الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبر سُهيل بن عمرو معه عليه السلام وشروط صلح الحديبية
قال مَعْمر: فأخبرني أيوب عن عِكرمة: أنه لما جاء سُهَيل بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد سُهّل لكم من أمركم» . قال معمر: قال الزُّهْري في حديثه: فجاء سهيل فقال: هاتِ فاكتب بيننا وبينكم كتاباً. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أكتب:«بسم الله الرحمن الرحيم» .
فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو؟ ولكن أكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا باسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أكتب: «باسمك اللَّهم» ، ثم قال:«هذا ما قاضَى عليه محمد رسول الله» . فقال سهيل: والله لو كنَّا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن أكتب: محمد بن عبد الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والله إنِّي لرسول الله وإن كذبتموني، أكتب: محمد بن عبد الله» . - قال الزُهري: وذلك لقوله لا يسألوني خطَّة يعظِّمون فيه حرمت الله إلا أعطيتهم إياها -. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «على أن تُخلُّوا بيننا وبين البيت فنطوف به» . قال سهيل: والله لا تتحدَّث العرب أنا أُخِذنا ضَغْطة، لكنَّ ذلك من العام المقبل، فكتب. فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منَّا رجل وإن كان على دينك إلَاّ رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله، كيف يُردُّ إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟.
قصة أبي جَنْدل رضي الله عنه
فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جَنْدل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنه يرسُف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل: هذا يا محمد - أول من أُقاضيك عليه أن ترده إليّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنَّا لم نَقْصِ الكتاب بَعْدُ» . قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً. قال النبي صلى الله عليه وسلم فأجزه لي. قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: بلى فافعل. قال: ما أنا بفاعل. قال مِكْرَز: بلى قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين، أردُّ إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا تَروْن ما قد لقيت - وكان قد عُذِّب عذاباً شديداً في الله - فقال عمر: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله
حقاً قال: بلى. قلت: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلِم نُعطي الدَّنِيّة في ديننا إذن؟ قال: «إنّي رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري» . قلت: أولستَ كنت تحدِّثنا أنَّا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟» قال: قلت: لا. قال: «فإنك آتيه ومُطَّوَّفٌ به» . قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقّا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: بلى قال قلت: فلِمَ نعطي الدنية في ديننا إِذن؟ قال: أيُّها الرجل، إِنَّه لرسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره فاستمسك بغَرْزه، فالله إنَّه على الحق. قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى. أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ فقلت: لا. قال: فإنك آتيه ومُطَّوَّفٌ به. قال عمر: فعملتُ لذلك أعمالاً. قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا» . قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلمَّا لم يقم منهم أحد دخل على أمِّ سَلَمة رضي الله عنها، فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت أمُّ سلمة: يا نبي الله،
أتحبُّ
ذلك؟ أخرج، ثم لا تكلِّم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدْنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلِّم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بُدْنه، ودعا حالقه فحلقه. فلمَّا رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كان بعضهم يقتل بعضاً غمَّاً. ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى:{ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا جَآءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَءاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْئَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (الممتحنة: 10) فطلَّق عمر يومئذٍ إمرأتين كانتا له في الشرك، فتزوّج