الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا نحن بجماعة فقلت لأبي: ما هذه الجماعة؟ قال: هذا الصابىء فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيُّها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا» . قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
وأخرج البخاري في التاريخ أبو زُرعة والبغوي وابن أبي عاصم والطبراني عن الحارث بن الحارث الغامدي رضي الله عنه قال: قلت لأبي ونحن بمنى: ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء اجتمعوا على صابىء لهم. قال: فتشرَّفتُ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى توحيد الله، وهم يردون عليه الحديث. كذا في الإِصابة.
وأخرج الواقدي عن حسانَ بن ثابت رضي الله عنه قال: حججت والنبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإِسلام وأصحابه يعذّبون، فوقفت على عمرَ يعذب جارية بني عمرو بن المؤمَّل، ثم ثبت على زِنِّيرة فيفعل بها ذلك؛ كذا في الإِصابة.
عرضه عليه السلام الدعوة على بني شَيْبان
وأخرج أبو نعيم في الدلائل (ص 96) عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أنْ يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منًى حتى دَفَعْنا إلى مجلس من مجالس
العرب، فتقدَّم أبو بكر فسلَّم - وكان أبو بكر مقدَّماً في كل حين وكان رجلاً نسّابه - فقال: ممَّن القوم؟ قالوا: من ربيعة. قال: وأيُّ ربيعة أنتم؟
…
فذكر الحديث بطوله؛ وفيه قال: ثم انتهينا إلى مجلس عليه السكينةُ والوقارُ، وإِذا مشايخُ لهم أقدار وهيئات، فتقدَّم: أبو بكر فسلم - قال علي: وكان مقدَّماً في كل حين فقال لهم أبو بكر: ممَّن القوم؟ قالوا: نحن بنو شَيْبان بن ثعلبة. فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأُمي ليس بعد هؤلاء من عزَ في قومه، وكان في القوم: مفروق بن عمرو، وهانىء بن قَبيصة، والمثنَّى بن حارثة، والنعمان بن شَريك. وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق بن عمرو، وكان مفروق قد غلب عليهم بياناً ولساناً، وكانت له غديرتان تسقطان على صدره. وكان أدنى القوم مجلساً من أبي بكر، فقال له أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ فقال له: إنَّا لنزيد على الألف ولن يُغلب ألف من قلة. قال: فكيف المنعَة فيكم؟ قال: علينا الجُهد ولكل قوم جَدّ. قال أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوِّكم؟ قال مفروق: إنَّا أشدُّ ما نكون غضباً حين نَلْقَى، وإِنَّا أشدُّ ما نكون لقاءً إذا غضبنا، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللِقَاح، والنصرُ من عند الله، يُديلنا مرة ويُديل علينا مرة؛ لعلك
أخو قريش؟ قال أبو بكر: إنْ كان بلغكم أنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فها هوذا. فقال مفروق: قد بلغنا أنَّهُ يذكر.
ثم التفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلامَ تدعو يا أخا قريش؟ فتقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس، وقام أبو بكر يظلِّله بثوبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أدعوكم إلى شهادة أنْ لا إله إلا الله وحده، وأني رسول الله، وأنْ تؤوني. تمنعوني، وتنصروني حتى أؤدي عن الله تعالى ما أمرني به، فإنَّ قريشاً قد تظاهرت على أمر الله، وكذَّبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد» . قال له: وإِلامَ تدعو أيضاً يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ
مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَاّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً} - إلى قوله تعالى - {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام: 151 - 153) فقال له مفروق: وإلامَ تدعو أيضاً يا أخا قريش؟ فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ولو كن من كلامه م لعَرفناه، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ} - إلى قوله تعالى - {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90) . فقال له مفروق: دعوتَ - والله - يا قرشي إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفِك قوم كذَّبوك وظاهروا عليك.
وكأنه أحبَّ أنْ يَشركه في الكلام هانىء بن قبيصة فقال: وهذا هانىء بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا. فقال له هانىء: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وصدَّقت قولك، وإِني أرى أنَّ تركَنا ديننا واتِّباعنا إياك على دينك لمجلس جلستَه إلينا ليس له أول ولا آخر لم نتفكر في أمرك، وننظر في عاقبة ما تدعونا إليه - زلّةٌ في الرأي، وطَيْشة في العقل، وقلة نظر في العاقبة، وإِنَّما تكون الزلَّة مع العَجَلة، وإِنَّ مِنْ ورائنا قوماً نكره أنْ نعقد عليهم عقداً. ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر.
وكأنَّه أحب أنْ يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا. فقال المثنى: قد سمعت مقالتك، واستحسنت قولك يا أخا قريش، وأعجبني ما تكلمت به، والجواب هو جواب هانىء بن قبيصة، إِنَّما نزلنا بين صِيرَين: أحدهما اليمامة، والأخرى السَّماوة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هذان الصِّيران؟ فقال له: أما أحدهما فطُفوف البر وأرض العرب، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى، وإِنما نزلنا على عهدٍ أخذه علينا كسرى أنْ
لا نُحدث حدثاً، ولا نؤويَ مُحدِثاً. ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه ممَّا تكرهه الملوك، فأمَّا ما كان مما يلي بلاد العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول، وأما ما كان مما يلي بلاد فارس فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول. فإن أردت أن ننصرك مما يلي العرب فعَلْنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أسأتم الردَّ إذْ أفصحتم بالصدق، إِنه لا يقوم بدين الله إلا مَنْ حاطه من جميع جوانبه» . ثم نهضت قابضاً على يد أبي بكر، ثم دفعنا إِلى مجلس الأوس والخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي رضي الله عنه: وكان صدُقاً صُبُراً - رضوان الله عليهم أجمعين -. كذا في دلائل النبوة لأبي نُعيم. وقال في البداية: رواه أبو نُعيم والحاكم والبيهقي، والسِّياق لأبي نُعيم - فذكر الحديث وفيه بعد قوله:«إنَّه لا يقوم بدين الله إلا مَنْ حاطه من جميع جوانبه» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أرأيتم؟ إِن لم تلبثوا إلا يسيراً حتى يمنحكم الله بلادهم وأموالهم، ويُفرشَكم بناتِهم، أتسبِّحون الله وتقدِّسونه؟» فقال له النعمان بن شريك: اللَّهمَّ وإِنَّ ذلك لك يا أخا قريش، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} (الأحزاب: 45، 46) ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضاً على يدي أبي بكر رضي الله عنه. قال علي رضي الله عنه: ثم التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا عليٌّ أيّةُ أخلاقٍ للعرب كانت في الجاهلية - ما أشرفها؟ - بها يتحاجزون في الحياة الدنيا» . قال: ثم دفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج؛ فما نهضنا حتى بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم قال علي: وكانوا صُدَقاء صُبَراء، فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من معرفة أبي بكر بأنسابهم. قال فلم يلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلا يسيراً حتى خرج إلى أصحابه فقال لهم:«احمدوا الله كثيراً» فقد ظفرت اليوم بناء ربيعة