله عنها في الشبع

- ‌جوعه صلى الله عليه وسلم وجوع أهل بيته وأبي بكر

- ‌جوع علي، وفاطمة رضي الله عنهما

- ‌جوع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌جوع المقداد بن الأسود وصاحبيه رضي الله عنهم

- ‌ما أصاب أبا هريرة من شدة الجوع

- ‌جوع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما

- ‌جوع عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وقوع بعض الصحابة من قيامهم في الصلاة في الجوع والضعف

- ‌أكل الصحابة الورق في سبيل الله وبعض قصصهم في تحمل الجوع

- ‌تحمل أبي عبيدة وأصحابه الجوع في السفر

- ‌تحمله عليه السلام والصحابة الجوع في غزوة تِهامة

- ‌قصة المرأة التي كانت تطعم بعض الصحابة يوم الجمعة

- ‌تحمُّل شدة العطش في الدعوة إلى الله

- ‌تحمُّل الحارث، وعكرمة، وعيّاش العطش يوم اليرموك

- ‌تحمُّل أبي عمرو الأنصاري العطش في سبيل الله

- ‌ تحمل شدة البرد في الدعوة إلى الله

- ‌تحمّل أبي بكر قلّة الثياب وبشارة جبريل عمر بن الخطاب له على ذلك

- ‌تحمل علي، وفاطمة قلة الثياب

- ‌تحمل أصحاب الصفة قلة الثياب

- ‌تحمّل شدة الخوف في الدعوة إلى الله

- ‌تحمُّل الجراح والأمراض في الدعوة إلى الله

- ‌قصة عمرو بن الجَمُوح وشهادته يوم أُحد

- ‌قصة رافع بن خديج

- ‌الباب الرابع باب الهجرة

- ‌باب الهجرة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر

- ‌خروجه عليه السلام من مكة مهاجراً مع أبي بكر واختباؤهما بغار ثَوْر

- ‌ما أعده أبو بكر رضي الله عنه لسفر الهجرة

- ‌خروجه عليه السلام من الغار للمدينة

- ‌خوف أبي بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما في الغار

- ‌حديث أبي بكر عن هجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة سراقة معهما

- ‌قدومه عليه السلام المدينة ونزوله بقُباء وفرح أهل المدينة بقدومه

- ‌هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصاحبيه

- ‌هجرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌رجوع الصحابة إلى المدينة وإسلام النجاشي واستغفاره صلى الله عليه وسلم له

- ‌قدوم صهيب عليه صلى الله عليه وسلم بقباء

- ‌هجرة عبد بن جحش رضي الله عنه

- ‌هجرة ضمرة بن أبي العيص أو ابن العيص

- ‌هجرة واثلة بن الأسقع رضي الله عنه

- ‌ما قيل لصفوان بن أمية وغيره في الهجرة

- ‌هجرة النساء والصبيان

- ‌هجرة بنت إبنته صلى الله عليه وسلم وقوله فيها

- ‌هجرة درّة بنت أبي لهب رضي الله عنها

- ‌هجرة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وغيره من الصبيان

- ‌كيف كانت نُصْرة الدين القويم والصراط المستقيم أحبَّ إليهم من كل شيء

- ‌حديث عروة رضي الله عنه في الباب

- ‌أبيات لصِرْمة بن قيس في الباب

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم

- ‌مأاساة الأنصار المهاجرين بأموالهم قسم الثمر ورد الأنصار معاوضةً ما أنفقوا

- ‌قتل أبي رافع سَلام ابن أبي الحُقَيق

- ‌غزوات بني قينقاع وبني النضير وقريظة

- ‌حديث بني النَّضِير

- ‌فخر الأنصار رضي الله عنهم بالعزة الدينيّة

- ‌صبر الأنصار عن اللّذات الدنيوية والأمتعة الفانية

- ‌قصة الأنصار في غزوة حنين وما قاله صلى الله عليه وسلم في صِفَتهم

- ‌صفة الأنصار رضي الله عنهم

- ‌إكرام الأنصار رضي الله عنهم وخدمتهم

- ‌قصة محمد بن مسلمة مع عمر رضي الله عنهما

- ‌إكرامه عليه السلام لسعد بن عبادة رضي الله عنه

- ‌خدمة جرير أنساً رضي الله عنهما

- ‌الدعاء للأنصار رضي الله عنهم

- ‌إيثار الأنصار رضي الله عنهم في أمر الخلافة قوله عليه السلام في قريش

الفصل: ‌صفة دخوله عليه السلام مكة

هؤلاء؟ فقول: مُزَيْنة. فيقول: ما لي ولمزينة؟ حتى نفدت القبائل - يعني جاوزت - لا تمر قبيلة إلا قال: من هؤلاء؟ فأقول: بنو فلان، فيقول: ما لي ولبني فلان؟ حتى مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء فيها المهاجرون والأنصار لا يُرى منهم سوى الحَدَق قال: سبحان الله من هؤلاء يا عباس؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار. قال: ما لأحد بهؤلاء قِبَل ولا طاقةٌ، - والله - يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابنِ أخيك الغداة عظيماً. قلت: يا أبا سفيان، إنّها النبوّة. قال: فنعم إِذاً. قلت: إلتجىء إلى قومك. قال: فخرج حتى جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا قريش، هذا محمد قد جاءكم بما لا قِبَل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقامت إليه إمرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: أقتلوا الدَّسِم الأحمش فبئس طليعة قوم. قال: ويحكم، لا تغرَّنَّكُم هذه من أنفسكم فإنه قد جاء بما لا قِبَل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. قالوا: ويحك وما تغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق بابه فهو آمن. ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. انتهى.

‌صفة دخوله عليه السلام مكة

وأخرجه أيضا

البيهقي بطوله كما في البداية، وأخرجه ابن عساكر أيضاً

ص: 194

من طريق الواقدي عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في كنز العمال - فذكر نحو ما تقدَّم من رواية الطبراني، وفي سياقه: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بعدما خرج: «إحبسه بمضيق الوادي إِلى خَطْم الجبل حتى تمرَّ به جنود الله فيراها» قال العباس: فعدلت به في مضيق الوادي إلى خَطْم الجبل، فلمّا حبست أبا سفيان قال: غَدْراً يا بني هاشم؟ فقال العباس: إنَّ أهل النبوّة لا يغدرون، ولكن لي إِليك حاجة. فقال أبو سفيان: فهلا بدأت بها أولاً فقلت: إنَّ لي إليك حاجة فكان أفرغ لروعي. قال العباس: لم أكن أراك تذهب هذا المذهب. وعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، ومرَّت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها. فكان أول من قدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في بني سُلَيم وهم ألف، فيهم لواء يحمله عباس بن مِرداس، ولواء يحمله خُفَاف بن نُدبة، وراية يحملها الحجّاج بن عِلاط. قال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال العباس: خالد بن الوليد. قال: الغلام، قال: نعم. فلما حاذى خالد بالعباس وإلى جنبه أبو سفيان كبَّرا ثلاثاً ثم مَضَوا، ثم مرَّ على إِثره الزبير بن العوّام في خمس مائة منهم مهاجرون وأفناء الناس ومعه راية سوداء. فلما حاذى أبا سفيان كبَّر ثلاثاً كبَّر أصحابه، فقال: من هذا؟ قال: الزبير بن العوام. قال: ابن أختك، قال: نعم. ومرَّت نفر من غِفار في ثلاث مائة يحمل رايتهم أبو ذرٍ الغفاري ويقال إيماء بن رَحْضَة: فلما حَاذَوه كبَّروا ثلاثاً. قال: يا أبا الفضل، من هؤلاء؟ قال: بنو غِفار. قال: وما لي ولبني غفار. ثم مضت أسْلَم في أربع مائة فيها لواءان: يحمل أحدها بُرَيدة بن الحُصَيب، والآخر ناجِية بن الأعجم: فلما حاذَوْه كبَّرا ثلاثاً. فقال: من هؤلاء؟ قال: أسلم. قال: يا أبا

ص: 195

الفضل: ما لي ولأسْلَم. ما كان بيننا وبينها تِرَة قط. قال العباس هم قوم

مسلمون دخلوا في الإِسلام. ثم مرَّت بنو كعب بن عمرو في خمس مائة يحمل رايتهم بِشر بن شيبان. قال: من هؤلاء؟ قال: هم كعب بن عمرو. قال: نعم، هؤلاء حلفاء محمد؛ فلما حاذَوْه كبَّروا ثلاثاً. ثم مرّت مُزَينة في ألف فيها ثلاثة ألوية وفيها مائة فرس، يحمل ألويتها: النعمان بن مقرِّن، وبلال بن الحارث وعبد الله بن عمرو؛ فلما حاذَوه كبَّروا. فقال: من هؤلاء؟ قال: مُزَينة. قال يا أبا الفضل، ما لي ولمُزينة قد جاءتني تقعقع من شواهقها. ثم مرت جُهَينة في ثمان مائة مع قادتها فيها أربعة ألوية: لواء مع أبي زُرعة معْبد بن خالد، ولواء مع سُويد بن صخر، ولواء مع رافع بن مكيث، ولواء مع عبد الله بن بدر؛ فلما حاذَوّه كبَّروا ثلاثاً. ثم مرَّت كِنَانة: بنو ليث، وضمرة، وسعد بن كبر، في مائتين يحمل لواءهم أبو واقد الليثي؛ فلما حاذَوْه كبّروا ثلاثاً. فقال: من هؤلاء؟ قال: بنو بكر. قال: نعم، أهل شؤم والله، هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم، أما - والله - ما شُوِورتُ فيه ولا علمته، ولقد كنت له كارهاً حيث

ص: 196

بلغني، لكنه أمر حُمَّ. قال العباس: قد خارَ الله لك في غزوة محمد صلى الله عليه وسلم لكم ودخلتم في الإِسلام كافة.

قال الواقدي: حدثني عبد الله بن عامر عن أبي عمرو بن حماس قال: مرت بنو ليث وحدها وهم مائتان وخمسون يحمل لواءها الصَّعْب بن جُثامة؛ فلما مرَّ كبَّروا ثلاثاً. فقال: من هؤلاء؟ قال: بنو ليث. ثم مرت أشجع وهم آخر من مرَّ وهم في ثلاث مائة معه لواء يحمله مَعْقِل بن سنان، ولواء مع نُعَيم بن مسعود. فقال أبو سفيان: هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد صلى الله عليه وسلم فقال العباس: أدخل الله الإِسلامَ قلوبَهم، فهذا من فضل الله. فسكت؛ ثم قال: ما مضى بعد محمد؟ قال العباس: لك يمضِ بعد. لو رأيت الكتيبة التي فيها محمد صلى الله عليه وسلم رأيت الحديد، والخيل، والرجال وما ليس لأحد به طاقة قال: أظن - والله - يا أبا الفضل ومن له بهؤلاء طاقة؟ فلما طلعت كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضراء طلع سواد وغبرة من سنابك الخيل وجعل الناس يمرُّون كل ذلك يقول: ما مرَّ محمد؟ فيقول العباس: لا، حتى مرَّ يسير على ناقته القصواء بين أبي بكر وأُسَيد بن خُضَير وهو يحدّثهما. فقال العباس: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، فيها الرايات والألوية، مع كل بطل من الأنصار راية ولواء في الحديد لا يُرى فيه إلا الحَدَق، ولعمر بن الخطاب فيها زَجَل، عليه الحديد بصوت عالٍ وهو يزَعها، فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل، من هذا المتكلم؟ قال: عمر ابن

ص: 197

الخطاب، قال: لقد أمِرَ أمْرُ بني عدي بعد - والله - قلّة وذلّة. فقال العباس يا أبا سفيان، إن الله يرفع ما يشاء بما يشاء، وإن عمر ممن رفعه الإِسلام. وقال: في الكتيبة ألفا درع. وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته سعد بن عبادة فهو أمام الكتيبة. فلمَّا مرَّ سعد براية النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحلُّ الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا حاذى بأبي سفيان ناداه:

يا

رسول الله، أمرتَ بقتل قومك؟ زعم سعد ومن معه حين مرَّ بنا، فقال: يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحلُّ الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً، وإني أنْشدُكَ الله في قومك، فأنت أبرُّ الناس. قال عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان: يا رسول الله، ما نأمن سعداً أن يكون منه في قريش صَوْلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزَّ الله فيه قريشاً» . قال: وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فعزله وجعل اللواء إلى قيس. ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ اللواء لم يخرج من سعد حين صار لابنه، فأبى سعد أن يسلِّم اللواء إلا بالأمارة من النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه بعمامته فعرفها سعد، فدفع اللواء إلى ابنه قيس.

وأخرجه الطبراني عن أبي ليلى رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا سفيان في الأرَاك فدخلنا فأخذناه، فجعل المسلمون يَحْوُونه بجفون سيوفهم حتى جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:«ويحك يا أبا سفيان قد جئتكم بالدنيا والآخرة، فأسلموا تسلموا» ، وكان العباس له صديقاً، فقال له العباس رضي الله عنه: يا رسول الله، إن أبا سفيان يحب الصوت.

ص: 198

فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي بمكة «من أغلق بابه فهو آمن، من ألقى سلاحه فهو آمن. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» . ثم بعث معه العباس حتى جلسا على عقبة الثنيّة. فأَقبلت بنو سليم فقال: يا عباس، من هؤلاء؟ قال: هذه بنو سُلَيم. فقال: وما أنا وسُلَيم. ثم أقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المهاجرين. ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار فقال: يا عباس، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الموت الأحمر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار. فقال أبو سفيان: لقد رأيت ملك كسرى، وقيصر فما رأيت مثل ملك ابن أخيك فقال العباس: إنما هي النبوة. قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه: حر بن الحسن الطّحان وهو ضعيف وقد وُثِّق. انتهى.

وأخرج الطبراني عن عروة رضي الله عنه مرسلاً قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثني عشر ألفاً: من المهاجرين، والأنصار، وأسْلَم، وغِفار، وجُهينة، وبني سُلَيم، وقادوا الخيول حتى نزلوا بمرِّ الظهران ولم تعلم بهم قريش، وبعثوا بحكيم بن حِزام وأبي سفيان إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: خذ لنا منه جواراً أو آذنوه بالحرب. فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام فلقيا بُدَيل بن ورقاء فاسْتَصْحَبَاه، حتى إذا كانا بالأراك من مكة - وذلك عشاء - رأوا الفساطيط والعسكر، وسمعوا صهيل الخيل، فراعهم وفزعوا منه وقالوا: هؤلاء بنو كعب حاشتها الحرب. فقال بُديل: هؤلاء أكبر من بني كعب ما بلغ تأليبها هذا، أفتنتجع هوازن أرضنا؟ والله ما نعرف هذا أيضاً، إنَّ هذا لمثل حاج الناس. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث بين يديه خيلاً تقبض العيون، وخزاعة على الطريق لا يتركون أحداً يمضي. فلما دخل أبو سفيان وأصحابه عسكر المسلمين أخذهم الخيل تحت

ص: 199

الليل وأتَوا بهم خائفين القتل. فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي سفيان فوجأ في عنقه، والتزمه القوم وخرجوا به ليدخلوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف القتل - وكان العباس بن عبد المطَّلب رضي الله عنه خالصة له في الجاهلية - فصاح بأعلى صوته: ألا تأمروا لي إلى عباس؟ فأتاه عباس فدفع عنه، وسأل

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبضه إليه ومشى في القوم مكانه. فركب به عباس تحت الليل فسار به في عسكر القوم حتى أبصروه أجمع، وقد كان عمر قد قال لأبي سفيان حين وجأ عنقه: والله لا تدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تموت. فاستغاث بعباس فقال: إني مقتول، فمنعه من الناس أن ينتهبوه. فلما رأى كثرة الناس وطاعتهم قال: لم أرَ كالليلة جمعاً لقوم. فخلَّصه العباس من أيديهم وقال: إِنك مقتول إِن لم تسلم وتشهد أن محمداً رسول الله. فجعل يريد يقول الذي يأمره العباس فلا ينطلق لسانه فبات مع عباس. وأما حَكيم بن حِزَام وبُدَيل بن ورقاء فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما وجعل يستخبرهما عن أهل مكة. فلما نُودي بالصلاة صلاة الصبح تحيَّن القوم، ففزع أبو سفيان فقال: يا عباس، ماذا تريدون؟ قال: هم المسلمون يتيسرون بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج بن عباس. فلما أبصرهم أبو سفيان قال: يا عباس، أما يأمرهم بشيء إلا فعلوه؟ فقال عباس: لو نهاهم عن الطعام والشراب لأطاعوه. قال عباس: فكلِّمه في قومك هل عنده من عفو عنه. فأتى العباس بأبي سفيان حتى أدخله على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عباس: يا رسول الله، هذا أبو سفيان، فقال أبو سفيان: يا محمد، إني قد استنصرت إلهي واستنصرت إلهك، فوالله ما رأيتك إلا قد ظهرت عليّ فلو كان إلهي محقّاً وإِلهك مبطلاً لظهرتُ عليك فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقال عباس:

ص: 200

يا رسول الله، إني أحب أن تأذن لي آتي قومك فأنذرهم ما نزل وأدعوهم إلى الله ورسوله. فأذن له، فقال عباس: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ بيِّن لي من ذلك أماناً يطمئنون إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول لهم: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله فهو آمن. ومن جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو آمن. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن: فقال عباس: يا رسول الله، أبو سفيان

ابن

عمنا وأحبَّ أن يرجع معي، فلو اختصصته بمعروف. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» . فجعل أبو سفيان يستفقه ودار أبي سفيان بأعلى مكة، ومن دخل دار حكيم بن حزام وكف يده فهو آمن، ودار حكيم بأسفل مكة. وحمل النبي صلى الله عليه وسلم عباساً على بغلته البيضاء التي كان أهداها إِليه دِحْية الكلبي رضي الله عنه. فانطلق عباس بأبي سفيان قد أردفه، فلما سار عباس بعث النبي صلى الله عليه وسلم في إثره فقال: أدركوا عباساً فردوه عليّ، وحدَّثهم بالذي خاف عليه، فأدركه الرسول، فكره عباس الرجوع وقال: أيرهب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع أبو سفيان راغباً في قلّة الناس فيكفر بعد إِسلامه؟ فقال: إحبسه فحبسه. فقال أبو سفيان: أغدراً يا بني هاشم؟ فقال عباس: إنا لسنا نغدر، ولكن لي إليك بعض الحاجة. قال: وما هي؟ أقضيها لك. قال: تُفادها حين يقدم عليك خالد بن الوليد، والزبير بن العوام. فوقف عباس بالمضيق دون الأراك من مرّ، وقد وعى أبو سفيان منه حديثه. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل بعضها على إثر بعض، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل شطرين: فبعث الزبير، وردفه خيل بالجيش من أسْلَم وغفار وقضاعة. فقال أبو سفيان: رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يا عباس؟ قال: لا ولكن خالد بن الوليد. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه بين يديه في كتيبة الأنصار. فقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحلُّ الحرمة. ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة الإِيمان: المهاجرين والأنصار. فلما رأى أبو سفيان وجوهاً كثيرة لا يعرفها فقال: يا رسول الله، أكثرت أو اخترت هذه الوجوه على قومك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 201

«أنت فعلتَ ذلك وقومُك، إنَّ هؤلاء صدّقوني إذ كذبتموني، ونصروني إذ أخرجتموني» - ومع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ الأقرع بن حابس، وعباس بن

مرداس، وعُيينة بن حصن

بن الفَزاري - فلما أبصرهم حول النبي صلى الله عليه وسلم قال: من هؤلاء يا عباس؟ قال: هذه كتيبة النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذه الموت الأحمر هؤلاء المهاجرون والأنصار. قال: إمضِ يا عباس، فلم أرَ كاليوم جنوداً قطُّ ولا جماعة. فسار الزبير في الناس حتى وقف بالحَجُون، واندفع خالد حتى دخل من أسفل مكة فلقيه أوباش بني بكر فقاتلوهم، فهزمهم الله عز وجل، وقُتلوا بالحَزْوَرة حتى دخلوا الدور، وارتفع طائفة منهم على الخيل على الخَنْدَمة، واتبعه المسلمون، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس، ونادى منادٍ: من أغلق عليه داره وكف يده فإنه آمن، ونادى أبو سفيان بمكة: أسلموا تسلموا، وكفَّهم الله عز وجل عن عباس: وأقبلت هند بنت عتبة فأخذت بحلية أبي سفيان ثم نادت: يا آل غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق. قال: فأرسلي لحيتي، فأقسم بالله إن أنت لم تسلمي لتضربنَّ عنقك. ويلكِ جاء بالحق فادخلي أريكتك، - أحسَبُهُ قال -: واسكتي. قال الهيثمي: رواه الطبراني مرسلاً وفيه: ابن لِهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف. انتهى. وأخرجه أيضاً ابن عائذ في مغازي عروة بطوله كما في الفتح، وأخرجه البخاري عن عروة مختصراً؛ والبيهقي كذلك.

ص: 202