الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال له الوليد: هَلُمَّ - يا ابن أخي - إلى جوارك فَعُدْ. قال: لا. وأخرجه الطبراني عن عروة مرسلاً. قال الهيثمي: وفيه: ابن لهيعة.
تحمل مصعب بن عمير رضي الله عنه الشدائد
أخرج ابن سعد عن محمد العبدَري عن أبيه قال كان مصعب بن عمير فتى مكة شباباً وجمالاً وسبيباً، وكان أبواه يحبَّانه، وكانت أمه مليئة كثيرة المال تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وأرقّه، وكان أعطر أهل مكة، يلبس الحضرمي من النعال. فكنت يذكره ويقول:«ما رأيت بمكة أحداً أحسنَ لِة. ولا أرقَّ حُلَّة، ولا أنعمَ نعمة من مصعب بن عمير» فبلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإِسلام في دار أرقم بن أبي الأرقم فدخل عليه فأسلم وصدَّق به، وخرج فكتم إسلامه خوفاً من أمه وقومه. فكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سراً، فبصرُ به عثمان بن طلحة يصلِّي فأخبر أمه وقومه. فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوساً حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى، ثم رجع مع المسلمين حين رجعوا، فرجع متغيِّر الحال قد حرج - يعني غَلُظَ - فكفَّت أمه عنه من العذل.
تحمل عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه الشدائد ما لقي عبد الله من الأذى من ملك الروم وتقبيل عمر لرأسه حين قدم عليه
أخرج البيهقي، وابن عساكر عن أبي رافع قال: وجّه عمر بن الخطاب
رضي الله عنه جيشاً إلى الروم وفيهم رجل يقال له عبد الله بن حذافة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأسره الروم، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا له: إنَّ هذا من أصحاب محمد. فقال له الطاغية: هل لك أن تَنصرَّ وأشرِكَك في ملكي وسلطاني؟ فقال له عبد الله: لو أعطيتني ما تملك وجميع ما ملكته العرب، على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طَرْفة عين ما فعلت. قال: إذاً أقتلك. قال: أنت وذاك. فأَمر به فصُلب، وقال للرماة: أرموه قريباً من يديه، قريباً من رجليه، وهو يعرض عليه وهو يأبى. ثم أمر به فأنزل، ثم دعا بقدر فصبَّ فيه ماء حتى احترقت، ثم دعا بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما فألقي فيه وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى، ثم أمر به أن يُلقى فيها. فلما ذُهب به بكى، فقيل له: إنه قد بكى، فظنَّ أنه جزع فقال: ردّوه فعرض عليه النصرانية؛ فأبى. فقال: ما أباك إذاً؟ قال: أبكاني أني قلت في نفسي تُلقى الساعةَ في هذه القدر فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نَفْس تُلقى في الله. قال له الطاغية: هل لك أن تقبّل رأسي وأخلّي عنك؟ قال له عبد الله: وعن جميع أُسارى المسلمين؟ قال: وعن جميع أسارى المسلمين. قال عبد الله: فقلت في نفسي: عدوٌّ من أعداء الله، أقبّل رأسه يخلِّي عني وعن أسارى المسلمين لا أُبالي. فدنا منه فقبّل رأسه، فدفع إليه الأسارى. فقدم بهم على عمر رضي الله عنه، فأُخبر عمر بخبره؛ فقال عمر: حقٌّ على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ، فقام عمر فقبّل رأسه. كذا في كنز العمال. قال في الإِصابة: وأخرج ابن عساكر لهذه القصة شاهداً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما موصولاً، وآخر من فوائد، هشام بن عثمان من مرسل الزهري. انتهى.