الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبسة: فركبت راحلتي حتى قدمت عليه المدينة فدخلت عليه فقلت: يا رسول الله، أتعرفني؟ قال:«نعم، ألستَ أنت الذي أتيتني بمكة؟» قال قلت: بلى، فقلت: يا رسول الله، علمني ممَّا علمك الله وأجهل - فذكر الحديث بطوله. وهكذا أخرجه ابن سعد عن عمرو بن عبسة مطوّلاً، وأخرجه أيضاً أحمد عن أبي أُمامة عن عمرو بن عبسة - فذكر الحديث وفيه: قلت: بماذا أرسلك؟ فقال: «بأن تُوصل الأرحام، وتُحقَن الدماء، وتُؤمَن السبل، وتُكسر الأوثان، ويُعبد الله وحده لا يشرك به شيء» . قلت نِعْمَ ما أرسلك به وأُشهدُك أني قد آمنت بك وصدَّقتك، أفأمكث معك أم ما ترى؟ فقال:«قد ترى كراهة الناس لما جئتُ به فامكث في أهلك، فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجي فائتني» . وأخرجه أيضاً مسلم والطبراني وأبو نُعيم كما في الإصابة وبن عبد البَرِّ في الإستيعاب من طريق أبي أُمامة بطوله، وأبو نُعيم في دلائل النبوة (ص 86) .
دعوته صلى الله عليه وسلم لخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه
أخرج البَيْهقي عن جعفر بن محمد بن خالد بن الزُبير عن أبيه - أو عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان - قال: كان إسلام خالد بن سعيد ابن العاص قديماً وكان أول إخوته أسلم. وكان بَدْء إسلامه أنه رأى في المنام أنه وُقِفَ به على شفير النار
…
فذكر من سَعَتها ما الله أعلم به - ويرى في النوم كأنَّ أباه يدفعه فيها، ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بحَقْوَيه لئلا يقع، ففزع من
نومه فقال: أحلف بالله إنَّ هذه لرؤيا حق. فلقي أبا بكر بن أبي قحافة فذكر ذلك له، فقال: أُريد بك خيرٌ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم اتْبَعْهُ فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإِسلام، والإِسلام يحجُزُك أن تدخل فيها، وأبوك واقع فيها، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجْياد، فقال: يا محمد، إلامَ تدعو؟ قال:«أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يضر ولا يبصر، ولا ينفع ولا يدري مَنْ عَبدَه ممن لا يعبده» . قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإِسلامه.
وتغيّب خالد وعلم أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه فأُتي به فأنَّبه وضربه بمَقْرعة في يده حتى كسرها على رأسه، وقال: والله لأمنعنَّك القوت، فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به، وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه؛ كذا في البداية. وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق الواقدي عن جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان - فذكره وفي حديثه: وأرسل أبوه في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعاً مولاه فوجدوه، فأتوا به أباه - أبا أُحَيْحة - فأنَّبه وبكَّته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: أتبعتَ محمداً وأنت ترى خلافَه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيبهم من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق - والله - واتبعته، فغضب أبوه - أبو أحيحة - ونال منه وشتمه، ثم قال: إذهب يا لُكَعُ حيث شئت والله لأمنعنَّك القوت، قال خالد: فإن منعتني فإنَّ الله عز وجل يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلّمه أحدُ منكم إلا صنعت به
ما صنعت به، فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلزمه، ويكون معه. وأخرجه ابن سعد عن الواقدي عن جعفر بن محمد عن محمد بن عبد الله نحوه مطولاً. وهكذا ذكره في الإستيعاب من طريق الواقدي: وزاد: وتغيّب عن أبيه في نواحي مكَّة حتى خرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فكان خالد أول من هاجر إليه. وأخرج الحاكم أيضاً عن خالد بن سعيد أنَّ سعيد ابن العاص بن أمية مرض فقال: لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكة أبداً، فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللَّهمّ لا ترفعه، فتوفي في مرضه ذلك. وهكذا أخرجه ابن سعد.
دعوته صلى الله عليه وسلم لِضماد رضي الله عنه
أخرج مسلم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم ضِماد مكة - وهو رجل من أزْدِشَنوءَة - وكان يرقي من هذه الرياح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إنَّ محمداً مجنون فقال: أين هذا الرجل؟ لعلَّ الله أن يشفيَه على يديَّ، فلقيت محمداً فقلت: إني أرقي من هذه الرياح وإنَّ الله يشفي على يديَّ من شاء فهلمَّ؛ فقال محمد: «إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهدِه الله فلا مضلَّ له ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له» - ثلاث مرات -، فقال: والله لقد سمعتُ قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات، فهلُمَّ يدك
أبايِعْك على الإِسلام.
فبايعه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال له: وعلى قومك، فقال: وعلى قومي. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً فمرُّوا بقوم ضِمَاد، فقال: صاحب الجيش للسريَّة: هل أصبتم من هؤلاء القوم شيئاً؟ فقال رجل منهم: أصبت منهم مَطْهَرَة، فقال: ردَّها عليهم فإنهم قوم ضِمَاد. وفي رواية. فقال له ضماد: أعِدْ عليّ كلماتُك هؤلاء، فلقد بلغنَ قاموس البحر. كذا في البداية.
وأخرجه أيضاً النِّسائي والبَغَوي ومُسَدِّد في مسنده كما في الإِصابة. وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوّة (ص 77) من طريق الواقدي قال: حدّثني محمد بن سُلَيط عن أبيه عن عبد الرحمن العدوي قال: قال ضِمَاد: قدمت مكة معتمراً فجلست مجلساً فيه أبو جهل وعتبة بن ربيعة وأُميّة بن خَلَف، فقال أبو جهل: هذا الرجل الذي فرَّق جماعتنا، وسفَّه أحلامنا، وأضلَّ من مات، منا، وعاب آلهتنا؛ فقال أُمية: الرجل مجنون غير شكَ. قال ضماد: فوقعتْ في نفسي كلمتُه وقلت: إني رجل أعالج من الريح، فقمت من ذلك المجلس وأطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أُصادفه ذلك اليوم حتى كان الغد، فجئته فوجدته جالساً خلف المَقَام يصلِّي، فجلست حتى فرغ ثم جلست إليه فقلت: يا ابن عبد المطلب، فأقبل عليّ فقال: ما تشاء؟ فقلت: إنِّي أعالج من الريح، فإن أحببت عالجتك ولا تُكبِرنَّ ما بك فقد عالجت من كان به أشدّ مما بك فبرأ، وسمعت قومك يذكرون فيك خصالاً سيئة: من تسفيه أحلامهم، وتفريق جماعتهم، وتضليل من مات منهم، وعيب آلهتهم، فقلت: ما فعل هذا إلا
رجل به جِنَّة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله» . قال ضماد: فسمعت كلاماً لم أسمع كلاماً قطُّ أحسن منه فاستعدته الكلام فأعاد عليّ، فقلت: إلامَ تدعو؟ قال: «إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، وتخلع الأوثان من رقبتك، وتشهد أنِّي رسول الله» . فقلت: فماذا لي إن فعلت؟ قال: «لك الجنة» ، قلت: فإنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأخلع الأوثان من رقبتي وأبرأ منها، وأشهد أنَّك عبد الله ورسوله. فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُلِّمت سوراً كثيرة من القرآن، ثم رجعت إلى قومي. قال عبد الله بن عبد الرحمن العدوي: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه في سريّة وأصابوا عشرين بعيراً بموضع واستاقوها، وبلغ عليَّ بن أبي طالب أنَّهم قوم ضِمَاد فقال: ردّوها إليهم، فرُدَّت.
دعوته صلى الله عليه وسلم لُحُصَين والد عمران رضي الله عنهما
أخرج بن خُزَيْمةَ عن عِمران بن خالد بن طُلَيق بن محمد بن عمران بن حصين قال: حدثني أبي عن أبيه عن حهد: أن قريشاً جاءت إلى الحُصَين - وكانت تعظِّمه - فقالوا له: كلِّم لنا هذا الرجل فإنَّه يذكر آلهتنا ويسبُّهم، فجاؤوا معه حتى جلسوا قريباً من باب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أوسعوا للشيخ - وعمران وأصحابه متوافرون - فقال حُصين: ما هذا الذي بلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم، وقد كان أبوك حصينة وخيراً؟ فقال: «يا حُصَين، إنَّ أبي وأباك في