الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: لمَّا رأت الروم - أي يوم وقعة تكريت - أنهم لا يخرجون خرجة إلا كانت عليهم ويُهزَمون في كل ما زاحفوهم؛ تركوا أمراءهم، ونقلوا متاعهم إلى السفن، وأقبلت العيون من تغلب وإياد والنَّمِر إلى عبد الله بن المُعْتَم بالخبر، وسألوه للعرب السِلم، وأخبروه قد استجابوا له، فأرسل إليهم إن كنتم صادقين بذلك فاشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقروا بما جاء من عند الله، ثم أعلمونا رأيكم، فرجعوا إليهم بذلك، فردوهم إليه بالإِسلام. فذكر القصة.
دعوة عمرو بن العاص في وقعة مصر
وأخرج ابن جرير من طريق سيف عن أبي عثمان عن خالد وعبادةَ رضي الله عنهما، قالا: خرج عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر بعدما رجع عمر إلى المدينة، حتى انتهى إلى باب ألْيُون وأتبعه الزبير فاجتمعا رضي الله عنهما، فلقيهم هنالك أبو مريم - جاثِليق مصر - ومعه الأسقُف في أهل النيّات، بعثه المَقوقِس لمنع بلادهم. فلمّا نزل بهم عمرو رضي الله عنه قاتلوه، فأرسل إليهم: لا تعجلون لنعذِر إليكم وتَرْون رأيكم بعد؛ فكَفُّوا أصحابهم لأرسل إليهم عمرو: إنِّي بارز فليبرز إليّ أبو مريم وأبو مريام، فأجابوه إلى ذلك، وامن بعضهم بعضاً. فقال لهما عمرو: أنتما راهبا هذه البلدة فاسمعا: إنَّ الله عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأمره به، وأمرنا به محمد صلى الله عليه وسلم وأدّى إلينا كل الذي أُمر به. ثم مضى - صلوات الله عليه ورحمته - وقد قضى الذي عليه وتركنا على الواضحة. وكان مما أمرنا به الإِعذارُ إلى الناس، فنحن ندعوكم إلى الإِسلام، فمن أجابنا إليه فمثلنا، ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية، وبذلنا له
المَنعَة، وقد أعلمنا أنا مفتتحوكم، وأوصانا بكم حفظاً لرَحِمنا فيكم، لأإن لكم إِن أجبتمونا بذلك ذِمةً إلى ذمة. ومما عهد إلينا أميرنا: إستوصوا بالقبطيين خيراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصنا بالقطيين خيراً، لأن لهم رَحِماً وذمة. فقالوا: قرابة بعيدة لا يَصِلُ مثلَها إلا الأنبياء، معروفة شريفة كانت إبنةَ ملكنا وكانت من أهل مَنْف والملك فيهم؛ فأُديل عليهم أهل عين شمس فقتلوهم وسلبوا ملكهم واغتربوا؛ فلذلك صارت إلى إبراهيم عليه السلام، مرحباً به وأهلاً، آمِنَّا حتى نرجع إليك. فقال عمرو: إنَّ مثلي لا يُخدع ولكني أؤجلكما ثلاثاً لتنظرا ولتُناظِرا قومكما، وإلا ناجزتكم. قالا: زِدْنا. فزادهم يوماً. فقالا: زِدْنا فزادهم يوماً. فرجعا إلى المقوقِس فهمَّ، فأبى أرطبون أن يجيبهما وأمر بمناهدتهم،
فقالا
لأهل مصر: أمَّ نحن فسنجهد أن ندفع عنكم ولا نرجع إليه، وقد بقيت أربعة أيام فلا تصابون فيها بشيء إلا رجَونا أن يكون له أمان. فلم يفجأ عَمْراً والزبير إلا البياتُ من فَرقَبْ، وعمرو على عُدَّة، فلقوه فقتل ومن معه ثم ركبوا أكساءهم، وقصد عمرو، والزبير رضي الله عنهما لعين شمس.
وأخرج الطبري أيضاً عن أبي حارثة، وأبي عثمان قالا: لمَّا نزل عمرو رضي الله عنه على القوم بعين شمس قال أهل مصر لملكهم: ما تريد إلى قوم فَلُّوا كسرى وقيصر وغلبوهم على بلادهم؟ صالحِ القوم واعتقد منهم، ولا تعرض لهم ولا تعرِّضنا لهم، وذلك في اليوم الرابع، فأبى وناهدوهم، فقاتلوهم وارتقى الزبير سورها، فلما أحسُّوه فتحوا الباب لعمرو رضي الله عنه وخرجوا إليه مصالحين. فقبل منهم ونزل عليهم الزبير رضي الله عنه عَنْوة.